علوم وتكنولوجيا

تعاون روسي ــ صيني في مجال الذكاء الاصطناعي

بعد القفزة التكنولوجية النوعية التي أحدثتها شركة DeepSeek في قطاع الذكاء الاصطناعي عبر نموذج قوي بتكلفة أقل بكثير من المنافسين الأميركيين الرائدين في هذا القطاع، تحرّكت روسيا باتجاه جارتها للاستفادة من هذه التقنيات، مع إعلان أكبر مصارف روسيا «سبيربنك» عن خطط تعاون مع باحثين صينيين في مشاريع الذكاء الاصطناعي.

وأكّد نائب مدير المصرف، ألكسندر فيدياخين، أنّ «سبيربنك» يخطّط لتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة مع باحثين من الصين، من دون الكشف عن الجهات التي سيتعاون المصرف معها بالتحديد.

شراكة إستراتيجية مجال الذكاء الاصطناعي بين موسكو وبكين

تأتي هذه الخطوة في ظل العلاقات الوثيقة بين روسيا والصين، اللتين تصفان شراكتهما بأنها «بلا حدود». لكن رغم نقاش الجانبين للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي لسنوات، إلا أنّه لا توجد شركات رسمية بين شركات الدولتين.

والجدير بالذكر أنّه منذ تولي جيرمان جريف رئاسة «سبيربنك»، تحوّل المصرف من مؤسسة مالية بيروقراطية تعود انطلاقاتها إلى العهد السوفياتي، إلى لاعب رئيسي في مجال الذكاء الاصطناعي. منذ إطلاقه نموذج GigaChat في عام 2023.

هل يشكل التحالف تهديداً للهيمنة الأميركية؟

من جهة أخرى. يتزامن التعاون الروسي ــ الصيني في وقت تتصاعد فيه المنافسة بين واشنطن وبكين على الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق. تعتبر الولايات المتحدة كل من روسيا والصين أكبر تهديد لها في هذا المجال. خصوصاً بعد الخسائر الفادحة التي تسبّبت فيها نجاحات DeepSeek في القيمة المالية لشركات التكنولوجيا الأميركية وعلى رأسهم «إنفيديا».

أما من جهة الصين وروسيا، فيساعد الغرب، بما يشكّله من تحدٍّ مشترك لهما، في تجاوز خلافاتهم الخاصة التي تحول دون التعاون الإستراتيجي على نطاق واسع بينهما في جميع المجالات، وأبرزها في قطاع الذكاء الاصطناعي الصاعد.

إلى جانب ذلك، دفعت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، موسكو إلى تعزيز شراكتها مع بكين التي وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالـ «حليف».

وعلى المقلب الآخر، ترى الصين مصلحة لها في التعاون إلى حدود معيّنة مع جارها الشرقي، وهي التي بدورها ترزح تحت وطأة سياسات العقوبات القصوى الأميركية. علماً بأنّ الرئيس الجديد، دونالد ترامب، يتوعّدها بتصعيد إضافي يتجاوز عقوبات سلفه جو بايدن.

عقبات وتحديات أمام روسيا بمجال الذكاء الاصطناعي

لكن في ظل العقوبات التي تعيق وصول روسيا إلى أحدث تقنيات الحوسبة الغربية. تواجه موسكو تحديات في تطوير بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي.

وعلى هذا الصعيد، تحتل روسيا المرتبة الـ 31 من بين 83 دولة في مؤشر تطور مجال الذكاء الاصطناعي. متأخرة عن الولايات المتحدة والصين وحتى عن بعض أعضاء مجموعة BRICS مثل الهند والبرازيل، وفقاً للتصنيف العالمي الصادر عن شركة Tortoise Media البريطانية.

إلا أنّ نائب مدير «سبيربنك» ألكسندر فيدياخين، اعتبر أن المقارنة بين نماذج DeepSeek وGigaChat MAX تظهر بأنّ النموذج الصيني متفوق في المهمات العلمية، بينما الذكاء الاصطناعي الروسي أكثر كفاءة في التطبيقات المصرفية.

وأضاف فيدياخين بأنّ تطلعات المصرف تتماشى مع إستراتيجية DeepSeek التي تركز على إيجاد حلول منخفضة التكلفة بدلاً من الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، مشيراً إلى أن هذا النموذج يطرح تساؤلات حول جدوى الاستثمارات الهائلة في مشاريع الذكاء الاصطناعي الأميركية.

الشفافية كمفتاح للنجاح؟

من جهة أخرى. أشاد فيدياخين بنهج الشركة الصينية الذي يعتمد على الشفافية. معتبراً أنه أحد أسباب نجاحها على عكس OpenAI التي تتبع سياسة أكثر سرية. كما أشار. إلى أن «سبيربنك» بدوره يعتمد سياسة مشابهة لسياسة DeepSeek بجعل منصاته مفتوحة المصدر. بما في ذلك النسخة الأساسية من نظامه GigaChat Lite، إلى جانب نموذج Kandinsky لإنشاء الصور من النصوص Hdqh.

هل تتناغم جهود المعسكر الشرقي؟

مع استمرار الضغوط الغربية على روسيا، خصوصاً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا واتباع سياسة عزل أكبر دولة في العالم. إلى جانب تصاعد الحرب التجارية الأميركية ــ الصينية. مع تسلّم إدارة ترامب الأكثر تشدداً في مقاربة العلاقة بين أكبر اقتصادين عالمياً. يتجه التحالف الروسي ــ الصيني إلى توسيع مروحة التعاون إلى ميدان الذكاء الاصطناعي. الذي تحوّل إلى الشريان الأساسي في شركات التكنولوجيا. ومنه تطمح الدولتان إلى كسر هيمنة الولايات المتحدة في هذا المجال. فهل يعمّق المعسكر الشرقي تحالفه أم تواجه كلّ من روسيا والصين الغرب بانفراد؟

صحيفة الأخبار اللبنانية

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى