تغيير قواعد «السحر الأسود»!
يندرج القمر الاصطناعي «هارب» ضمن برامج تسعى إلى تسخير مزايا الـ «ميناتشر ستلايتس» في جمع بيانات علميّة متنوّعة. وتعمل وكالة «ناسا» للفضاء ومجموعة كبيرة من الجامعات العالميّة والمؤسسات المختصّة، على استثمار الأقمار لمصلحة علوم الأرض، ودراسة دورات الإشعاع الشمسي، وتتبع انبعاث الموجات الميكرويّة من الأرض، ومراقبة الغيوم الجليديّة وغيرها. وفي الآونة الأخيرة
حصل «معهد ماساشوستس للتقنية» على تمويل لبرنامج «تروبكس» الذي يشمل إطلاق 12 «كيوبسات» مختصّة بدراسة هطول الأمطار وشدّة العواصف في الغلاف الجوي للأرض.
وربما باقتباس من سلسلة أفلام «هاري بوتر» الشهيرة، درج مهندسو الاتصالات في «الوكالة الوطنيّة (الأميركيّة) للفضاء والطيران» (اختصاراً «ناسا»)، على تسميّة الموجات الكهرمغناطيسيّة العالية التردد، التي تحمل إشارات الاتصالات اللاسلكيّة من الأرض وإليها، بمصطلح «السحر الأسود»، ما يحمل أيضاً إشارة إلى شدّة تعقيدها تقنيّاً وعلميّاً.
حتى الآن، كان الشكل المفضل لسكب «السحر الأسود» وإطلاقه في الفضاء، يتمثّل في صحن متّصل بدائرة هوائي الإلكترونيّة. وكلما كبر صحن الهوائي، يكون أفضل في «اصطياد» الإشارات اللاسلكيّة ونقلها لمسافات بعيدة.
وأحدثت أقمار «كيوبسات» تغييراً في الأمر، ذلك أنّها مصمّمة أصلاً لتكون خفيفة ورخيصة وصغيرة للغاية. إذ فرضت على مهندسي الاتصالات ابتكار سُبُل لحشر «السحر الأسود» في جهاز ضيّق، يخلو حتى من صحن الهوائي، وأشياء كثيرة أخرى.
ووصف ناصر شاهات المختصّ في تصميم الهوائي في «مختبر الدفع النفاث» الأمر بالكلمات التالية: «إنّها تشبه إشكالية سحب أرنب من قبعة الساحر، بمعنى أنّ تقليص حجم الرادار يشكّل تحديّاً لوكالة «ناسا»… وبوصفنا مهندسين فضائيّين، اعتدنا الحصول على مساحة كبيرة لتركيب أجهزتنا في المركبات، ما يعني أن حشر الهوائيات في حيز ضيّق ليس أمراً مألوفاً لدينا».
قبول التحدي
توصّل شاهات وفريقه إلى ضغط تصاميم الهوائي إلى أقصى حدٍ، بل أنجزوا مع فريق مختص بالـ «كيوبسات» لصنع هوائي للرادار هدفه دراسة المطر، في قمر «رين كيوب»، الذي صار مهمة اختباريّة – استعراضية للتكنولوجيا الجديدة. ومن المقرر إطلاقه في 2018، مع هوائي يشبه مظلة محشورة في عبوة صغيرة، وعندما تفتح، تمتد أضلاعها في شكل أسطواني فتصير كأنها شبكة معدنيّة.
وحفاظاً على صغر حجمه، يُشغّل الهوائي على ترددات عاليّة لم يسبق لـ «ناسا» استخدامها، لكنها مناسبة في شكل مثالي لـ «قمر المطر». وتشمل ميزاته أيضاً القدرة على نقل البيانات عبر مسافات طويلة، ما يجعله أداة مثاليّة لاتصالات الفضاء اللاسلكيّة ويصل معدّل نقل البيانات إلى ما يفوق الموجات المستخدمة تقليديّاً في «ناسا» بقرابة 16 ضعفاً.
صحيفة الحياة اللندنية