تل أبيب: إسرائيل يجِب ألّا تقود المعركة ضدّ إيران وعليها العمل لعدم نقل المعركة للمنطقة لأنّها تملُك أوراق الـ”نصر” ضدّ طهران بالمجال النوويّ والخليج
ما زالت قضية التوتّر في الخليج العربيّ بين الولايات المتحدّة الأمريكيّة والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران تطغى وبقوّةٍ على الأجندة السياسيّة والعسكريّة في كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي وفق كلّ المؤشّرات والدلائل والقرائن فشِل في إقناع إدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لإيران.
وعلى الرغم من ذلك، ما زال المُحلِّلون والخبراء ومراكز الأبحاث في الدولة العبريّة، ما زالوا يُحاوِلون سبر غور هذا التصعيد وهل سيقود في نهاية المطاف إلى حربٍ، كما يُريد صُنّاع القرار في تل أبيب وحلفائهم من العرب: السعوديّة والإمارات، وفي هذا السياق رأى المُحلِّل للشؤون العسكريّة، يوآف ليمور، أحد الأبناء المُدللين للمؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال، رأى أنّه لا يمكن أنْ نقطع النبأ عن الشراكة العمليّة لإسرائيل في الائتلاف المكافِح لإيران في الخليج العربيّ عن المعركة العامّة التي تُديرها إسرائيل ضدّ إيران في السنوات الأخيرة، على حدّ تعبيره.
وتابع ليمور، نقلاً عن محافل أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في تل أبيب، تابع قائلاً إنّ هذه المعركة التي بدأت في العقد الماضي بالكفاح لحرمان إيران من السلاح النوويّ، وانتقلت في السنوات الأخيرة إلى التركيز على منع تثبيت التواجد الإيرانيّ في سوريّة ومحاولات تقييد كمية ونوعية الوسائل القتالية التي تنشرها في المنطقة، ولا سيما لحزب الله، جعلت إسرائيل الخبيرة رقم 1 في العالم في المسألة الإيرانيّة، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه لا يدور الحديث عن بحثٍ نظريٍّ–جامعيٍّ، بل عن خبرةٍ عمليّةٍ تدمج الاستخبارات والعمليات في حالة يُعرِّفها جهاز الأمن بعبارة “المعركة ما بين الحربين”، كما قال في المقال الذي نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم).
وأشار إلى أنّ هذا الكفاح يتضمن، في جانبه شبه العلنيّ، عمليات وهجمات لا تحصى (رئيس الأركان السابق، غادي ايزنكوت تحدث عن أكثر من ألف عملية في عامي 2017 – 2018)، وفي جانبه الأقّل علنيّةً، أعمال استخبارية متفرعة تستهدف وضع إسرائيل خطوةً واحدةً على الأقل قبل الخصم الشيعيّ، ورأسه الإيرانيّ.
عملياً، تابع المُحلِّل الإسرائيليّ، السيطرة الاستخباريّة الإسرائيليّة في المنطقة كبيرةً لدرجة أنّ إسرائيل استغلّتها في مواقع أخرى، ففي السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية في سوريّة كانت إسرائيل المُتصدرّة في متابعة قوات “داعش” في سوريّة، أمّا الأيدي التي عملت فكانت في الغالب أيدٍ غربيّةٍ، ولكن المعلومات كانت غير مرة إسرائيليّة، كما شهد رئيس الموساد يوسي كوهن مرّات عدّة حين قال إنّ الاستخبارات الإسرائيليّة أنقذت حياة الآلاف في الشرق الأوسط وفي الدول الغربيّة، على حدّ زعمه.
وأردف ليمور قائلاً إنّ أجهزة الأمن الإسرائيليّة تُخاطِر في كشف أعمال عملياتية على الأجانب من غير الأمريكيين (وحتى هذا بتقنين)، بل وتنشط في الائتلاف الدوليّ لتكون سهمًا مرتدًا: بالضبط مثلما في حربيْ الخليج الأولى والثانية، ومن المتوقع من إسرائيل أنْ تجلس في الخلفية، مع العلم بأنّ النشاط العلنيّ من جانبها كفيل بأنْ يستغله الخصم، الإيراني تحديدًا، لغرض التخريب على الجهد الأساسيّ، وفق أقواله.
ومع ذلك، استدرك المُحلِّل، تعمل إسرائيل باستقلاليةٍ ضدّ أهدافٍ لا تُعرِّفها كأهدافٍ تُعرِّض أمنها القوميّ للخطر، ومثل هذه الهجمات تجري في سوريّة غالبًا، وقد تتجاوزها كما في الأسابيع الأخيرة حين علم مرتين بهجماتٍ خفيّةٍ (قرب مدينة تكريت في شمال العراق ومنطقة بغداد)، استهدفتا مخازن صواريخ للحرس الثوريّ الإيرانيّ، كانت مخصصة لنقلها إلى سوريّة عبر قوافل برية، بهدف الامتناع عن الهجمات على الإرساليات الجوية، وفي الحالتين ادعت وسائل الإعلام العربيّة بأن إسرائيل تقِف خلف الهجمات، أمّا إسرائيل ففضلّت عدم التعقيب على التقارير، أكّد المُحلِّل.
واختتم تحليله بالقول إنّه من المهم أنْ نذكر بأنّ إسرائيل، في صراعها ضدّ إيران، ليست حاملة العلم، ومن الجدير ألّا تكون، ليس في الصراع الحاليّ فحسب (حرية الملاحة والنشاط العسكرية في الخليج)، بل وفي الصراع الأوسع، أيْ ضدّ برنامجها النوويّ، وقدراتها الصاروخيّة ونشرها الإرهاب إلى دول المنطقة، مُضيفًا أنّه من الأفضل أنْ تُواصِل الولايات المتحدة قيادة الصراع، إلى جانب دول أخرى (على أمل أنْ تُبدي أوروبا تدخلاً أكبر بقليلٍ حتى في الأمور التي لا ترتبط مباشرة بذخائرها الاقتصاديّة)، مُشدّدًّا على أنّ دور إسرائيل هو المساعدة من الخلف، وبالأساس استخباريًا، والحرص على حفظ الردع في حدودها، لضمان ألّا ينتقل التوتّر في الخليج إلى الشرق الأوسط أيضًا، كما نقل عن مصادره الرفيعة في تل أبيب.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية