تل أبيب: التدّخل المصريّ المُفاجئ بسوريّة هو اعتراف سعوديّ ضمنيّ بفشل سياساتها لإسقاط الأسد
لا تألو إسرائيل جهدًا في محاولاتها لشيطنة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، ولا تذّخر جهدًا في وسائل تأليب الرأي العّام الغربيّ ضدّها وضدّ سياساتها المُعادية قولاً وفعلاً لإسرائيل والولايات المتحدّة وأيضًا الرجعية العربيّة، المتحالفة مع كلٍّ من واشنطن وتل أبيب. وفي هذا السياق لم يكُن لافتًا بالمرّة أنْ يقوم محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس″ تسيفي بارئيل بتناول انضمام مصر كلاعب جديد ومفاجئ على الساحة السوريّة، لافتًا إلى أنّ القاهرة حصلت على إذن من السعودية وروسيا لإجراء مفاوضات بين النظام والمليشيات في الغوطة الشرقية وفي شمال حمص، وقد تمّ وقف إطلاق النار.
وبحسب بارئيل، فإنّ التدّخل المصري يعتبر مهمًا لإسرائيل، كونها تعمل على صدّ إيران، والأهّم من ذلك هو الحديث عن شراكةٍ إسرائيليّةٍ في الحرب على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء.
وأوضح المحلل الإسرائيليّ، نقلاً عن مصادره في تل أبيب، أنّ هذه الشراكة نشأت مع تولي السيسي لمنصبة في 2013، والذي أعلن عن دعم مصر للجيوش الوطنية من أجل حلّ الصراعات في المنطقة، وسمح بإجراء لقاءات في القاهرة بين رئيس الاستخبارات المصرية وبين علي مملوك، رئيس الاستخبارات السورية.
وشدّدّ بارئيل على أنّ لقاء مملوك برئيس الاستخبارات المصريّة تبعه العديد من اللقاءات في السنة الأخيرة بين شخصيات مصرية رفيعة وأخرى سورية. ووفق الكاتب، في الأسبوع الأخير وصل وفد من المسؤولين ورجال الأعمال المصريين للمشاركة في معرض دمشق الدوليّ، ممّا استدعى وزير الخارجية السوريّ وليد المعلم للثناء على المشاركة المصرية في المعرض.
ولفت المُحلل بارئيل إلى أنّ مشاركة الوفد المصري في المعرض لا تعتبر فضولًا تجاريًا، وإنمّا رسالة سياسية واضحة، سياسة الرئيس السيسي الذي يؤيد بقاء الأسد في الحكم خشية من انهيار سوريّة، على حدّ تعبيره.
وتابع قائلاً إنّ السعودية عاقبت مصر بسبب دعمها في الأمم المتحدة لمشروع القرار الروسيّ، حيث أوقفت تزويدها بالنفط الرخيص، هذه الخطوة أجبرت مصر على البحث عن مصادر جديدة توفر لها النفط بأسعار السوق في هذه الأثناء، توطدت العلاقة بين مصر وروسيا.
ورغم الصداقة التي تجددت بين مصر وواشنطن عند تولي الرئيس دونالد ترامب زمام الحكم، ولكن روسيا والولايات المتحدة لن تشكل البديل للعلاقة السياسية والاقتصادية التي تربط بين مصر والسعودية وللمصالحة بينهما.
التغيير بدأ، وفقًا للمحلل الإسرائيليّ، عندما انضمت مصر للسعودية والإمارات في فرض العقوبات على قطر، التحالف الأهم بالنسبة للسعودية من الشأن السوري، إضافةً إلى اعتراف السعودية بعدم مقدرتها على حسم عسكري في سوريّة، وأنّ المليشيات التي تعمل ضدّ الأسد لن تنجح، وسياسة السعودية أيضًا لم تنجح في وقف التدخل الإيراني في سوريّة.
وساق قائلاً إنّه على خلفية الحلف الإيراني التركي الروسي، فلا يوجد للسعودية أو الولايات المتحدة أي دور، لذا، قررت السعودية تغيير الإستراتيجية، ففضلّت الدفع بمصر على التدخل التركي، وبالتأكيد التدخل الإيرانيّ، على حدّ قوله.
ورأى أنّه من ناحية روسيا هذا يشكل تطورًا مهمًا، لأنّ مصر عندما تعمل على استئناف التطبيع بينها وبين سوريّة وتحسين العلاقة الدبلوماسية والاقتصادية معها، فهذا يعني إعطاء الشرعية الرسمية المصرية، وبعد ذلك العربية لنظام الأسد، وبهذا تستطيع مصر سحب البساط من تحت أردوغان الذي يريد أنْ يكون المهيمن على الوضع السوريّ، بل إنّ ذلك يوفر لسوريّة البديل العربي للعلاقة الحصرية مع إيران، على حدّ قوله.
وخلُص المُحلل الإسرائيليّ إلى القول إنّه من المبالغ فيه التقرير الآن بأنّ دور وتدّخل إيران في سوريّة سيتبدد بسبب التدّخل المصريّ، فالنظام في سوريّة مدين ببقائه لإيران وروسيا، جزم بارئيل.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية