تل أبيب: الحرب المُباشِرة مع إيران وحليفاتها مسألة وقت فقط ولبنان وسوريّة والعراق وغزّة سيدفعون ثمنًا باهظًا ولا نثِق بواشنطن ويجِب التنسيق المُسبَق مع موسكو
قالت ورقةٌ بحثيّةٌ صادِرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، قالت إنّ القادة العسكريين والسياسيين في إسرائيل حذّروا من احتمال حدوث مواجهةٍ عسكريّةٍ كبيرةٍ مع إيران، والتي تريد ردع إسرائيل عن عرقلة محاولاتها لبناء قواعد عسكريّةٍ في سوريّة والعراق وبناء مصانع يستطيع فيها (حزب الله) تحويل ترسانته الضخمة الصواريخ إلى صواريخ دقيقةٍ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ هذا التهديد هو أكثر حدّةً في ضوء الفشل الأمريكيّ بالردّ على الاستفزازات الإيرانيّة الأخيرة في الخليج، وبالتالي، أكّدت الدراسة، يتحتّم على الدولة العبريّة أنْ تتبنّي نهجًا إستراتيجيًا جديدًا وقويًا لمواجهة هذا التهديد، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبالتشاور مع روسيا، على حدّ تعبيرها.
وتابعت الورقة البحثيّة قائلةً إنّ الخبراء العسكريين والإستراتيجيين بتل أبيب يؤكّدون بما لا يترِك مجالاً للشكّ بأنّ الهجوم العسكريّ الإيرانيّ على إسرائيل هو مجرد مسألة وقت، مُضيفين أنّ الضعف الإستراتيجيّ الأمريكيّ، كما اتضح من فشلها في الردّ على سلسلة الاستفزازات الإيرانيّة في الخليج، يُمكِن أنْ يُوفِّر فرصةً لهجومٍ إيرانيٍّ، يكون الهدف منه ردع إسرائيل عن ضرباتها المستمرّة على البنية التحتيّة العسكريّة التي تحاول إيران إقامتها في كلٍّ من سوريّة والعراق، على حدّ قول الدراسة الإسرائيليّة.
بالإضافة إلى ذلك، شدّدّت الدراسة على أنّ قرار الرئيس الأمريكيّ ترامب بالامتناع عن أيّ انتقامٍ من استفزازات إيران في الخليج، وحرصه على مقابلة الرئيس الإيرانيّ حسن روحاني في الاجتماع الأخير للجمعية العامّة للأمم المتحدة، ورغبته في رفع العقوبات الشديدة التي فرضها على إيران مقابل الاجتماع والمفاوضات المحتملة بشأن اتفاقٍ نوويٍّ جديدٍ، وقراره بالانسحاب من المناطق التي يُسيطِر عليها الأكراد بالقرب من الحدود التركيّة السوريّة، كلّ هذه الخطوات تُشّجع إيران على الاعتقاد بأنّ الولايات المتحدة ضعيفة وغير مستعدّةٍ لاستخدام القوّة ضدّ الاستفزازات العسكريّة أوْ الجهود الجديدة لتسريع السعي للحصول على أسلحةٍ نوويّةٍ، كما يعتقِد قادة الجمهوريّة الإسلاميّة أنّ واشنطن الآن هي حليف غير موثوق به ولن ينتقم بشدّةٍ من انتهاكات الاتفاقيّة النوويّة أوْ الهجوم على إسرائيل، قالت الدراسة.
وزعمت الدراسة أنّه من الواضِح أنّ إيران لن تُهاجِم إسرائيل مُباشرةً من أراضيها، لافتةً إلى أنّه من الأرجح أنْ تستخدم وكلاءها في المنطقة، مُضيفةً أنّه لحسن الحظ، فقدت إيران عنصر المفاجأة ضدّ إسرائيل لأنّها استخدمت بالفعل صواريخ من طراز (كروز) مُوجهّة بدقّةٍ ضدّ المنشآت النفطيّة في السعوديّة في الـ14 من أيلول (سبتمبر) الماضي.
وشدّدّت الدراسة على أنّ إسرائيل تستعِّد لإجاباتٍ دفاعيّةٍ وهجوميّةٍ على احتمال وجود صواريخ (كروز) إيرانيّة، وتنفيذ غارات بواسطة طائرات بدون طيّارٍ، وبالتالي، جزمت الورقة البحثيّة، يجب أنْ تتضمّن الإستراتيجيّة الإسرائيليّة عدّة عناصر أساسيّة: أولاً، يجب أنْ تكشف عن خطة إيران، ثانيًا، يجب أنْ تُهدِّد بالانتقام المباشر والواسع، وثالثًا أنْ تُوضِح بأنّ لبنان وسوريّة والعراق وغزّة سيدفعون ثمنًا باهظًا إذا تمّ الهجوم المُكثّف على إسرائيل من أراضيهم، كما شدّدّت الورقة البحثيّة بتل أبيب.
وأشارت الورقة إلى أنّه إذا تعرضّت إسرائيل لهجومٍ من الأراضي اللبنانيّة، فستُهاجِم لبنان بأكمله ردًا على ذلك، أيْ الجيش اللبنانيّ وحزب الله، والبنيّة التحتيّة، وينطبق الشيء نفسه على سوريّة، مُوضِحةً أنّ إسرائيل تُحاوِل إقناع الرئيس السوريّ بشير الأسد وروسيا بأنّه إذا تعرضّت إسرائيل لهجوم من سوريّة، فإنّ الأسد هو الذي سيدفع الثمن، وأنّ نظامه سيتعرّض للخطر.
وتابعت أنّ التنسيق مع واشنطن والتشاور مع موسكو، هما أمران مهمان للغاية، وعلى الرغم من الأخطاء الأمريكيّة في السياسة الخارجيّة وانشغال الإدارة بالانتخابات القادمة، يجِب على إسرائيل التشاور مع الإدارة بشأن ردود الفعل البديلة لهجومٍ إيرانيٍّ، وينبغي على تل أبيب أيضًا إقناع ترامب بإصدار تحذيرٍ بأنّ الهجمات على إسرائيل ستؤدّي إلى ردّ فعلٍ أمريكيٍّ شديدٍ، وبالمثل، ينبغي على إسرائيل إبلاغ روسيا بالإجراءات الإسرائيليّة المُحتملة بعد أيّ هجومٍ من جانب إيران، وخاصّةً من الأراضي السوريّة، قالت الورقة البحثيّة.
وأوضحت أنّ كلّ هذه المُكوّنات الإستراتيجيّة يُمكِن أنْ تخلق مستوى من الردع، أوْ على الأقّل تحُدّ من أضرار أيّ هجومٍ إيرانيٍّ مُحتملٍ، لكن بالنظر إلى الظروف المتغيرة في المنطقة، فإنّ أيّ هجومٍ محدودٍ قد يؤدّي إلى حربٍ كبرى لا يريدها أحد، على الأقل في الوقت الحاليّ.
وختمت قائلةً إنّه غالبًا ما يُهدّد قادة إيران العسكريين بإبادة إسرائيل أوْ على الأقل تدمير تل أبيب، وفي ضوء الاحتمال المُتزايِد للمواجهة العسكرية المباشرة بين الدولتين، من الأفضل للإسرائيليين أنْ يتذكّروا كلمات إيلي فيزيل: مِنَ الأفضل تصديق تهديدات أعدائنا من وعود أصدقائنا”.
صحيفة راي اليوم الألكترونية