تل أبيب: القنطار اغتيل كثأرٍ شخصيٍّ ولا بديل لسليماني ويجِب تصفيته وإسرائيل آثرت التأجيل خشيةً من إيران والآلاف شاركوا باغتيال (أبو جهاد) بتكلفة ملايين الدولارات
قال مُحلِّل الشؤون العسكريّة، ألون بن دافيد، إنّ إسرائيل هي إحدى الدول الوحيدة في الغرب التي يمكن فيها لرئيس وزراء أنْ يأمر بإعدام شخص ما دون أنْ يكون ملزمًا بأنْ يتشاور مع أيّ جهةٍ أخرى أوْ أنْ تُصادِق معه على القرار. وحتى بعد التنفيذ، لا تخضع معظم عمليات التطبيع للرقابة أو المتابعة البرلمانيّة، على حدّ قوله.
وكشف النقاب أنّ قرار تصفية الشهيد بهاء أبو العطا بالذات اصطدم بعائقٍ، ففي أيلول (سبتمبر)، بعد أنْ أطلق أبو العطا الصواريخ إلى أسدود وقطع مهرجانًا انتخابيًا لرئيس الوزراء، أمر نتنياهو بتصفيته، واستعد الجيش والمخابرات للتنفيذ، ولكن كان هناك في الجيش من سألوا إذا كان القرار بالتصفية كفيلاً بأنْ يؤدي إلى معركة لا يحتاج إلى قرار من المجلس الوزاريّ المُصغّر، وأكّد المستشار القضائيّ للحكومة بأنّه بالفعل مطلوب قرار (الكابينيت)، وبالتالي تأجلّت العملية.
ولفت المُحلِّل إلى أنّ ثمة أناس تمنحهم شخصياتهم ومؤهلاتهم وزنًا خاصًّا ليس للآخرين، والمثال الأبرز هو عماد مغنية، رئيس الأركان ورجل العمليات في حزب الله الذي اغتيل في دمشق في 2008، مُضيفًا: عيّن حزب الله ثلاثة أشخاص ليتولوا المناصب التي تولاها مغنية، وثلاثتهم معًا لا ينجحون في ملء الفراغ الذي خلفه ومنح المنظمة الجسارة، والحكمة والإبداعية التي كانت في مغنية، كما أنّ تصفية مؤسس (الجهاد الإسلامي( فتحي الشقاقي في مالطا في 1995 شكّل ضربةً وجد التنظيم صعوبة في الانتعاش منها.
بالمقابل، فإنّ تصفية زعيم حزب الله عباس موسوي في 1992 في لبنان جرّت عمليات ثأر جبت حياة أكثر من مائة إنسان، مُشدّدًا على أنّ أحدًا لم يتوقّع مُسبقًا بأنّ مكان موسوي سيأتي حسن نصر الله المليء بالكاريزما، والذي حوّل حزب الله من منظمةٍ إرهابيّةٍ إلى جيشٍ له دولة، كما أنّ، بحسب المُحلِّل، فإنّ محاولة التصفية الفاشلة لخالد مشعل في عمان في 1996 عظمت زعامته وجرّت أيضًا الإفراج الاضطراري عن زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين.
روأى بن دافيد، استنادًا لمصادره الرفيعة بتل أبيب، رأى أنّه من الصعب جدًا التقدير مسبقًا ما هي النتائج بعيدة المدى للتصفية، فالسواد الأعظم من العمليات تنفذ ضدّ (قنابل موقوتة) حقيقيّة، مثل أبو العطا أوْ المهندس يحيى عياش، أناسٌ يشكّل استمرار نشاطهم خطرًا جسيمًا وفوريًا ولا مفر من إزالة التهديد، حتى لو كان الثمن باهِظًا، كما قال.
وأشار إلى أنّ قلّةً من أصحاب القرار اعترفوا أمامه باستقامة لأنّ هناك أيضًا عمليات فيها وزن واضح لعنصر الثأر، هكذا كان في حالة القاتل سمير قنطار، الذي نُسِبت تصفيته لإسرائيل، وبعد تحريره في صفقة الأسرى عاد إلى نشاطٍ إرهابيٍّ في هضبة الجولان، ناقِلاً عن قادةٍ بالمؤسسة الأمنيّة بالكيان قولهم إنّ القنطار كان هدفًا شرعيًا تمامًا للتصفية، ولا يزال من الصعب تجاهل الرضا الذي في تصفية الحساب مع قاتلٍ خبيثٍ ولئيمٍ كالقنطار، كما أوضحت المصادر.
وأضاف بن دافيد أنّ علي حسن سلامة، رئيس منظمة “أيلول الأسود” ومخطط عملية الرياضيين في ميونخ، كسب هو أيضًا عن حقٍّ رحيله قبل الأوان. وكانت الصحافة وصفته بـ”الأمير الأحمر” بسبب أنهار الدم التي خلفها وراءه، وثمة من يقول إنّه كان يمكن له أنْ يقود الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة إلى مسارٍ آخر، مُضيفًا أنّ النقيض التام للعملية البسيطة في بيروت كانت عملية تصفية أبو جهاد، في 1988 في تونس، فقد بعث الجيش الإسرائيليّ في حينه بمئات المقاتلين في جيش من السفن إلى مسافة 3 آلاف كيلومتر، وكلّ هذا من أجل تصفية شخصٍ واحدٍ، آلاف الأشخاص شاركوا في العملية التي كلفت ملايين كثيرة، كما نقل عن مصادره واسعة الاطلاع بالمؤسسة الأمنيّة بتل أبيب.
واختتم مقاله بالقول إنّ الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق (القدس) في الحرس الثوريّ الإيرانيّ ، ينتمي إلى الصنف الضيّق للأشخاص الذين من المشكوك به أنْ يكون لهم بديل، فمَنْ أصبح مهندس الشرق الأوسط، الذي تنبش أذرعه في العراق وتطلق على إسرائيل الصواريخ من سوريّة، وَمَنْ يُزوِّد حزب الله ويُطلِق الصواريخ من اليمن، أصبح تهديدًا يتعين على إسرائيل أنْ تزيله، لافِتًا إلى أنّه في الماضي، وفقاً لتقارير أجنبيّةٍ، تخلّت إسرائيل عن فرصٍ لتصفيته، تخوفًا من ردّ الفعل الإيرانيّ، على حدّ تعبير التقارير، التي لم تنفِها إسرائيل.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية