جف … حبري ..!!!!؟؟؟
مررت من قربه .. كان جالساً على قارعة الطريق يمسح دمعه ، لم استطع أن أقاوم فضولي لمعرفة ما به …
سألته .. ما بك ؟؟!!
نظر إلي والدمع يحجز بيني وبين عينيه وقال :
فقدتها ؟؟!!
من ؟؟!!
خمسمئة ليرة .. كنت قد وضعتها في جيب بنطالي .. بعد أن بعت كل العلكة التي معي … سيعاقبني أبي .. وستحزن أمي .. !!
فقلت له مواسية :
لا تبك .. ابحث جيداً في ثيابك .. وحولك ..
فقال :
(( لقد بحثت منذ ساعة الى الآن .. ولم أجد شيئاً. أخاف العودة فارغ اليدين… أخاف نظرات أبي المشلول وهو يسألني كم جنيت اليوم بعد أن يأخذ من أخوي ما جنياه من بيع البسكويت والسكاكر تحت نظرات أمي المسكينة التي تعمل طوال اليوم خادمة في البيوت لتدفع آجار بيتنا … !!
أبي الذي أقعدته الحرب .. وأنا وأخوتي المتسولين لعلنا نجني لقمة طعامنا … لماذا ؟؟ لماذا خلقنا ؟؟!! ))
شلل .. عوز… فقر .. عمالة أطفال ..استعباد … ذل .. ظلم .. تسول برقي ..عجز .هذا ما خطر في بالي وأنا أسمع هذا الطفل الذي لم يتجاوز الاثني عشر عاماً يحكي لي قصته ببضع كلمات تختصر مأساة ملايين الناس في بلد هتكته الحرب … ودمرت كل مقومات الحياة الانسانية فيه …
لم أكن أنوي أن أكتب قصصاً سوداء .. ولكن بعض الواقع والحقيقة ولو باختصار شديد ، ضرورية بين الحين والآخر لننفض الغبار عن ضمائر اعتادت كثرة المصائب والمآسي والويلات ، حتى لم تعد تشعر بشيء .. سوى كلمة ..( يا حرام ) لتتابع طريقها وحياتها ، وكأن شيئاً لم يكن … ولتمحي من ذاكرتها مشهداً قد يقلق حياتها للحظات ..
جف .. دمي .. وأنا أسمع هذا الطفل ..
ولكن لن يجف حبري .. حتى تنتهي هذه الحرب .. وينتهي كل هذا الظلم ..!!!!!