خاص
يقع مسرح القباني في شارع 29 أيار في قلب مدينة دمشق، وهو مسرح عريق، ولكل منا حكاية معه أو مع عروضه، وهو اليوم متعب يحتاج إلى إنعاش، ولأنه كذلك، أحببت أن أتجول في ممراته بعد أن أصابني خناق صدري لنقص الأوكسجين في الصالة التي تقدم أحد العروض..
أول ما لفت نظري من الداخل هو باب الخروج القديم الذي يطل على شارع 29 أيار، وكان مغلقا، وكأنه أعد كمخرج للنجاة، ثم تجولت في الممر أراقب البوسترات القديمة لمسرحيات سعد الله ونوس وفواز الساجر وعبد اللطيف فتحي، وفي صدر الدرج النازل إلى المسرح صورة مهترئة لأبي خليل القباني بحجم رجل قصير القامة..
دققت في البوسترات لأتعرف على طواقم العمل فيها، فوجدت واحدا منها يتعلق بمسرحية للأطفال عرضت في 24 نيسان عام 2008 تحت اسم (عودة للحياة) تأليف وإخراج ميادة سليمان ابراهيم ، وبحثت عن الاسم في غوغل فلم أجد شيئا عنه..
أما بقية الفنانين المشاركين في المسرحية فكانوا في بداية الطريق عام 2008، أو ربما لم تكن الشهرة قد اختطفتهم بعد ، أما الآن فقد شقوا طريقهم إلى النجومية ، وصار دخل بعضهم السنوي يمول مديرية المسارح والموسيقى بما تحتاج ويزيد عن موزانتها الحالية، وسأدون بعض الأسماء الآن :
معتصم النهار ، كفاح الخوص، شادي مقرش، رغدة شعراني ، ميرنا معلولي ..
نعم هؤلاء أصبحوا نجوما الآن ، ولفتني اسما معتصم النهار وكفاح الخوص فقرأت عن أجرة الفنان معتصم النهار في مسلسل لعبة الحب التركي في نسخته العربية ، فإذا هو يتقاضى نحو مليون دولار واستغرق التصوير ستة أشهر، اللهم لا حسد، أي أنه تقاضى بالسوري على سعر البنك المركزي أكثر من 13 مليار ليرة سورية، وعن دوره في المسرحية التي تحدثت عنها أعتقد أنه لم يتقاضى أكثر من 5 آلاف ليرة ، وربما أبالغ في الرقم .
لاتهم المقارنة، لكن الهام هنا أن الفنان المبدع معتصم النهار أصبح نجماً، وكذلك الفنان الأستاذ كفاح الخوص، وغيرهما من الأسماء، وبالتالي نحن أمام مسؤولية أمام احتضان المواهب، وأيضا أن نعمل على تقديرها حق قدرها، فالدخل الذي تجنيه بعض الدول من الثقافة والفن أكبر من موارد النفط، فيما نحن في الآونة الأخيرة لم نعد نهتم بأحد، ولايستطيع المسؤول في الجهات المعنية تقديم أكثر من ثمن عدة فراريج لدور في مسرحية، وكلنا يعرف ظروف البلد، ولا مزاودة على أحد، ولكن هناك شيء يضيع من بين أصابعنا ، اسمه الخبرة والإبداع والفن والثقافة، وضياعها هو خسارة وطنية ، ويكفي أن أطلب منكم أن تسألوا كم يتقاضى المحاضر في وزارة الثقافة على المحاضرة التي يلقيها في إحدى القاعات التابعة لها، ومضمون الفكرة أنه آن الأوان لإعادة النظر بهذه التفاصيل، وإلا سأطلب من تيم حسن ومعتصم النهار وقصي خولي أن يتكفلوا بمصاريف الثقافة بدفع 5% من دخلهم !
خرجت من مسرح القباني حزينا ، هل يمكن للهواة الآن أن يجدوا طريقا للمستقبل، وهل معاناة نجومنا ايام زمان أهلتهم للصعود إلى مجد الفن والمال، أم هي المصادفة ؟!
إنه مجرد سؤال !
بوابة الشرق الأوسط الجديدة