حرب الظلال تنتقل لمعركةٍ مفتوحةٍ
الحرب المفتوحة في جميع المجالات بين دولة الاحتلال والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، نتتقِل من الظلال إلى حرب الشاملة: فقد بات واضحًا وجليًا أنّ إسرائيل تخشى من ردّ فعلٍ إيرانيٍّ حقيقيّ وفوريٍّ، بحسب ما أكّدته المصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب للقناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، التي أضافت أنّ أجهزة الأمن الإسرائيليّة ترصد محاولة جدية من إيران لاستهداف إسرائيليين في تركيا على المدى القريب، مُشدّدّةً على أنّ هذا الأمر هو الذي دفع أن مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ إلى تشديد التحذيرات من السفر إلى تركيّا.
وتابعت المصادر ذاتها، وفق القناة الـ12، تابعت قائلةً إنّ مسؤولين أمنيين إسرائيليين قاموا بإجراء محادثاتٍ هاتفيّةٍ مع نحو 100 مواطن إسرائيلي يتواجدون في تركيا، وحذروهم بشكلٍ شخصيٍّ من خطر التعرض لهجوم إيراني، وطالبوهم بالعودة فورًا إلى تل أبيب، وذلك بعد أنْ توصلت الأجهزة الأمنيّة ذات الصلة بالكيان إلى نتيجةٍ مفادها أنّ جهات إيرانية اتخذت قرارًا باستهدافهم، كما قالت.
وأكدّ مراسل الشؤون العسكريّة في القناة الـ12، نير دفوري، أوضح أنّ تحذير مجلس الأمن القومي يؤكّد أنّ الخطر جدي ولا يزال قائمًا، وذلك في إطار المحاولات الإيرانيّة للردّ على اغتيال الضابط في الحرس الثوري الإيرانيّ، العقيد حسن صياد خدائي، قرب منزله بالعاصمة طهران، مطلع الأسبوع الماضي.
ويُشار في هذا السياق إلى أنّه حتى اللحظة لم تُعلن إسرائيل رسميًا مسؤوليتها عن اغتيال خدائي، الذي تمّت تصفيته يوم الأحد (22.05.22) من قبل عنصريْن مجهوليْن كانا يستقلان دراجةً ناريّةً وأطلقا عليه 5 رصاصات حينما كان يعتزم الدخول إلى منزله في شارع “مجاهدي الإسلام” بطهران ما أدى إلى مقتله.
ولكن التجاهل الإسرائيليّ لتحمّل المسؤولية لم يمنع الرقابة العسكريّة من إطلاق العنان للإعلام العبريّ للاحتفاء بمقتل خدائي، ولم تُعارِض قيام الإعلام باقتباس تقارير وأخبار يتّم نشرها في الصحافة الغربيّة، حيث قام إعلام إسرائيل على مختلف مشاربه باقتباس ما كشفه تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” بأنّ السلطات الإسرائيليّة أبلغت الولايات المتحدة أنها المسؤولة عن اغتيال خدائي، بهجوم بالرصاص شرق العاصمة طهران، يوم الأحد الماضي.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإنّ الحكومة الإسرائيلية أبلغت المسؤولين في البيت الأبيض، أنّ الضابط الإيرانيّ خدائي، كان يقود وحدة سرية في (فيلق القدس) بحسب الصحيفة. وعقب عملية اغتيال الشهيد خدائي، تداولت وسائل الإعلام العبريّة مزاعم حول مخططات خدايي لاستهداف إسرائيليين، ما شكل اعترافًا غير رسمي بمسؤولية الكيان عن عملية الاغتيال، علمًا أنّ سلطات الاحتلال قد امتنعت عن تبنّي العملية رسميًا.
على صلةٍ بما سلف، كشفت الأسبوع الماضي وسائل إعلام عبرية النقاب عن وجود توتر بين تركيا والاحتلال الإسرائيليّ رغم الجهود التي تُبذل مؤخرًا للتقارب بين الطرفين، وعلى الرغم من زيارة وزير الخارجيّة التركيّ إلى إسرائيل واجتماعه مع نظيره الإسرائيليّ، يائير لبيد.
وأفادت مراسلة الشؤون السياسيّة في هيئة البث الرسمية الإسرائيليّة (كان)، غيلي كوهين، نقلاً عن مصادر وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، أفادت أنّ توترا طرأ في الأيام الأخيرة بين إسرائيل وتركيا، حول التدريب العسكري الذي يخطط جيش الاحتلال الإسرائيليّ لإجرائه خلال الأيام القادمة في قبرص، حيث ستجري الفرقة 98 بالجيش الإسرائيلي في إطار التدريب الضخم “مركبات النار”، تمرينًا واسعًا على الأراضي القبرصية، يشمل استخدام عدد كبير جدًا من الطائرات، وتواجد قوات الكوماندوز.
وذكرت المراسلة السياسيّة، نقلاً عن محافل رفيعة في دولة الاحتلال، ذكرت أنَّه في إطار الاستعدادات للتدريب، طُلِبَ من كيان الاحتلال تقديم توضيحات للأتراك الذي شعروا بقلق إزاء أهمية التدريب الواسع في الجزيرة الجارة.
وأشارت (كان)، التي اعتمدت على مصادر إسرائيليّة رفيعة المُستوى في تل أبيب، أشارت إلى أنّ “هذه ليست المرّة الأولى التي تجري فيها قوات الجيش الإسرائيليّ تدريبًا على الأراضي القبرصية، لكن مع التقارب المتجدد مع تركيا، في إسرائيل رغبوا بتوضيح الحساسية التي نشأت، ولذلك بعثوا رسائل حول الموضوع لكبار المسؤولين في تركيا، بأنّ الحديث يدور عن تدريبٍ عسكريٍّ، ولا يوجد للأمر أي بعدٍ آخر”، بحسب زعمها.
إلى ذلك، أشار مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) عاموس هرئيل إلى أنّ “معظم الاغتيالات المنسوبة لإسرائيل في إيران تمّ تنفيذها ضدّ خبراء متورطين في تطوير برنامج إيران النوويّ”، معتبرًا أنّ اغتيال “العقل المدبر لعمليات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية هو خطوة إلى الأمام في أسلوب العمل المنسوب لإسرائيل ضد إيران”.
وأضاف هرئيل أنّه “إذا تبين فعلاً أنّ إسرائيل تقف وراء عملية الاغتيال، فإنّ ذلك يشكل تعبيرًا آخر عن التغيير في الإستراتيجية الإسرائيلية لمواجهة إيران، والتي أعلن عنها رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، خلال الأشهر الأخيرة”.
وشدّدّ هارئيل، وهو أحد أهّم أبواق المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، شدّدّ على أنّ “التغيير الأساسيّ، بحسب بينيت، هو التركيز على استهداف (رأس الإخطبوط) في إيران بدلاً من المجموعات التي تعمل كمنظماتٍ تابعة لها في المنطقة، وذلك لحمل النظام الإيراني على إعادة النظر في هجماته”، على حدّ تعبيره.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية