حرب بالإنابة أمريكيّة إيرانيّة غير مُستَبعدة وربّما وشيكة على أرض العِراق
أن يقوم مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكيّ السبت بزيارةٍ سريّةٍ خاطِفةٍ إلى قاعدة “عين الأسد” العسكريّة في الأنبار، ويلتَقِي القادة الأمريكيين فيها، ودون إبلاغ السّلطات العِراقيّة مُسبقًا، فهذا يعكِس حالة قلق أمريكيّة غير مسبوقة من جرّاء تصاعُد الهجمات ضِد العسكريين والدبلوماسيين الأمريكيين في مناطق مُتعدّدة من العِراق، وسط تحذيرات من حُدوث ردود انتقاميّة يُمكن أن تقود إلى مُواجهاتٍ مُوسّعةٍ.
الزّيارة المذكورة التي قام بها بومبيو جاءت بعد هُجوم بعشرة صواريخ استَهدفت قاعدة “K1” العسكريّة الأمريكيّة قُرب مدينة كركوك، وأدّى إلى مقتل مدني أمريكي مُتعاقد وإصابة العديد من الجُنود الأمريكيين، وهذه هي المرّة الأُولى التي تشهد مِثل هذه الخسائر والإصابات في أوساط الجُنود والمُتعاقدين الأمريكيين مُنذ انسِحاب القوّات الأمريكيّة رَسميًّا في نِهاية عام 2011.
هذا الهُجوم من حيثُ توقيته، من المُرجّح أن تقف خلفه فصائل مُوالية لإيران حسب الاتّهامات الأمريكيّة، هو رسالة تحذير مُهمّة لواشنطن من خُطورة استمرار تدخّلها في الشّأن الداخليّ العِراقيّ، وإرسال “مُندسّين” لحرف الحِراك الشعبيّ عن أهدافِه وتوجيهه ضِد إيران وحُلفائها مثلما أكّد مصدرٌ كبير في الحُكومة العِراقيّة.
الهجَمات العشر السّابقة التي استهدفت القواعد العسكريّة والسّفارة الأمريكيّة في المِنطقة الخضراء كانت “تحذيريّة” الطّابع، ولم تكُن على الدّرجة نفسها من الدقّة مِثل هُجوم ليلة الجمعة الماضية، وتعمّد قتل وإصابة عسكريين أمريكيين، ممّا يُوحي بأنّ هذه الفصائل المُوالية لإيران انتقلت إلى “الخطّة B”، أيّ إعلان الحرب على الوجود العسكريّ الأمريكيّ في العِراق، لإجبار الرئيس ترامب على سحب ما يَقرُب من ستّة آلاف جُندي إيثارًا للسّلامة.
الإدارة الأمريكيّة توعّدت “بردٍّ حازم” على هُجوم كركوك هذا، ولكنّها لم تقُل أين ومتى سيكون، فهل سينعكِس على شكل غارات على مواقع “الحشد الشعبي”، وفصيليّ “عصائب أهل الحق”، و”حزب الله” العِراقي، المُتّهَمَين الرئيسيّين بالوقوف خلف الهجَمات الأخيرة؟
لا نَستبعِد هذا الاحتمال، لأنّ الأشهُر الأخيرة شهدت هجمات صاروخيّة وغارات جويّة “مجهولة” على قواعِد الحشد الشعبي في شِمال وغرب العِراق، وتحدّثت تقارير إخباريّة عن احتِمال وجود دولة الاحتِلال الإسرائيلي خلفها، وتِكرار هذا السّيناريو هو الأكثَر احتِمالًا.
اشتِعال “حرب بالإنابة” بين إيران والولايات المتحدة على أرض العِراق بات “قاب قوسين أو أدنى” ومِن المُؤكّد، وبحُكم التّجارب السّابقة، أنّ الولايات المتحدة قد تَخرُج منها الخاسِر الأكبر، لأنّ هذه الحرب لن تقتصر على استهداف القوّات الأمريكيّة في العِراق، وإنّما قد تمتد إلى تلك المُتواجِدة شرق الفُرات في سورية، وربّما القواعد والسّفن الحربيّة الأمريكيّة في الخليج.. واللُه أعلم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية