خفقة القلب ( 23)
القوة الحقيقية للقلم هي أنه يستطيع أن يقول ما يريد وقتما يريد أن يقول !هناك كلمات تكتب بالأصابع وتذوب في السطور ،وأخرى تكتب بالقلوب وتعيش في الصدور !يكتب قلمي الآن وهو يتلقى المعونة بسخاء من عينيها ،و يستمد دمه من عصارة المشاعر ومنابع القلب الصادق ، لم أكن أعرف أن لدي مثل هذا الرصيد من الذكريات.
انصتوا إلى كلماتي بعد أن استسلمت لذاكرتي وهي ترتمي فرحة على السطور ، تتقدم سريعاً وتسبق أصابع يدي ، هذا ما يخبرني به لسان قلبي : أنا وهي كالشمعة لو لم تعاشر الخيط ما أضاءت وما احترقت ! هي بجانبي كنهدين متجاورين من جذر واحد، لصدرها طعم التفاح الطازج ، ولأنفاسها رائحة خبز التنور، ولعرقها رائحة المسك والعنبر ،لا أدري من الذي يتحدث ؟ ومن الذي يصغي؟ أليس من ينصت بكل مشاعره هو كمن يتحدث ؟! تنام الأسئلة والأجوبة، نتكلم من خلال الصمت الفصيح ونقول الكلمات الخرساء دون وساطة الشفاه ! إنه حديث العيون والقلوب المسيطران على اللقاء.
أصابعي حاورتْ أصابعها وعانقتها ، تنتظر لأن تصل إلى كل مكان في جسدها، لتحكي لها حكاية عشق ، لتتحول إلى أفواه ناطقة. شلال من الذكريات تمر كالومض بخاطري ، كالغيم ترمي حمولتها ولا تتلفت للوراء! رحتُ أسأل ذاكرتي عن كل التفاصيل ، عن كل كلمة قالتها ، عن الثياب التي ترتديها ، عن المشاعر والأحاسيس.. الآن تذكرت أيضاً بعض ما حصل لي..ما أجمل لقاء الكف للكف ، أتحسسُ دفء جلدها وتتحسسُ برودة يدي..خضعتُ لنبض قلبي ووهبتها كل عواطفي ..قلبي ناداها.. دقاتُ قلبي حاورت دقات قلبها..دقات ساعة الحائط تعطي زمناً مزيفاً ، الحب يجعلنا نخرج من الزمن المتعارف عليه ، الزمن الحقيقي في خفقات القلب ونبض الإحساس.
أجد نفسي أحلّق في سماء خاصة من الخيال ،أحلّق فيها وكأنني أعيش في عالم آخر غير عالم البشر من حولي ، وفي سعادة لا تعكر الغيوم سماءها ! قلبها كتاب مفتوح أمامي ..روحها سكنتْ روحي .. طيفها استقر في الطابق الأخير من بناء جسدي.. حبها جرى في أوردتي وشراييني .. عطر أنفاسها استوطن تحت مسامات جلدي..أذناي تلتقط كلماتها ..هبّات حارّة تصعد إلى رأسي .. طيفها فرد ذراعيه وساقيه ونام في سرير قلبي..سبحان من أسرى حبها في أوردتي وشراييني وعروقي ومسامات جلدي .. وسبحان من أودع في قلبي ما يشغلني.