خفقة القلب (31)
ما أعذب اسمي بصوتها ، خيّل إليّ أنها المرة الأولى التي أسمع فيه اسمي ينطلق من قلب فتاة ، وكأنني أتعرف عليه لأول مرة في حياتي ! لصوتها جسد ورائحة وملمس وكل ما أحتاجه لأبقى على قيد الحب ، ليت صوتها يوضع في أقراص أو زجاجة دواء ويباع في الصيدليات لأشتريه كي أعيش، لأتناوله ثلاث مرات في اليوم ، مرة على الريق ،ومرة قبل النوم ،ومرة عندما يهجم الشوق عليّ أو عندما أصاب بوعكة عاطفية ، ابتسامتها تروي عطش البشرية كلها،كالمطر الذي يروي عطش الأرض كلها ، رائحة أنفاسها تسكن في نقطة عميقة في قلبي ، بات لي من شفتيها رحيق ، وفي عينيها بحر من المحبة الصافية تستحم فيه نفسي، أشعر بالأمان كما يشعر القمر والنجوم في قلب السماء ،فما أجمل أن يجد الانسان من يشاركه شجونه ويُشعره بأنه ليس شجرة وحيدة تنبت في صحراء كل ما فيها مشغول بنفسه عن الآخرين !
في كل يوم أشنّ عليها غارات العشق ،أقصفها بالقبلات وراجمات الحروف ومدافع الكلمات وقنابل العبارات ، أسقي شجرة الذكريات بالحنين والأشواق ، أفتح براد الذاكرة، أقلبّ محتوياته، أسترجع ذكرياتي معها في مخيلتي، أقوم بنزهة ممتعة في متحف وحدائق ذاكرتي، وأتجول في زواياها فأراها جالسة تنظر إليّ، أنظر إليها كسارق يسطو على تفاصيل حياتها وأحلامها، لا تلومونني إذا لم أطيل النظر إليها حين أكون معها، فأنا لا أريد للهيب الشوق في عينيّ أن يحرق أهداب عينيها !
لحظة شرود ذهني جعلتني أرى بقلبي ولا يراه غيري وأنقله للقارئ ليراه معي ويشعر به كمشهد حي ..أنا أصبحت ُ بحاجة إليها حاجة النحلة إلى الزهرة تكسب منها الرحيق الذي لا حياة لها إلا به ، وهي أصبحتْ بحاجة إليّ حاجة الزهرة إلى النحلة تكسب منها اللقاح الذي لولاه لظلّت زهرة عقيمة ! استوطنتْ أعماق قلبي ومنحتها أسراره..قلبي ودمي بحاجة إلى قلبها ودمها ، إذا غابت عني أشتاق إليها بصمت مؤلم، ازداد شوقي إليها كالغيوم المحملة بالقبلات والمطر، أفتحُ قلبي كلما عطش الشوق لأطمئن عليها ، أتركُ روحي تذهب للتجول في الأماكن التي تتواجد فيها ، أسير على غير هدى عبر الطرقات الضيقة..تقودني قدماي بلا وعي مني إلى هناك..إلى المكان المحبب إليّ ..إلى بيتها ، أبحث عن ضوء هارب من رحم غرفة نومها ، أتنهد وأتنفس بعمق وأجمع في رئتيّ ما يمكن جمعه من الهواء المحيط بمنزلها وأخزّنه في صدري ! أريد أن أراها كل يوم ، كل ساعة ، كل دقيقة، وكل لحظة ، وكل رفّة عين ، أريد أن أغطيها ليلاً بالقبلات كي تنام، أرى الدنيا بعيون جديدة وكأنني أرى الأشياء لأول مرة ، أحبها بجنون الحب،هي أغلى من سكن قلبي وفكري وروحي، عذبة الفؤاد والكلمات ، مورقة الفرح والابتسامات ، ندية الحروف والكلمات !