خفقة القلب 68
تبقى تحدثني .. تبقى تكلمني .. تبقى تسمعني .. تبقى كلماتها تتمشى في أذني.. وتبقى في بيت طاعة ذاكرتي ما دام قلبي يخفق ويملأ أوردتي وشراييني بالدم! هكذا عندما تعجز النفس عن لقاء من تحب ، فإنها تشتاق إليهم ولكن “بصمت مؤلم” ! فما أصعب أن تختنق الكلمات في مقبرة الحنجرة.
سأحمل نفسي على نسيانها ، وأرجو أن يعينني الله على ذلك ، والأمر لله وحده، فقد كنت أظن أنني أستطيع أن أحمل نفسي على الصبر على نسيانها ، فعجزت !! لا أستطيع أن أطرد حبها من خيالي وأرمي به إلى عالم النسيان، كيف سألقي بحبها وقد تغذى بدماء قلبي على مدى سنوات؟
لم أعرف للنسيان ساقين ومع ذلك يروح ويجيء كل يوم !هل يستطيع أحد أن يمنع الماء من البحث عن الفجوات العطشى في شرايين الأرض لترويها ؟
الذكريات الجميلة تُبكينا اشتياقاً لأصحابها ،ولا بدّ لي من أن أرّوح عن نفسي بقطرات من الدمع أضخّها مما تبقى لدي من ينابيع الدمع الجوفية ،علَّهّا تخفف من آلامي وحزني.
أحبها ..بكل الكلمات ..غير أني الآن نسيت ترتيب الكلام ..حللتُ خزعة من جدار قلبي لأعرف نسبة الحب المتبقية في دمي ..كانت كل الفحوصات التي أجريتها تشير إلى ارتفاع نسبة حبها في دمي ، مستوطن كما يستوطن السكر في مرضى السكري ، وصعب أن يهاجر منه.
أحبها..ما زلت أحتفظ بحبها معلباً في بكارته، وبداخلها عواطفي ومشاعري ومادة حافظة بحيث لا تنتهي صلاحية محتوياتها إلا بالموت ! حبها سكن في كياني وتغلغل في عروقي واختلط بدمائي.
أحبها.. أكتب هذه الكلمة في لحظة خروج من الزمن ..قلتها لها في الماضي وأقولها اليوم وغداً وبعد غد ..لا أريد لأحد أن يغتصب معنى هذه الكلمة!
أحبها.. بنداء من القلب ،وبنداء من العقل ..كل حواسي تصرخ بحبها .. حبها حريقاً في دمي ولهيباً في أنفاسي ونيراناً في قلبي .. حبي لها ملأ ما بين جوانحي فأصبحت أساهر الكواكب والقمر! أطوي قلبي على حبها من فوقه ومن تحته ومن حوله ، واقفاً أو قاعداً أو ماشياً أو مضطجعاً إلى أن أنام !حبي لها ليس جداراً مهترئاً ، ولا فخ عنكبوت يتحين نملة تائهة، حبها جاءني ولادة بعد المخاض، ولد لكي يعيش كباقي الكائنات الحية ، أشربتُ حبها روحي ، حتى خالط دمي ووصل إلى سويداء قلبي.