دافوس :اكتئاب الحرب و عصاب الايديولوجيا!!
رأى كاتب أمريكي أن منتدى دافوس المطبوع على التفاؤل بدا هذا العام مفعماً بكآبة تمتد للماضي. حيث حضرت مسببات الحرب العالمية الأولى (قتل الآرشدوق النمساوي)، كما حضرت حروب القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.واستخدمت سياسة ستالين في مصادرة المحاصيل من الفلاحين في الثلاثينيات من القرن الماضي. هذا التاريخ حضر في دافوس كتحشيد ضد روسيا، وكان تفعيلاً للكراهية ضدها. وبذلك يمكننا أن نؤيد وزيرة الدولة الباكستانية للشؤون الخارجية ( هنا رباني خار) والتي رأت أن (اللحظة الحالية خطيرة جداً بسبب تصاعد مشاعر الكراهية وتلاشي الحوار).
منذ البداية كان استبعاد روسيا والصين من منتدى هذا العام. إشارة قوية إلى أن المنتدى يعلن انحيازه إلى معسكر الغرب. وهذا ما يعكس صورة النخبة المجتمعة فيه باعتبارها ذراعاً فكرياً سياسياً اقتصادياً للغرب العسكري المنخرط في حرب شاملة ضد روسيا واجهتها أوكرانيا. بعيداً عن أي حوار مع الآخر. بل اعتمادا على تصنيفها كعدو يجب إضافه إلى أبعد حد كما قال وزير الدفاع الأمريكي في اجتماع أطلسي. أي أن المنتدى القائم على الحوار وتلاقح الأفكار وتفاعل الرؤى لم يحضر هذا العام في دافوس. الذي حضر هو (ساحة لاشتداد المنافسة الجيوسياسية على اسس الإيديولوجية) كما قال سمير ساران رئيس مؤسسة اوبزرفر للأبحاث ومقرها نيودلهي. وهكذا فإننا أمام ديمقراطية غربية تعلن الحرب على الأنظمة المختلفة عنها. الأمر الذي يجعل العالم وفق رؤية الغرب يعيش في ثنائيات متصارعة ويدفع بالدول الأخرى لتعيش في ظلال رمادية اقتصادية واجتماعية وسياسية. أي تجبرها على دفع ثمن هذه الصراعات من مقومات حياتها. فكم بقي من شعار المنتدى الباحث عن سبل تطوير الاقتصاد بما ينعكس على مستوى العيش والأمن والاستقرار لكافة المجتمعات.
غياب الآخر الروسي والصيني. عن منتدى دافوس هذا العام. اعدم الحوار وصارت فعالياته عبارة عن ترداد متبادل لكل ما يصب في شيطنة روسيا والصين. و ما يحشد ضدهما، كما غاب أي بحث في امكانيات الحل ووقف كارثة الحرب وتجنيب أوكرانيا وروسيا و أوروبا والعالم بلاوي الحرب. غياب السعي عن حل واعتماد التحشيد والشحن جعل من المنتدى أداة عسكرية و ريحاً تنفخ في نار الحرب وتستنفر الفعاليات الاقتصادية و الإعلامية والسياسية والتكنولوجية كلها لتشارك في الحرب والقتال.
وما زال الهدف أضعاف روسيا ومن ورائها الصين… المنتدى المؤهل بطبيعته الاصلية للبحث في السعي للحل تخلى عن هذه الطبيعة وارتدى عتاد الميدان وسن الأسلحة للحرب.
كم يحتاج العالم اليوم إلى البحث في السؤال الذي طرحه المستشار الألماني في دافوس (كيف يمكننا إنشاء نظام يمكن أن تتفاعل فيه مراكز القوة المختلفة جدا ًلصالح الجميع) ونجيب عن سؤال شولتز( أننا نستطيع إنشاء مثل هذا النظام بإحترام متطلبات كل بلد، وتلبيه هواجسه الأمنية، و طمأنته إلى استقراره وصون سيادته ومكانته وكرامته. لو فعل الغرب ذلك لما كنا نتحدث عن أزمة في أوكرانيا الآن.