دول الخليج تعتمد على محطات تحلية المياه لكن ليس دون ثمن
لدينا مياه، وهذا أهم شيء”، يقول عبدالله الحارثي في ميناء مدينة صور في سلطنة عمان، الدولة الخليجية التي تعتمد بشكل كبير على محطات تحلية المياه لكن بالنسبة لعُمان ودول الخليج الأخرى، التي تحتل الصحارى مساحات شاسعة من أراضيها، فإنّ الحصول على المياه العذبة من البحر يأتي بتكلفة مالية وبيئية عالية.
في صور، جنوب العاصمة مسقط، تتدفق المياه للسكان والشركات من محطة تحلية مياه كبيرة تخدم حوالى 600 ألف شخص وقال الحارثي لوكالة فرانس برس “في الماضي، كانت الحياة صعبة للغاية. كانت لدينا آبار وكان يتم توصيل المياه بالشاحنات”، لكن “منذ تسعينيات القرن الماضي، أصبحت المياه تمر عبر الأنابيب ولم يحدث أي انقطاع”.
إلاّ أنّ هذه الايجابيات، التي تستخدم وسائل الطاقة بكثافة متسبّبة بانبعاثات الكربون، ليست من دون تكلفة، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم وبحسب الامم المتحدة، فإن العام 2019 قد يكون واحدا من أكثر ثلاثة أعوام حرارة في التاريخ.
وهناك تأثير آخر: تقوم محطات تحلية المياه بإنتاج مياه مالحة عالية التركيز، أو ماء مملحا، غالبًا ما تتم إعادته إلى المحيط ويقول الباحثون إن أكثر من 16 ألف محطة لتحلية المياه حول العالم تنتج مواد سامة أكثر مما تنتج المياه العذبة.
في 2019، جاء في دراسة نشرتها مجلة “ساينس” أنّه في مقابل كل ليتر من المياه العذبة المستخرجة من البحر أو المياه المالحة، يُرمى ليتر ونصف ليتر من الطين المالح في البحر أو على اليابسة ويرفع كل هذا الملح الزائد درجة حرارة المياه الساحلية ويقلّل من مستوى الأوكسيجين الذي يمكن أن يتسبّب بـ”مناطق ميتة” بيولوجية والمادة فائقة الملوحة أكثر سما من المواد الكيميائية المستخدمة في عملية تحلية المياه.
وينتج جيران عمان الجزء الأكبر من الماء المالح، إذ يأتي أكثر من النصف من أربع دول فقط هي السعودية بنسبة 22 في المئة، والإمارات بنسبة 20 في المئة، وبنسب أقل من الكويت وقطر، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.
وبحسب معهد جامعة الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة ، فإن “إنتاج محلول ملحي في السعودية والإمارات والكويت وقطر يمثل 55 بالمئة من إجمالي الانتاج العالمي وقال المعهد إنّ هناك حاجة لاستراتيجيات جديدة “للحد من الآثار البيئية السلبية وتقليل التكلفة الاقتصادية”، ما من شأنه أن يساعد على “حماية إمدادات المياه للأجيال الحالية والمستقبلية”.
في محطة صور، “لا مواد كيميائية تقريبًا” خلال مرحلة ما قبل المعالجة إذ يجري تدفق المياه بشكل طبيعي من خلال شقوق الصخور، حسبما يقول ماهيندران سيناباثي، مدير العمليات في شركة فيوليا الفرنسية التي تدير المصنع إلى جانب شركة عمانية.
وهناك طرق أخرى لحماية إمدادات المياه العذبة، من تشجيع عملية التوفير، إلى إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وقال أنطوان فرير، الرئيس التنفيذي لشركة فيوليا، إن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي ستساعد في حل مشكلة ندرة المياه.
وأشار أيضًا إلى أنّ “المياه المعاد استخدامها أقل تكلفة”، أي أقل بمقدار الثلث تقريبًا من المياه المحلاة وتواصل السلطات العمانية تنظيم حملات تحث الناس على استخدام المياه بطريقة منظّمة، مع مراعاة أن المطالب الأخرى، وخاصة قطاع الطاقة، تضغط لاستخدام كميات كبيرة من المياه وفي جميع أنحاء الخليج، يتم استخدام كميات هائلة من المياه ليس فقط للمنازل والحدائق وملاعب الغولف، ولكن أيضًا لقطاع الطاقة الذي يعد مصدر ثروة المنطقة في كثير من الأحيان.
على حافة الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية، أكبر مساحة رملية في العالم، يقع حقل خزان للغاز الذي تديره شركة “بريتيش بتروليوم” وشركة النفط العمانية وقال ستيوارت روبرتسون، مدير العمليات في الموقع، إن الطريقة المستخدمة لاستخراج الغاز في هذه المنطقة تتطلب كميات هائلة من الماء ويتم توفير 6 آلاف متر مكعب من المياه من موقع لمياه جوفية على بعد 50 كلم.
ووفقا لتشارلز آيسلند من معهد الموارد العالمية، فإنّه كلّما جرى استخراج نفط أو غاز “كلما كانت هناك حاجة إلى ماء أكثر وذكر أنّه “من المتوقع أن يحتاج الشرق الأوسط إلى مزيد من الطاقة (…) لذا فإن الوضع سيزداد سوءًا لكنه استدرك “من ناحية أخرى، إذا تمكنوا من إنتاج الطاقة باستخدام تقنيات الطاقة الشمسية (…) فسيحدّ ذلك من المشكلة وقال آيسلند “تحتاج فقط إلى بعض المياه لتنظيف الألواح الشمسية”
صحيفة رأي اليوم الالكترونية