ديكتاتوريّة الفوقيّة اليهوديّة: قوانين عنصريّة أخطرها إعدام الأسرى وشرعنة قتل الاحتلال للفلسطينيين..
قبل عدّة سنوات، أحدث وزير الماليّة الإسرائيليّة، الفاشيّ بتساليئيل سموتريتش، ضجّةً عنصريّةً في كيان الاحتلال، عندما طلب من الطاقم الطبيّ في أحد مستشفيات مركز الدولة العبريّة نقل زوجته التي ولدت إلى غرفةٍ أخرى، لأنّ “شريكتها” في المكان كانت امرأةً عربيّةً فلسطينيّةً من أراضي الـ 48، ولم يُخفِ وقتذاك أنّ السبب في الطلب يعود لخلفيةٍ عنصريّةٍ.
ولكنْ يبدو واضحًا للجميع أنّ ما حدث آنذاك كان بمثابة مقدّمةٍ لما تُقبِل عليه إسرائيل، فالوزيرة أوريت ستروك، من حزب (الصهيونيّة الدّينيّة) بقيادة سموتريتش، قالت الأسبوع الفائت في مقابلةٍ مع الإذاعة العبريّة شبه الرسميّة (كان) إنّه من حقّ الطبيب، والقصد اليهوديّ، رفض تقديم العلاج للعرب لكونهم عربًا، على حدّ قولها.
وغنيٌّ عن القول إنّ الوزيرة، وهي مستوطنة في (كريات أربع) المتاخمة لمدينة الخليل بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، رفضت التراجع عن أقوالها رغم الضجّة التي أحدثتها، واضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لدفع ضريبةٍ كلاميّةٍ، لا تُسمِن ولا تُغني عن جوعٍ، والتوضيح بأنّ هذه الأقوال لا تُمثّل حكومته.
ولكن، يجب التشديد على أنّ الحكومة الجديدة قدّمت اقتراح قانون (التمييز)، الذي يمنع صاحب عمل من تقديم خدمة لشخص لأسباب تتعلق بالمعتقد الدينيّ.
في السياق رأى المُحلّل المُخضرم روغل ألفر في صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ نتنياهو يُخطِّط من خلال حكومته السادسة، التي انطلقت قبل عشرة أيّامٍ لتدمير جميع مؤسسات الكيان، وتحويل إسرائيل، بدعمٍ من الائتلاف الذي يدعمه، إلى مملكة إسرائيل الأولى القائمة على ديكتاتوريّة الفوقيّة اليهوديّة، فيما حذّر المحلل ناحوم بارنيع من صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة من أنّ المجتمع الصهيونيّ اليهوديّ بات منقسمًا على نفسه وإسرائيل ليس مكانًا للطمأنينة، بحسب تعبيره.
ويتبيّن من عمل الحكومة الجديدة أنّها تُصِّر على تنفيذ وعودها الانتخابيّة، فبعد موافقة الائتلاف الحكومي، سمحت الحكومة لرئيس حزب (عوتسما يهوديت) ايتمار بن غفير بالترويج لقانون (إعدام الأسرى الفلسطينيين)، منفذي العميات، الى جانب منح الحصانة لجنود جيش الاحتلال، تمهيدًا لطرح هذا القانون للتصويت عليه في الكنيست.
وجديرٌ بالذكر أنّه قبل يوم واحد من أداء حكومة نتنياهو اليمين، وافق الكنيست بكامل هيئاته على مشروع قانون عرف باسم (قانون بن غفير) الذي يصبح بموجبه بن غفير هو الذي يُحدّد سياسة شرطة الاحتلال وخطوطها العريضة، على أنْ يكون مفوض الشرطة، الذي يخضع أيضاً لأوامر وزير الأمن (بن غفير حالياً)، هو الذراع التنفيذي لهذه السياسة، وذلك بعد موافقة الكنيست على التعديلات في هذا القانون.
كذلك يمنح هذا القانون الحصانة لجنود جيش الاحتلال، وقد ادعى بن غفير أنّ “الوقت حان لمنح الجنود والشرطة الدعم وأنْ يركزوا على تصفية الإرهاب (المقاومة) دون خوف تحقيقات الشرطة”.
وهذا موضع قلق عبّرت عنه صحيفة (هآرتس) العبريّة التي “تخشى من تعرض الجنود للخطر بسبب قانون بن غفير، الذي يمنع محاسبة أوْ توقيف جنود على أعمال قاموا بها أثناء نشاطهم العسكريّ، ويطالب بتغيير أوامر إطلاق النار في جيش الاحتلال”، مُضيفةً أنّ هذا القانون هو أكبر هديّةً للفلسطينيين لأنّه يمنحهم الفرصة للتوجّه إلى محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي.
وبما أنّ الكيان يسير بخطىً واثقةٍ نحو الديكتاتوريّة، فكان لا بُدّ من سنّ (قانون درعي) الذي سمح لرئيس حزب “شاس” (رئيس حزب اتحاد اليهود الشرقيين) المُدان بقضايا جنائيّةٍ أنْ يتولى حقيبة وزارية (وزارة الداخليّة والصحة)، اذ لا يمنع هذا القانون الشخص الذي “تلقى حُكمًا مع وقف التنفيذ ولم يقضِ حقًا فترة في السجن” من أنْ يكون وزيرًا.
أمّا (قانون سموتريش)، فيدخل منصب وزير ضمن وزارة، اذ عُيّن بتسلئيل سموتريتش وزيرًا في وزارة الأمن الى جانب كونه وزيرًا للمالية، ويُتيح هذا المنصب المختلق تنسيق أنشطة الحكومة في مناطق الضفة الغربية المحتلّة بصلاحياتٍ واسعةٍ دون الحاجة الى الوصول لمنصب وزير حربٍ فعليٍّ.
كما يُطالِب بن غفير بتعديل (قانون الشاباك)، ما يجعل هذا الجهاز ضمن صلاحيات وزارته وتابع لها تحت ذريعة مواجهة ما يسمى (الجريمة في الوسط العربيّ)، فيما يُعتبَر (الشاباك) وفقًا للمبادئ والقوانين في إسرائيل جهاز يعمل “لحماية أسرار اسرائيل الأمنيّة” ولا ارتباط له في محاربة الجريمة، الأمر الذي يعني أنّ إدخال الشاباك إلى أراضي الـ 48 سيؤدّي حتمًا إنّ لتصعيد المواجهة بين الاحتلال وأجهزته وفلسطينيي الداخل، الذي وصل عددهم إلى أكثر من مليونيْن.
ومن المهّم الإشارة إلى أنّ المحلل في (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، أكّد في تحليلٍ نشره أهداف نتنياهو وحكومته: الأول، القضاء على المحكمة العليا والنيابة العامّة، الثاني، القضاء على (الشاباك)، لمنعه من مُواصلة أعماله لإحباط الإرهاب اليهوديّ، وخصوصًا بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، والثالث هو الجيش الإسرائيليّ، حيثُ يتحدث مقربون من نتنياهو بأنّه يعود إلى رئاسة الوزراء بهدفٍ واحدٍ هو تدمير المشروع النووي الإيرانيّ مرّةً واحدةً، مُختتمًا بالقول “مع حكومةٍ كهذه لا نصل إلى طهران، وفي أقصى الأحوال نصل إلى محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي”، على حدّ تعبيره.
أمّا عاموس هارئيل، مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة فتساءل: “ما هو هدف نتنياهو في حكومته السادسة، تدمير المشروع النوويّ الإيرانيّ، أمْ تدمير الديمقراطيّة الإسرائيليّة”، كما قال.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية