دخلت بيتي في طرطوس.. طرطوس المدينة الغافية على شاطئ البحر .. و المنسية في كتب المعارك والحرب .. لتكون ملجأ أمان لكثيرين ممن هربوا من براثن الحرب ..
بيتي الذي عمرته على عجل فيها هربا من قذائف وتفجيرات الحرب القذرة التي كانت تطحن دمشق مدينتي التي سكنت ..
بيتي الذي احتضن ذكريات ولحظات حب مع ناس وأصدقاء صاروا أقرب لي من أهل ..
طرطوس التي لو لم أقضي فيها أجمل ثلاث سنوات في حياتي .. لكانت ربما غربتي في أميركا أسهل وأقل مرارة وشوق ..
لأنني في طرطوس أدمنت البحر والشط وتعلقت بناسها الطيبين الذين أحببت ..
دخلت بيتي المطل على البحر .. تأملت مكتبتي المتواضعة المركية على حائط يواجه البحر .. تأملت الكتب ..قرأت العناوين على عجل .. لمستها .. رائحة الورق تعبق في المكان ، اعادتني الى صورتي وانا جالسة على كرسي شباكي المطل على البحر ، أحمل كتابي ومع فنجان قهوة.. قرأت .. واستمتعت ..
اخذت كتابا فتحته ، قلبت الغلاف وقرأت الاهداء .. اعادتني الذكريات لسنوات مضت .. حيث كنت اجتمع كل شهر مع صديقاتي على فنجان قهوة وكتاب ..
تغيرنا .. ابتعدنا .. ولكننا رغم كل شيء كنا كلما اجتمعنا نعود ونقرأ ونلتقي على فنجان قهوة وكتاب … ولو على عجل ..
نقرأ .. نتبادل الأفكار .. نتعرف على بعضنا كل مرة بطريقة جديدة .. بفكرة غريبة .. وتجمعنا الكلمات والأفكار .. وتلامس أعماق روحنا ..
كم هي جميلة رائحة الورق .. ملمس الكتاب .. ورسم الكلمات .. أقوى الصداقات صداقة الكتاب والقراءة والورق ..
اقلب في الكتاب .. أشم رائحته.. استمتع بلمسه ..تقع عيني على كتاب لنزار قباني كنت قد اهديته الى زوجي
أفتحه .. ويجرفني الحنين الى ٢٢ سنة مضت..
بيتي في طرطوس .. فقط ثلاث سنوات والكثير من الحب والذكريات و الحنين الذي يدفعنا دوما لمن نحب .. لحقيقة الاشخاص .. لصدق المشاعر والكلمات .. لمكان نعيش فيه اجمل الذكريات ولحظات الحياة …
انه بكل بساطة .. وطن ..