زيادة أسعار المحروقات في مصر تفتح المجال لموجة غلاء قاسية
رفعت الحكومة المصرية أمس أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 30 و 100 في المئة في بعض المشتقات، في إطار خطتها لإعادة هيكلة دعم المحروقات. وزادت أسعار المازوت لمصانع الأسمنت إلى 3500 جنيه (192.6 دولار) للطن من 2500 جنيه. ولحظ الارتفاع أسعار البنزين 92 أوكتان من 3.5 إلى 5 جنيهات أي نحو 0.28 دولار لليتر أي بنسبة 43 في المئة، والبنزين 80 أوكتان من 2.35 إلى 3.65 جنيه أي 55 في المئة، والبنزين 95 في شكل طفيف إلى 6.60 جنيه لليتر من 6.25 جنيه أي 5.6 في المئة، وسعر السولار من 2.35 إلى 3.65 جنيه لليتر بزيادة 55 في المئة. وقفز سعر غاز السيارات 25 في المئة إلى جنيهين للمتر المكعب من 1.60 جنيه، وسعر أسطوانة غاز الطهي (البوتغاز) من 15 إلى 30 جنيهاً أي بنسبة 100 في المئة.
والزيادة في أسعار المحروقات هي الثالثة منذ تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سدة الحكم، وهي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود خلال ثمانية أشهر بعدما زادتها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بنسب تراوحت بين 30 و47 في المئة، في إطار خطة لإلغاء الدعم بحلول 2018 – 2019 ، وفقاً لبرنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه القاهرة على قروض قيمتها 12 بليون دولار.
وأعلن رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل في مؤتمر صحافي، أن «دعم الوقود خلال العام المالي الماضي تخطى 85 بليون جنيه»، مشيراً إلى أن هذا الدعم للعام المالي الجاري الذي ينتهي غداً (اليوم)، بلغ 110 بلايين جنيه على رغم إجراءات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي». وقال: «لو لم نتخذ قراراً بهذه الزيادة في أسعار الوقود لكانت قيمة الدعم ستصل إلى 150 بليون جنيه، على حساب الصحة والتعليم، لذا اتخذنا القرار».
ووصف إسماعيل القرار بأنه «تصحيح لمسار دعم الطاقة»، لافتاً إلى أن الحكومة «تحصل على جزء منه وتعيد توجيهه لزيادة الأجور 7 في المئة للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، و10 في المئة لغير المخاطبين. كما وجهنا جزءاً لمحدودي الدخل وخدمات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية».
وذكّر بـ «أننا كنا دائماً نقول إن الدعم لا يصل إلى مستحقيه وبالتالي نصحح المسار الآن». واعتبر أن «هذا الإجراء اليوم هو جزء من منظومة الإصلاح الاقتصادي». ولفت إلى أن قيمة الدعم خلال العام المالي 2012- 2013 «كانت 342 بليون جنيه ووصل إلى 270 بليوناً». وأكد السعي إلى «الإقفال بعجز في الموازنة نسبته 10.8 في المئة، ولو كان لا يزال مرتفعاً، فيما نستهدف العام المقبل نسبة 9.2 في المئة وخفض الدين العام إلى 95 في المئة».
وشدد اسماعيل على أن الحكومة «تستهدف خدمات المواطن وزيادة موارد دعم المعاشات، كما لا يزال هذا الدعم قائماً للوقود». وتوقعت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» ارتفاع نسبة التضخم بعد تطبيق الزيادات الأخيرة بنسبة 5 في المئة. وأبدت قلقها إزاء الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود التي نفذتها الحكومة «في إطار سياسات النكد والعكننة التي تمارسها هذه الحكومة، وربما أحسنت الحكومة بإصدار قرار الزيادة عقب عيد الفطر مباشرة».
وأكد رئيس الجمعية لـ «الحياة»، أن توقيت الزيادة «خاطئ ويفتح المجال أمام موجة غلاء قاسية على جيوب الغلابة، ويؤكد مجدداً افتقاد الحكومة والنظام لأي حس سياسي». ورأى أن القرار «يساهم في موجة إغضاب الطبقات الكادحة، التي تشعر بالغبن الشديد من تحميل الحكومة أعباء ما يسمى الإصلاح الاقتصادي لهذه الطبقات دون غيرها من الأغنياء، الذين تمارس الحكومة معهم سياسات عجرمية ودلع، خصوصاً أن الحكومة خفضت قبل شهور أسعار الغاز الذي تستخدمه مصانع كثيفة الاستخدام للطاقة للأغنياء».
وأكد أن شروط صندوق النقد الدولي «ستورد هذا البلد موارد الهلاك، خصوصاً أن قيادات الصندوق كانت أكدت على لسان عدد منها، أن بدء المرحلة الثانية من إجراءات الإصلاح الاقتصادي مقرونة بخفض التضخم 20 في المئة، لكن الحكومة سعت إلى هذه الزيادات الأخيرة وبدا وزراء هذه الحكومة أنهم صندوقيون أكثر من الصندوق». وأسف بشدة إلى أن «الحكومة أقنعت الصندوق بضرورة الاستمرار في هذه الإجراءات القاسية، ما أنتج هذا القرار الصادر اليوم (أمس)، ما ينتهي بتفريغ قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بزيادة المخصصات التموينية من مبتغاها الذي يفترض أنه داعم للغلابة».
واستطلعت «الحياة» آراء عدد من الموطنين، محمد حسين الذي يعمل مدرس زراعة (35 عاماً) في الصباح في مدرسة حكومية وبسبب غلاء المعيشة، اضطر إلى العمل فترة ثانية لكي يفي بمتطلبات أسرته المكونة من 4 أفراد يعمل سائقاً عقب انتهاء عمله الحكومي، قال «أنا لا أستطيع أن أعيش بفعل الزيادات التي طبقتها الحكومة المصرية منذ تحرير سعر صرف الجنيه والإصلاحات الاقتصادية التي بدأت تنفيذها، فكيف أعيش براتبي في ظل القرارات المؤلمة للدولة».
واعتبر ماجد رشاد، الذي يعمل في موسسة قطاع خاص وراتبه محدود ولم يحصل منذ اندلاع ثورة كانون الثاني (يناير) على أي زيادات على راتبه، أن قرار الزيادة «غير مؤثر بالنسبة إلى طبقة معينة من المجتمع، لكن سيكون مكلفاً جداً للشريحة المتوسطة».
ورأى ياسر عبدالعليم (28 سنة) أن الأزمة «ليست فقط في بنزين 92، فارتفاع سعر الوقود عموماً سيرفع كلفة المعيشة على الناس، كما سيشمل ارتفاع الأسعار المأكل والمواصلات العادية».
من جهته، أعلن وزير البترول طارق الملا، أن «أسعار المحروقات لم تصل إلى الكلفة الحقيقية على رغم زيادتها». وأشار إلى «توجيه الزيادة الجديدة في أسعار الوقود لبطاقات التموين وزيادة المعاشات والأجور». وأكد أن «لا زيادة في أسعار الغاز للقطاع الصناعي، إذ زيد سعر المازوت لمصانع الأسمنت فقط إلى 3500 جنيه للطن من 2500 جنيه».
كما رفع بعض السلاسل التجارية الكبيرة في ضاحية مصر الجديدة أسعار السلع المعروضة بالفعل في المحال، فور إعلان الحكومة رفع أسعار الوقود ومشتقاته.
صحيفة الحياة اللندنية