‘سقوط الحجاب عن الطاقة النووية’ يفوز بجائزة جامعة فيلادلفيا
حاز كتاب الدكتور المهندس أيوب عيسى أبو دية “سقوط الحجاب عن الطاقة النووية” الصادر عن الآن ناشرون وموزعون سنة 2015، بجائزة أفضل كتاب لعام 2017 التي تقدمها جامعة فيلادلفيا بالأردن.
الكتاب وضعه مؤلفه بعد كارثة مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان التي حدثت سنة 2011، متأثرا بهول الكارثة وما أحدثته من دمار للمدن، وموت لعشرات الآلاف من البشر، وتشريد مئات الآلاف من موطنهم. هذا الحادث دفع المؤلف لمراجعة تاريخ إنشاء المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة، والمخاطر التي اكتنفتها، والحوادث الخطيرة التي مرت بها تلك التجارب قارعة جرس الإنذار من مخاطر بناء المفاعلات النووية.
وما حفزه لكتابة هذا الكتاب أيضا، هو توجه بعض الدول العربية لبناء مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة، بما في ذلك الأردن.
يقول الكاتب في مقدمة كتابه: “نعتقد أنه لا يمكن فهم المشاريع النووية العربية إلا في سياق عالمي وفي ضوء علاقات الشمال – الجنوب المميزة، وبخاصة بعد كارثة فوكوشيما حيث أُلغيت الكثير من مشاريع الطاقة النووية في العالم فيما تراجعت فكرة إقامة مشاريع طاقة نووية في الكويت، وتعثرت في الأردن والسعودية، ولكن يبدو أنها تسير بخطى جادة في الإمارات التي شـرعت في بناء أول محطة نووية عام 2012.”
يتتبع الكاتب ظروف ومراحل التخطيط الرسمي الأردني لتوليد الطاقة النووية، مرجعا إياها إلى الظروف العالمية التي قادت إلى ارتفاع سعر النفط بصورة غير مسبوقة بدءا من عام 2006، فبدا المشروع مسوغا منطقيا، إلا أنه يشير في المقابل إلى تراجع بناء المفاعلات النووية في العالم في ذات الفترة، بل وإقدام بعض الدول المتقدمة على إغلاق ما لديها من مفاعلات إدراكا منها للمخاطر الجمة التي يشكلها وجود تلك المفاعلات على البيئة والبشر.
وبناء عليه يتساءل المؤلف عن جدوى وجود هيئات الطاقة النووية والذرية في العالم العربي بشكل عام والأردن بشكل خاص.
يتكون الكتاب من تمهيد وثلاثة أبواب. تناول الباب الأول شرحا لفكرة تخصيب اليورانيوم لتوليد الطاقة، وتحدث الباب الثاني عن المشاكل التي تسببها المفاعلات النووية، مميزا بين المفاعلات النووية البحثية والمفاعلات النووية لتوليد الطاقة.
أما الباب الثالث فقد خصصه الكاتب للحديث عن بعض التجارب النووية لبعض الدول، مثل: الولايات المتحدة الأميركية، كندا، الصين، روسيا والهند والباكستان وغيرها من الدول، ليخلص إلى استنتاجات وتوصيات يقدمها للمهتمين وللقارئ.
يقول: “بداية ينبغي أن يتحقق شـرط عدم توفر مصادر طاقة بديلة أحفورية أو متجددة، ثم الشـروع في استثمارات إستراتيجية حسب الأولويات، كإنتاج المواد الغذائية الأساسية، وتطوير الصناعات الأساسية، وبعدها يأتي دور النظر في توفر المادة الخام من حيث استدامتها ونوعيتها وجدواها الاقتصادية ودراسة أثرها البيئي، ثم توفر تكنولوجيا تصنيع الوقود النووي وتخصيبه، فضلا عن دراسة تمويل رأس المال وحجمه ومخاطره، الاحتكارات النظرية والعملية، بناء الخبرات الكافية نوعاً وكماً وتطويرها والمحافظة على استدامتها، تحقيق الحد الأدنى من درجة الأمان على أصعدة حماية البيئة والعاملين في الموقع ومن حوله والملاءة المالية لدفع التعويضات الكافية عن الأضـرار الممكنة، القدرة على تملك العلم والتكنولوجيا والقدرة على الحد من التلوث الناجم عن هذه الصناعة بمجملها، مراعاة نسبة الطاقة الكهربائية النووية مقارنة بالحمل الكهربائي الكلي للشبكة الوطنية والقدرة على إدارة الطاقة الجديدة على المدى الطويل في ضوء استقرار سياسي ومجتمعي محلي وإقليمي وازدهار اقتصادي معقول، فضلاً عن التوافق الشعبي على إقامة المشـروع واتباع الإرشادات الفنية العالمية”.
ويتساءل إن كانت تلك الشـروط جميعها متوافرة لدينا، وهل الطواقم المسؤولة عن الترويج للطاقة النووية مستعدة لتحمل المسؤولية عن أي حادثة في المستقبل؟ وهل هي قادرة على تعويض الأضـرار الناجمة عن التلوث الإشعاعي وخلافه على المدى القصير المتمثل في الضـرر بالناس مادياً وبيولوجياً ونفسياً وكذلك الضـرر بالإنتاج النباتي والحيواني وتلوث المياه السطحية والجوفية وتهديد الثروة السياحية، وأيضاً على المدى البعيد من حيث معالجة إصابات السـرطان والتشوهات الخلقية واللوكيميا وغيرها من الأمراض التي تعَدّ الأكثر تكلفة للمعالجة من غيرها على الإطلاق؟
وبناء على ما خلص إليه الكتاب، فإن الطاقة النووية في هذا العصر غير مستدامة، من حيث استخدامها لليورانيوم الطبيعي محدود الكمية في العالم والذي يتوقع أن تبدأ الكميات المجدية للتعدين في النضوب خلال عقود محدودة من الزمن، أو من حيث ضـررها على البيئة من حيث إنتاج كميات كبيرة من الغازات الدفيئة خلال مراحل تعدين وتصنيع الوقود النووي وإنشاء المفاعلات وهدمها وإعادة تأهيل مناطقها بعد نهاية عمرها التشغيلي، أو من حيث خطورة المواد المشعة التي تطلقها الصناعة النووية الذي يمتد ضـررها إلى ملايين السنين القادمة.
كذلك أماط الكتاب الحجاب عن أكذوبة النهضة النووية التي تجتاح العالم، لأنها أصلاً محصورة في الدول النامية نمواً هائلاً والمتقدمة تقدماً مضطرداً في ركب الحضارة أو تلك الدول التي ترغب في دخول العصر النووي لغايات عسكرية أو للمباهاة بذلك لتوفر التمويل اللازم من فائض ميزانياتها.
يذكر أن الدكتور أيّوب عيسى أبو ديّة من مواليد عمّان عام 1955، مهندس مدني تخرج بمرتبة الشـرف من جامعة مانشستر ببريطانيا عام 1977، وحاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة، يعمل حالياً رئيساً لمكتب للاستشارات الهندسية في الأبنية الخضـراء ودراسات الطاقة، ورئيساً لجمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة لدورتين متتاليتين وعضواً مؤسساً لمركز الدراسات الاستراتيجية للطاقة.
درّس مادة “البيئة والإنسان” في جامعة الزيتونة الأردنية، كما عمل مدرساً بدوام جزئي في الجامعة الأردنية، وهو عضو في اليونسكو على لجنة الحوار العربي الآسيوي ومشارك في اجتماعات اليونسكو حول التغير المناخي وأخلاقيات التعامل مع البيئة.
فاز بمنحة تاكاجي اليابانية للعلوم لعام 2014، وقد اختير كتابه “الأبنية الخضـراء” للنشـر في سلسلة “عالم البيئة” التابع لمؤسسة زايد الدولية البيئية في دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2013، كما تم اختيار كتابين من مؤلفاته لمكتبة الأسرة الأردنية (“الطاقة المتجددة في حياتنا” لعام 2010 و”دليل الأسرة في ترشيد الطاقة” لعام 2008) و”ظاهرة الانحباس الحراري” لعام 2014، وحصل على جائزة الدولة الأردنية التشجيعية في العلوم الهندسية لعام 1992 عن كتابه “الرطوبة والعفن في الأبنية”.
حاصل على إحدى جوائز أفضل البحوث المقدمة لندوة “التنمية العمرانية في المناطق الصحراوية” من وزارة الأشغال العامة في الرياض بالمملكة العربية السعودية لعام 2002، وله براءَة اختراع مشتركة في مواد العزل الحراري والمائي منذ عام 1998.
وقد حصد أيضاً جائزة التفاحة الخضـراء من بريطانيا لعام 2010، والجائزة الذهبية للأبنية المبنية في الشـرق الأوسط من بريطانيا لعام 2010 عن البيت البيئي الأخضـر في “دارة الكمالية” – عمّان.
وحصد درع البطل الأخضـر لعام 2010 عن مجمل أعماله في العمل البيئي الأخضـر من المؤسسة البريطانية الخضـراء بالتعاون مع وكالة البيئة الوطنية الإنجليزي ومعهد الصحة البيئية الإنجليزي. وقد استلم الجائزة في البرلمان البريطاني بلندن بتاريخ 15-11-2010.
وحصد في قطر جائزة داعية البيئة لعام 2015 من منظمة المدن العربية.
ميدل ايست أونلاين