شرفات

سقوط غزة ، و سقوط بغداد !

عماد نداف

سقوط غزة ، وسقوط بغداد !..أنا معجب بعرب  هذه الأيام الذين يقاتلون على الفيس بوك وأمام الكاميرات وفي التصريحات والخطابات، وأكثر إعجابي يكمن في إدارة التصريحات والاجتماعات والخطابات وتدبيج الاستنكار بهدف قض مضجع إسرائيل..

أرجو أن لا يثير رأيي هذا السخط لدى القارئ، والنأي عن متابعة هذه الزاوية. فأنا لا أريد استفزاز أحد، ولكن القصة أن العين تشاهد والأذن تسمع والعقل يقرأ ويقارن . ودائما تتكرر الحكاية نفسها : اللهم أسألك نفسي ، ويا دار مادخلك شر، وعلى ذلك فإعجابي هو مجرد استنكار أسوة بما يفعلونه.

تذكرت ذلك وأنا أقرأ عن سقوط الدولة العباسية وعاصمتها بغداد، وخنق الخليفة رفسا داخل كيس خيش كي لا تلوث دماؤه الأرض. فقد نشرت صحيفة عربية تكثيفاً لما حدث عام 1258 والمعلومات منقولة عن كتاب مواقف حاسمة في التاريخ العربي.

فقد هاجم المغول المنطقة، وكانت الدولة العباسية تنهار وتتفكك أيضا. ولم يبق أمام الخليفة المستعصم إلا الاستسلام. وجاء في الكتاب أن هولاكو قصد بغداد وبعث يطلب الضيافة من الخليفة. فكثر الأرجاف ببغداد، وخرج الناس منها إلى الأقطار. ونزل هولاكو تجاه دار الخلافة، وملك ظاهر بغداد، وقتل من الناس عالماً كبيراً. ثم جاءت الصدمة العظمى فى العام التالى، عندما تزلزل العالم الإسلامى بسقوط الخلافة العباسية فى أول شهر صفر من هذه السنة، فما الذي حصل يومها ؟

أتابع القراءة : أمر هولاكو بالهجوم العام على بغداد، وفى حسابه أنها ستكون معركة حقيقية لا نزهة عسكرية. فقد سير إليها جيوشا تحاصرها من الغرب، حتى لا تأتيها نجدة من الشام أو من مصر. وسار هو إليها على نهر دجلة بكتلة جيشه، وعززه بإمدادات من أهل البلاد التى سبق له فتحها. كما وعسكر بجيشه فى شرق بغداد. وبانت روح الخليفة الحقيقية، فأخذ يبعث بالرسل والهدايا إلى هولاكو، فطلب بدلا منها قواد الجيش مع أسرهم وأعوانهم بحجة أنه سينفيهم إلى الشام. وما إن وصلوا، وكانوا نحو 700 فرد، حتى أمر بقتلهم جميعا.

ملاحظة : لو كان ذلك الآن لاشتعلت تصريحات الاستنكار !

خرج الخليفة ومعه أبناؤه الثلاثة وأتباعهم إلى معسكر المغول، وأمره هولاكو بأن ينادى فى الناس بإلقاء سلاحهم. ففعل، ثم توجه هولاكو إلى قصر الخلافة، وأمر بإحضار الخليفة. كما وطلب منه أن يفتح خزائنه. وأخرج منها ألفين من الثياب، ونفائس القصر وخزائن الجواهر والمال أيضا. وكان للذهب مخبأ فى وسط القصر فدل عليه الخلفية بنفسه، فحفروا المخبأ ووجدوا أكداس الذهب. ثم اتجهوا إلى جناح النساء، فانتقوا منهن ما راق فى أعينهم. وبعد ذلك أمر هولاكو بوضع الخليفة وأبنائه فى أجولة (أكياس خيش)، وأمر حرسه بأن يسيروا فوقهم. وزفوا جميعا إلى الموت، ومنهم ولى العهد أبو بكر. وكان يظن أنه سيزف إلى بنت هولاكو، ولما رأى القائد الدموى أنه أخذ غايته من سفك دماء البغداديين، أمر جنده بالكف عن القتل. كما ونادى فى الناس بالأمان. فخرج الباقون من السراديب، وكان فى بغداد الكثير من الأنفاق الأرضية التى يلجأ إليها السكان فى الصيف.

بلغ عدد القتلى فى تلك الأيام المشؤومة نحو مليون نسمة. كما ووجد المسلمون أنفسهم بدون خليفة للمرة الأولى فى تاريخهم.

له . له . على هذه المصيبة !

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى