تحليلات سياسيةسلايد

سورية والسعودية تحسّنٌ مُضّطرد في العلاقات..

نور علي

أخذت سورية موقعها وحدّدت دورها منذ بدء معركة طوفان الأقصى، وفق ظروفها الداخلية، وملفاتها الإقليمية، فالحرب على سورية التي اندلعت منتصف عام 2011، وكان هدفها اسقاط النظام، تركت اثارا بالغة في الجغرافية والاقتصاد معا داخليا، وضررا هائلا في علاقاتها الخارجية العربية والدولية.

 

وزاد عن ذلك ان الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية لم يقفلوا باب الحرب بعد ان حسم الجيش السوري وحلفاؤه معظم الجبهات عسكريا، فقد تحولت الحرب نحو الضغوط الاقتصادية، وسياسية التجويع ومعاقبة الشعب والدولة كلها، وهي سياسية دأبت الولايات المتحدة على انتهاجها كبديل عن الغزو العسكري او فرض الإرادة بالقوة. فضلا عن خلق بؤر مسلحة في مناطق، خاصة في الشرق ” قسد” والشمال “هيئة تحرير الشام” وما يسمى “الجيش الوطني”، وجماعات وتنظيمات متشددة أخرى، اقتطعت من سيطرة الدولة المركزية، وخلقت نوعا من مانع لعودة سورية الى ما قبل الحرب بشكل كامل.

وعلى الرغم من حالة التوتر والمواجهة العسكرية التي سادت المنطقة اثر معركة طوفان الأقصى، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، حافظت دمشق على مسار التقارب مع الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية و الامارات العربية المتحدة.

وفي ظل الحرب المستعرة في المنطقة، وما يطال سورية من شظاياها متمثلا بالغارات الإسرائيلية المتواصلة على سورية، ومنح دمشق حرية الحركة والاسناد للحلفاء انطلاقا من الجغرافية السورية، وتحمل دمشق تبعات ذلك في التصدي لردود الفعل الإسرائيلية، والخسائر التي يلحقها العدوان الإسرائيلي المتكرر، في ظل كل ذلك دشنت العلاقات السورية السعودية مرحلة جديدة من خلال تبادل البعثات الدبلوماسية. أرسلت دمشق طاقمها الدبلوماسي برئاسة السفير “ايمن سوسان” مفتتحا سفارتها المغلقة منذ العام 2012.

بالمقابل اتخذت البعثة الدبلوماسية السعودية برئاسة القائم بالاعمال السعودي “عبد الله الحريصي” احد اجنحة فنادق العاصمة دمشق مقرا لها، ريثما يتم إعادة تأهيل مقر السفارة السعودية المغلقة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية واعتماد سفيرا جديدا للمملكة في سورية.

وجاءت الخطوة السعودية بعد أيام من وصول السفير الاماراتي “حسن الشحي” الى دمشق ليترأس بعثة بلاده الدبلوماسية.

وقد أنجزت دمشق كذلك استعادة ملف الحجاج السوريين، ليعود الى الحكومة السورية، بعد سنوات من انتقاله الى “الائتلاف السوري المعارض”. وسيكون موسم الحج المقبل اول المواسم التي سينطلق فيه الحجاج من داخل سورية باشراف وتنظيم من الحكومة السورية.

على صعيد العلاقات السورية السعودية وحسب معلومات “راي اليوم” فانها لن تتوقف عند هذا الحد، وسوف تشهد تطورا نوعيا، قد يتمثل بزيارة مرتقبة يقوم بها ” ولي عهد المملكة العربية السعودية “محمد بن سلمان” الى دمشق، وعقد قمة مع الرئيس السوري “بشار الأسد”. ويبدو حسب الأجواء بان هذه الزيارة ستكون قريبة. وربما يرتبط موعدها بنهاية الحرب الإسرائيلية على غزة او سريان الهدنة بعد نجاح المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة وإسرائيل في القاهرة حول ورقة باريس. حيث يحاول الوسطاء إنجاز ذلك قبل حلول شهر رمضان المبارك في الثلث الأول من شهر اذار مارس المقبل.

هذه الزيارة والقمة بين الرياض ودمشق اذا ما حدثت فعلا، ستشكل نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين البلدين، وسيكون لها انعكاسها على مسار استعادة دمشق علاقتها العربية، ومحاولاتها انعاش الاقتصاد السوري المتدهور بفعل حرب الأعوام الماضية والحصار المفروض عليها من الغرب.

ويبقى التساؤل حول مسارات أخرى، يبدو ظاهريا انها في حالة جمود، فالعلاقات السورية المصرية لم تشهد أي خطوة الى الامام على رغم الرابطة التاريخية العميقة التي تجمع البلدين والشعبين، كما ان العلاقة مع قطر مازالت على حالها، ولم تشهد سوى بعض الخطوات الرمزية مثل استضافة المنتخب السوري في بطولة اسيا، او بعض الوفود ضمن فعاليا ذات طابع دولي، او عدم ممانعة الدوحة منح فيز دخول للسوريين من مناطق سيطرة الدولة السورية، فضلا عن توقف الحملات الإعلامية الشرسة بين البلدين.

أما مسار العلاقة مع تركية والذي شهد سخونة وسرعة بجهود الوسيطين الإيراني والروسي في فترة سابقة، فلم يعد بذات الوتيرة، بل غاب الحديث عنه كليا سواء على الجانب السوري أو التركي. فهل توقف هذا المسار بعد الانتخابات الرئاسية التركية ؟ أم سيعود إلى الواجهة في الفترة المقبلة؟ وعلى أي أسس؟

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى