شراكة أطلسية مع الفساد تهدد البلاد !!
خاص باب الشرق
منذ أن سلمها أوباما السياسة الخارجية، و في حفل إستلامها وزارة الخارجية، حيث جاء الرئيس أوباما إلى مبناها تأكيداً لتجاوز مرحلة الصراع معها على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، منذ تلك اللحظة أعلنت هيلاري كلينتون في كلمتها الإفتتاحية أنها ستجعل بلادها تتبنى، في علاقاتها مع البلاد الأخرى، إستراتيجية أطلقت عليها إسماً محبباً و غامضاً و مخادعاً هو ( الدبلوماسية الذكية).
الاسم بشقيه، الدبلوماسية و الذكية، يحمل شحنة لطيفة ومقبولة، ويمكن إعتبار هذا الإسم (ماركة ترويجية) لهذه الإستراتيجية الأميركية لأنه يخفي تحت الماركة حقائق خطيرة مرفوضة إنسانياً، ومكروهة عالمياً. حيث أن ( الدبلوماسية الذكية) في الحقيقة، هي مفهوم للعمل مع البلاد الأخرى يعتمد ويوظف كل ما هو متاح من قوة وتحويله إلى سلاح يساهم في تحقيق السيطرة والهيمنة. وهكذا يصبح العمل العسكري المخابراتي، والغزو والإجتياح، والإنقلابات والإغتيالات، والإفساد شركاء لسلاح الإقتصاد والمال، والإعلام، والثقافة، و الشائعات والأوهام، والدين، والخرافة. . . أي أن كلمة الذكاء في تسمية هذه الإستراتيجية،المقصود منها ، الخبث النازي الصهيوني الشايلوكي، الذي يوظف كل شئ لإخضاع وكسر الآخرين والهيمنة عليهم وإحكام السيطرة على مقدراتهم.
منذ تلك اللحظة انطلقت (الدبلوماسية الذكية) بكل خبث لتحقيق نوعاً من السيطرة على العالم، تخضعه بشكل كامل للمصالح الأميركية. حيث قام أوباما بدفع الناتو لتبني سياسة تغيير الأنظمة كما فعلت مخابراته في ما سمي ( الثورات الملونة) في جمهوريات الإتحاد السوفييتي سابقاً. و أكملت إدارة أوباما سياستها بزيارته إلى الشرق الأوسط وإعلانه التعاون مع الإسلام،وابتدأ هذا النشاط من إسطنبول , ليكرس أردوغان كرسول للإسلام الأطلسي الذي سيشكل قوة التغييرالأميركية الأطلسية ( من هنا بدأ تشكيل الفصائل التكفيرية وصولاً إلى داعش و النصرة و غيرها ). والأمر الذي لم ينتبه له أحد من العرب والمسلمين، قول أوباما في خطابه على منصة جامعة القاهرة: ( سنعتمد على حماس الشباب لتحقيق التغيير ) و لم تمض سنة حتى كان هذا الحماس الشبابي يملأ الشوارع والساحات، ويطالب بإسقاط الأنظمة، و رغم أن الكثير من هذه الأنظمة فاسدة و يجب تغييرها, إلا أن تغييرها برؤية وطنية تقود للإرتقاء شئ، و تدميرها وصولاً للفوضى و الإنهيار و التفتت شئ آخر تماماً. . و ما حصل و يحصل في ليبيا و اليمن و العراق و السودان. أبلغ دليل على ما تقول، و كل هذه التحركات هي جزء من نتائج الـ ( الدبلوماسية الذكية) لأنها نتيجة جهد إستخباراتي عسكري مالي سياسي وإعلامي، وحضرت وسائل التواصل الإجتماعي كسلاح تحشيد وتوجيه في هذه الحرب. و كانت ( غوغل) شريكاً أساسياً في تحريك الجموع و توجيه الإحتجاجات،،،أما دبلوماسية ذكية بشكل !!!
بعد المرحلةالأولى، حيث تم تدمير ليبيا ، اليمن، والعراق مدمر أصلاً بالغزو الأميركي، وتم إضعاف مصر و تونس و الجزائر والسودان, و إدخالهم تحت المظلة الأميركية. واستمر استهداف سورية، و بعد هزيمة داعش وإرهاب الفصائل التكفيرية، تابع التحالف الدولي بقيادة أميركا اقتطاع أجزاء من سورية، وإيهام الأكراد بأوهام الإنفصال، بعد أن قامت طائرات التحالف بتدمير البنى التحتية السورية، والسيطرة على الموارد النفطية والزراعية. كذلك سمح لأردوغان أن يتمدد جيشه في الشمال الغربي ( أدلب) و أن يصنع أتباعاً له من المقاتلين، كما نشّطت إسرائيل وأميركا فصائل في الجنوب ليستمر النزف السوري في جنوبه.. ومع أننا سمعنا كثيراً أن الإحتجاجات التي أنطلقت 2011 هدفها إسقاط الفساد و تحقيق العدالة الإجتماعية والمشاركة السياسية، إلا أننا أصبحنا الآن أمام الأهداف الحقيقية حيث تتقاسم قوى ودول النفوذ في سورية، ودمروا بناها التحتية، و نهبوا مواردها و ثرواتها. و يريدون الآن تقاسمها، ويتقاتلون لتحسين حصصهم.
أما سلاح الإقتصاد فلا حاجة لإثبات شكل استخدامه، حيث أن الإدارة الأميركية منذ أوباما و ليس إنتهاء بترامب تعلن أنها تعتمد الحصار الإقتصادي ومنع وصول حاجيات الناس، والتلاعب بقيمة العملة الوطنية بعد تدمير مرافق الإنتاج، ونهب المحاصيل والنفط. تعلن الإدارة الأميركية أنها تعتمد كل ذلك لإخضاع سورية، و جرها إلى الحل الذي تريده. وإذا كان التدمير أحد أذرع الحصار الإقتصادي، فإن الفساد هو ذراع آخر يعمل في الداخل لتعظيم تأثير هذا الحصار. ولا بد أن ( الدبلوماسية الذكية) وبكل الطرق خلقت و ساعدت و كرست، بشكل مباشر أو غير مباشر، فاسدين، وأنتجت أنواعاً جديدة منهم مع كل مرحلة. و إضافة للفساد والتدمير العسكري، فإن التدمير النفسي وإصابة الضمير الوطني بكل أنواع التوهان و الزوغان و اللايقين كان من عمل إعلام منظم و مهني مولود من ( الدبلوماسية الذكية) ويعمل في إطارها لضرب الروح الوطنية، وهو يضرب معنى الإقتصاد و يروج لسقوط العملة الوطنية، و يساهم في تخفيض قيمتها بفعل مشترك أطلسي مع الفساد والفاسدين.
إننا في سورية و لبنان, نواجه هذه الأيام ذروة من ذرى ( الدبلوماسية الذكية) تصيب إقتصادنا، و تؤثر في حياتنا و معاشنا، و تعمل للإطاحة بعملتنا و تسد في وجوهنا أبواب استعادة الحياة الطبيعية. وما فشل في تحقيقه في سورية يأتي الحصار الإقتصادي ليحققه ويستثمر البوابة اللبنانية، في عملية الإخضاع لأنه يعرف أن سورية و لبنان, مجتمع متواصل، واقتصاد متفاعل، وحياة مشتركة. وضرب لبنان يضعف سورية . كما أن إضعاف سورية يضرب لبنان. . ( الدبلوماسية الذكية) تنتقل في هذه المرحلة إلى تجويع الشعوب بالمعنى الحرفي، وإركاع البشر، و إهدار كرامة الناس, بهدف إسقاط البلاد، فهل من رد وطني ذكي بشكل حقيقي في كلا البلدين، كما في كل البلاد العربية، يعمق التلاحم مع الشعب في محاربة الفساد و الفاسدين المتحالفين موضوعياً مع الأطلسي، محاربة حقيقية، وفي مواجهة مواجهة الحصار الإقتصادي الأميركي الأطلسي الخبيث الهمجي الوحشي( و ليس الذكي ابداً) . وفي فتح كل الطرق للخروج من الحصار، و فتح أبواب التعاون مع كل ما يساعد على ذلك، عبر فتح أبواب التعاون بين جميع القوى الوطنية لإنقاذ الوطن وعدم تركه للإفلاس، لأن إفلاس الأوطان هو إهدار لهويتها و سيادتها و إستقلالها و كرامتها. و هذا هو الخضوع و الإنهيار . . و هذا ما لا يمكن أن يسمح به شعب أصيل كالشعب السوري اللبناني..
باب الشرق