اقتصاد

مصاعب ومخاطر تُعرقل عودة شركات الطيران إلى سوريا

شركات الطيران قلقة بسبب حالة البنية التحتية للطيران وطريقة إدارة القطاع في سوريا. تعيق البنية التحتية السيئة والصراع في الشرق الأوسط والغارات الجوية الإسرائيلية بين الحين والآخر، عودة المزيد من شركات الطيران إلى سوريا، مما يعرقل جهود إعادة بناء الاقتصاد المتداعي من أثر الحرب الأهلية التي استمرت نحو 14 عاما.

ومن المقرر أن تسير 11 شركة طيران أجنبية على الأقل رحلات إلى سوريا هذا الشهر بعد أن كانت ثلاثا فقط قبل عام في ظل تخفيف العقوبات بعد الإطاحة في ديسمبر/كانون الأول 2024 ببشار الأسد الذي حكم البلاد لفترة طويلة.

وتشمل هذه الشركات “طيران الإمارات”، أكبر ناقل دولي في العالم، وأول شركتي طيران يقع مقرهما في الاتحاد الأوروبي تسيران رحلات إلى سوريا منذ 2011، وهما “دان إير” الرومانية و”إير مديترينيان” اليونانية.

لكن شركات مثل الملكية الأردنية و”فلاي دبي” والخطوط الجوية التركية والخطوط الجوية القطرية اضطرت الشهر الماضي إلى إلغاء العديد من رحلاتها التي بدأت تسييرها في الآونة الأخيرة في وقت شهد فيه المجال الجوي في أنحاء الشرق الأوسط عمليات إغلاق أمام حركة الطيران المدني بسبب تبادل هجمات جوية وصاروخية بين إسرائيل وإيران شاركت فيها الولايات المتحدة.

وهناك مخاطر مباشرة أكثر على سوريا نفسها أيضا، إذ نفذت إسرائيل هجمات ضد قوات من الحكومة السورية في جنوب غرب البلاد الثلاثاء لليوم الثاني على التوالي متعهدة بإبقاء هذه المنطقة منزوعة السلاح وحماية الأقلية الدرزية هناك.

كما تشعر شركات الطيران بالقلق بسبب حالة البنية التحتية للطيران وطريقة إدارة القطاع في سوريا. وقال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) “هناك حاجة لإحراز تقدم في الرقابة التنظيمية والاستثمار في المجال والامتثال لمعايير السلامة الدولية والمعايير التشغيلية”.

وقال مسؤولون في مطار دمشق والهيئة العامة للطيران المدني في سوريا لرويترز إن ممثلين عن شركات طيران كبرى مثل “لوفتهانزا” و”إير فرانس كيه.إل.إم” زاروا مطار دمشق لتقييم وضع البنية التحتية والمكاتب التي كانت هناك. وكانت الشركتان تسيران رحلات إلى سوريا قبل الحرب.

وقال الناقلين إنهما غير مهتمين حاليا باستئناف الرحلات الجوية إلى سوريا. وبدأت شركة دان إير الرومانية تسيير رحلة من بوخارست إلى دمشق الشهر الماضي.

وأفاد مات إيان ديفيد الرئيس التنفيذي لشركة دان إير بأن “التعقيدات اللوجستية والتنظيمية هي التي أعاقت المشغلين حتى الآن”، مضيفا أن تخفيف العقوبات سيجعل الوصول إلى سوريا أكثر سهولة.

واستأنفت شركة طيران الإمارات في نهاية مايو/أيار الطيران فوق سوريا للمرة الأولى منذ الحرب الأهلية وهو ما ترتب عليه توفير ساعة من زمن الرحلة من دبي إلى بيروت.

لكن ظلت العديد من الدول، منها بريطانيا والولايات المتحدة، متمسكة بنصح شركاتها بتجنب الطيران فوق سوريا. وتقول الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران إن “هناك خطر من الاستهداف سواء المتعمد أو بسبب لبس في تحديد هوية الطائرات المدنية”.

وقالت هيئة الطيران المدني السورية إن البلاد أعادت فتح مجالها الجوي بالكامل في 24 يونيو/حزيران. وتعرض مدرجا مطار دمشق للقصف خلال الحرب الأهلية لكن تم إصلاحهما كما شهدت المنشأة أعمال نهب خلال فوضى سقوط الأسد.

وقال علاء صلال مدير العلاقات العامة في هيئة الطيران المدني السورية إن عددا من شركات الطيران تتفقد إجراءات الأمن وحالة البنية التحتية في المطار، مضيفا أن البنية كانت متهالكة والمعدات بالية وبعضها مفقود.

وأشار إلى الافتقار إلى أجهزة الرادار مما دفع البلاد للاعتماد على الرادارات لدى لبنان أو تركيا لمراقبة الحركة الجوية. وقال رئيس الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا في وقت سابق من هذا الشهر إن الهيئة تريد بناء مطارات جديدة في دمشق وحلب ووسط البلاد. لكن ذلك سيستغرق وقتا ويتطلب أموالا قد لا تتمكن الدولة المنهكة من الحرب من توفيرها بمفردها.

وتوقفت إلى حد كبير الشركات التي خدمت سوريا خلال صراعها طويل الأمد والتي كانت في الأغلب إيرانية وعراقية عن الطيران هناك، بما يعكس المشهد السياسي الجديد بعد الإطاحة بالأسد المدعوم من إيران وروسيا.

وعلى النقيض، كانت الناقلتان الوطنيتان لكل من قطر وتركيا، اللتين دعمتا المعارضة المسلحة في سوريا خلال الحرب، من أولى شركات الطيران الكبرى التي استأنفت رحلاتها في يناير/كانون الثاني مع تولي أحمد الشرع قيادة السلطة الجديدة.

وقالت وزارة النقل التركية إن تركيا، الحليف الوثيق للحكومة الجديدة، تساعد في النهوض بمطارات سوريا.

وذكرت “طيران الإمارات”، التي تستأنف رحلاتها بين دبي ودمشق اعتبارا من اليوم الأربعاء للمرة الأولى منذ 2012، أن الرحلات الجوية ستدعم العلاقات مع أبوظبي وتساعد سوريا على جذب الاستثمارات.

وعبرت “طيران أديل “السعودية للطيران منخفض التكلفة عن تطلعها لبدء تسيير رحلات إلى سوريا قريبا، لتنضم بذلك إلى زميلتها “طيران ناس”، لكن بالنسبة لشركات أخرى، قد يكون حافز العودة أقل، فحتى قبل الحرب لم تكن دمشق سوقا رئيسية لشركات الطيران من خارج الشرق الأوسط.

ومن بين الشركات التي كانت تعمل هناك لكنها لم تعد بعد، “إيروفلوت الروسية” و”إير فرانس” والخطوط الجوية النمساوية التابعة للوفتهانزا ولوت البولندية والخطوط الجوية الأيبيرية التابعة لمجموعة الخطوط الجوية الدولية (آي.إيه.جي) وإيتا الإيطالية والخطوط الجوية التشيكية وخطوط جنوب الصين الجوية.

ورغم تزايد الرحلات التي تخدم سوريا في الفترة الماضية، فإن عددها لا يزال أقل بكثير مما كان عليه قبل الحرب. وأظهرت بيانات من شركة سيريوم لبيانات وتحليلات الطيران أن عدد الرحلات المنتظمة في يوليو تموز شكل 58 بالمئة مما كان عليه في يوليو/تموز 2010.

وقال الاتحاد الدولي للنقل الجوي إن تخفيف العقوبات فتح آفاقا لتحسين الحصول على قطع غيار الطائرات وخدمات الصيانة وبعض المعاملات التجارية. إلا أن قيود التأشيرات على السوريين حدت من حركة المسافرين ونمو السوق.

ميدل إيست أونلاين

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى