خلال خمس سنوات، قدّمت شركة «بانة» (عماد ضحية) سلسلة «صبايا»، فتحوّلت إلى ماركة تجارية حقيقية بالنسبة إليها لما بلغته من جماهيرية وانتشار كثيفين مع هجمات نقدية واضحة كانت تتناول خواء المادة الدرامية، وفراغها من المضامين القيّمة، أو ابتعادها عن مجابهة اليومي والمعاش عند المواطن السوري أو العربي، ثم انفصالها في مطرح ما عن الواقع المأزوم. كانت حجّة صنّاع العمل بأن القصد من هذا المسلسل هو الترفيه، وهذا نوع يحق لأصحابه استثمار نجاحه. لكن الجزء الأخير انحدر بالمستوى بشكل صريح ليكون ختام التجربة التلفزيونية، قبل توقف طويل لشركة الإنتاج التي كانت أوّل من استثمر سورياً في السوشال ميديا، وحصّلت أرباحاً منها. وها هي تقرّر هذا العام العودة إلى التلفزيون، معتمدةً على ماركتها المسجلة بجزء جديد من «صبايا» هو السادس مع فريق متماسك. هكذا، أوكلت مهمة الكتابة لمحمود إدريس، والإخراج لفادي وفائي، إلى جانب مجموعة فنيين مكرّسين، على رأسهم عباس شرف كمدير إضاءة وتصوير، فيما راحت الأدوار إلى: ديمة بياعة، جيني إسبر، شكران مرتجى، ناظلي الرواس، ميرنا شلفون، نورا العايق، ندى برهوم، شادي الصفدي، وجوان الخضر.
في أحد المطاعم المطلّة على ريف دمشق، كانت كاميرا الوفائي تدور عندما وصلنا متأخرين برفقة فريق من الصحافيين. الصراخ لضبط «اللوكيشن» والحفاظ على الهدوء مهمة يلعبها دوماً بحرفية المخرج المنفّذ فراس الحمصي، إلى جانب براعته في تسريع إيقاع البروفات وصوغ حيوية تمهيدية منها للدخول بمزاج عال إلى المشهد، والسيطرة المطلقة على موقع التصوير، من دون التخلي عن الطاقة الإيجابية التي يمتاز بها العمل أصلاً.
في حديثنا معه، يحكي مخرج العمل فادي وفائي حول ذهابه نحو دراما خفيفة ربما خلافاً لرغبته في تقديم القضايا الجوهرية في مشروعه. يقول: «نعرف أننا لن نقدم هنا مسائل كبرى ولا مقولات عميقة، لكن الرغبة تكمن في صناعة مادة بصرية جذابة للحد الأقصى، وتحقيق ترفيه وتسلية وفق شروط المعادلة الرمضانية التي ما زالت مطلوبة في بلادنا، بالاتكاء على فريق فني وتقني محترف، ومجموعة ممثلين بنوا مجدهم وراكموا أسماءهم، ومنتج يهمّنا جميعاً عودته إلى السوق بوزن صريح، خصوصاً أنّه يعرف كيف يقود مشروعه، وقد سبق لشركته أن صنعت اسمها في أرشيف درامي عريض يؤخذ على محمل الاحترام».
أما النجمة ديمة بياعة وهي من الممثلات الأساسيات في العمل، فتقول: «تراكم الشغف واشتياق الجمهور لشخصية ما، مبرر كاف لعودتها بعد انقطاعها فترة زمنية. وقد كنت من المتحمسين لشركة «بانة» والمنتج عماد ضحية، بدخول السوق مجدداً ضمن هذه الظروف الصعبة. أضف إلى ذلك فكرة اللقاء مع فريق هذا العمل ومن انضم إليه من جديد، خلقت حماساً إضافياً للشغل، عدا أنّنا جربنا الإنجاز بهذه السلسلة خارج سوريا سابقاً لكنّنا لم نوفق بالقدر المأمول، لذا كان لا بد من العودة بجزء جديد يُصنع في دمشق».
من جانبها، تقول النجمة جيني إسبر عن شخصيتها وعودة هذا المسلسل: «ميديا شخصية أسهمت في انتشار واضح بالنسبة إلي، ومن المشجع جداً عودتي لهذه الشخصية بعد انقطاعها سنوات عن الجمهور، خصوصاً أنّ من يتابع دوراً تمثيلياً ويعلق في ذهنه، يتمنى مشاهدته مجدداً. عموماً الشخصية التي تؤثر، تستحق أن تعيش أطول فترة ممكنة، عدا عن اهتمامي فعلاً بعودة شركة «بانة» إلى السوق، وضرورة الشغل على أعمال ترفيهية تحافظ على سوية معينة».
أما النجمة ناظلي الرواس، فتقول: «ألعب دور زوجة والدة إحدى الصبايا. امرأة شريرة وعصبية بمنطق الحكاية الخفيفة. لذا ستترك وراءها الإشكالات كيفما تحرّكت، وتجرّب تهديد خطط الصبايا في كل يومياتهن». تعلّق على مسألة تكريسها في أدوار الشرّ: «صرت أستمتع بأدوار الشر أكثر، لأنني أحاول اجتراح حلول مختلفة إلى حدّ ما». إلى جانب ذلك، تفصح ناظلي بأنها «عندما تلقّت دعوة المنتج عماد ضحية إلى هذا العمل، كانت مستعدة لخوض التجربة فوراً لضرورة عودة شركة تنتمي إلى الزمن الجميل، ومنتج يحترم قيمة الممثل، وقد صنع اسمه من خلال شغله كصاحب مشروع فني، في وقت تراجع فيه الحب تجاه فكرة إنتاج مسلسل في ظروف صعبة، خصوصاً أننا أمام تجارب لمنتجين لا يملكون أي مرجعية ثقافية يريدون فرض شروطهم علينا من دون أي متّكأ حقيقي. حالياً نحن بأمس الحاجة لأن يكون التعاون مع منتج وازن، لا مجرّد صاحب مال أو تاجر يتحكّم بمصيرنا، بلا أي فهم لخصوصية وطبيعة هذه المهنة».
تعتبر شكران مرتجى بمثابة إضافة نوعية للعمل. تقول عن شخصيتها بأنها «أتت إلى مسرح الأحداث في دمشق من ضيعة إحدى البطلات الرئيسيات للحكاية، وراحت تخلط الأوراق اليومية للصبايا بطريقة محببة». وتضيف: «تطلّ أنسام في هذا الجزء بطريقة اتفقت عليها مع فريق العمل، على أن تكون متقاطعة معي في أسلوبية الشغل وبمنطق مبرر ينأى بنفسه عن أي إقحام، وبصيغة تطمح لأن تكون منكّهة بالحيوية والرشاقة والطرافة، متكئةً في الوقت نفسه على ما حققته هذه الشخصية في الماضي من وقع لطيف».
من ناحيتها، تلعب الممثلة الشابة نورا العايق شخصية مختلفة عن طبيعتها وتبدو عليها ملامح اللامبالاة والتصرّف بخفة وطرافة فطرية. عن تجربتها مع الشركة المنتجة تقول: «لا بد أننا بحاجة ماسة لمنتجين يعرفون مفاتيح المهنة، ويتمتّعون بالثقافة والمعرفة الكافيتين، بخاصة أن سنوات الحرب أفرزت مجموعة من المنتجين الذين لا يملكون أي شيء سوى المال».
أما الممثل جوان الخضر، فيرى أنّ «المسلسل صدّر نفسه خلال مواسم متلاحقة على أنه خفيف «لايت» ولم يسبق لي أن اشتغلت فيه. لذا كان من اللطيف المحاولة في هذا العمل الجماهيري، خصوصاً أنّ الممثل مطالب بشكل أو بآخر، بأن يذهب باتجاه التنويع قدر الإمكان ويحقق رغبة الناس بأن لا يجترّ نفسه!»