صفعة تكفي لحرب
تأييد “الربيع العربي” كان سهلاً على الفرنسيين، ولكنه بعد ثلاث عمليات إرهابية… بدأ يتراجع. لقد كلف الربيع العربي خراب عدة دول، كلف ملايين القتلى والمشردين والجوعى، ولم يثمر سوى هذه الطرزانات السعودية والأمريكية. وها هي فرنسا لا تستطيع قبول احتجاج على ضريبة. وزيادة أسعار. (زيادة الأسعار قيمة رأسمالية داخلية وخارجية).
أما هبوط أسعار البشر (فقيمة خارجية يمكن تأييدها أو عدم تأييدها). لم يجر الدم الفرنسي بعد، لكن منسوب العنف، عادة، يتكون من بضع هراوات، وركوع وكدمات، ليصل إلى عنق الدم. فرنسا على وجه الخصوص ـ وهي المشهورة بعطورها ـ هي واحدة من الدول التي تملك تاريخاً أسود في العنف عندما حازت على المستعمرات. وهي المنتج الحصري لنابليون الذي بلغ عدد ضحاياه 6 ملايين في تلك الأيام.
الفرنسيون تاجروا… نعم الفرنسيون تاجروا بالعبيد. وكان رقم تصديرهم للعبيد إلى أمريكا سنوياً يزيد على المئة ألف أفريقي.
إلى متى النعيم الأوروبي يستمر فيما يتنامى الجحيم الآسيوي والأفريقي وجزر البؤس البشري في الحدائق الخلفية للأزدهار الأمريكي؟
الحروب التي شنتها أوروبا وأمريكا على العالم في مئة عام تكفي تكاليفها لجعل هذا العالم، هذه الكرة الأرضية البائسة أكثر لذة وأماناّ من الجنة التوراتية والأنجيلية والقرآنية. وبرغم هذه الديانات الثلاث، وربما بسببها… فإن البشرية تباد، ومن بين أسباب إبادتها الجوع.
تأمل هذه الأرقام:
ـ حرب الثلاثين عاماً الأوروبية قتل فيها 11 مليون شخص. وقد نقص فيها عدد سكان ألمانيا من 20 إلى 13 مليون. الأمر الذي أدى إلى أصدار أمر صارم بتعدد الزوجات.
ـ حروب نابليون 6 ملايين.
ـ الحرب بين بريطانيا وفرنسا 14 مليون.
ـ الحرب الأهلية الروسية 9 ملايين.
ـ الحرب العالمية الأولى 20 مليون.
ـ الحرب العالمية الثانية 85 مليون.
ـ حروب إبادة السكان الأصليين في القارة الأمريكية 100 مليون.
وراء هذه الأوروبا المبتسمة المهذبة المعطرة مجازر وأنواع من التفنن في خلق العذاب البشري، ما يكفي لإخافة البشرية من استيقاظ مفاجئ للبربرية بسبب سوء التفاهم على الفحم ، والصراع على الهواء. وهذه المرة تكفي الأزرار الحمراء ولا داعي لجحافل الجيوش.
حين تبدو أخبار الحروب والمجازر، بعيدة عن الإهتمام، لمجرد أن جغرافيا هذه الحروب بعيدة عن الملموس الشخصي… نخشى أن يعاد إنتاج حلبة التسلية الرومانية، حيث المتعة الجماعية في المسرح الدموي هي إفلات الأسود الجائعة على الأسرى وزوجاتهم وأطفالهم، لتمزقهم الأنياب فيما الجمهور المتمدن، بأبهته الطبقية، يفصفص البزر.
حتى السخرية من منشار القنصلية السعودية، الذي قطعت به جثة الخاشقجي… تعيد التذكير بمنشار العصور الوسطى الأوروبية… لقد كان المنشار أداة مفضلة للتعذيب. كما الأسياخ المحماة التي يبتلعها السجناء.
أرجو ألا يكون الربيع الأوربي سبباً لاتهام العالم الثالث بتصديره… إن لديهم أسباباً ـ أقل من أسبابنا ـ ولكن الحروب قد تبدأ، في لحظة الهمجية، بصفعة على خدّ !