صفقة القرن تقترح دويلة فلسطينية بلا سيادة ولا جيش
كشفت صحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية الأحد ما قالت إنها تفاصيل جديدة حول خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الخطة المعروفة باسم صفقة القرن تقترح إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة على مساحة 70 بالمئة من الضفة الغربية يمكن أن تكون عاصمتها بلدة شعفاط شمال شرقي القدس.
ويأتي الكشف عن هذه التفاصيل بالتزامن مع توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وخصمه بيني غانتس زعيم التحالف الوسطي ‘أزرق أبيض’ إلى الولايات المتحدة لمناقشة الخطة المثيرة للجدل والتي استغرق إعدادها فترة طويلة وروجت لها إدارة الرئيس الأميركي طويلا من دون أن تكشف عن تفاصيلها.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية ستشمل الخطة فترة تحضير مدتها 4 سنوات وذلك انطلاقا من قناعة أميركية بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيرفض تنفيذها لكن ربما يقبلها خليفته.
ودعي كل من نتانياهو وغانتس إلى البيت الأبيض يومي الاثنين والثلاثاء. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي للصحافيين قبل الاجتماع الأسبوعي للحكومة “نحن في خضم تطورات دبلوماسية مثيرة للغاية وبانتظار ذروتها”، واصفا الخطة مجددا بأنها “تاريخية”.
وأضاف “سأتوجه بعد قليل إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء صديقي دونالد ترامب الذي سيقدم عرضه للقرن. يحدوني الأمل في إمكانية أن نصنع التاريخ”.
وقال ترامب الخميس إنه سيعلن عن خطته التي طال انتظارها قبل لقاء نتانياهو في واشنطن، مضيفا “إنها خطة ممتازة وستنجح”.
وسيلتقي نتنياهو وغانتس الرئيس ترامب الاثنين في اجتماع منفصل لبحث الخطة. وقال غانتس في مؤتمر صحافي في تل أبيب السبت إن “خطة السلام التي وضعها الرئيس ترامب ستُحفر عميقا في التاريخ كونها ذات مغزى”.
ويتوقع زعيم التحالف الوسطي ‘أزرق أبيض’ أن تتيح الخطة الأميركية “لمختلف اللاعبين في الشرق الأوسط التقدم نحو التوصل إلى اتفاق إقليمي وتاريخي”.
وستقتصر لقاءات الاثنين على الجانبين الأميركي والإسرائيلي، حيث لم يتم توجيه الدعوة للقيادة الفلسطينية.
وبحسب يديعيوت احرنوت، فإن الخطة تسمح لإسرائيل بضم ما بين 30 إلى 40 بالمائة من أراضي المنطقة ‘ج’ بالضفة الغربية.
وقسّمت اتفاقية أوسلو الضفة الغربية إلى 3 مناطق هي ‘أ’ و’ب’ و’ج’ وتمثل المنطقة ‘أ’ نحو 18 بالمئة من مساحة الضفة وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا، فيما تمثل المنطقة ‘ب’ 21 بالمئة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.
أما المنطقة ‘ج’ التي تشكّل 61 بالمئة من مساحة الضفة فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.
وخلال فترة التحضير لتنفيذ صفقة القرن سيتم تجميد البناء في كل المنطقة ج’ التي تسيطر عليها إسرائيل، ما يعني أن بإمكان إسرائيل مواصلة النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها، بحسب المصدر ذاته.
ووفق الصحيفة فإن الخطة تنص على إقامة دولة فلسطينية على مساحة تصل إلى نحو 70 بالمئة من أراضي الضفة الغربية بما في ذلك 30 بالمئة من أراضي المنطقة ‘ج’.
لكن الدولة الفلسطينية وفق صفقة القرن الأميركية ستكون بحسب ‘يديعوت’ بدون جيش أو بلا سيطرة على المجال الجوي والمعابر الحدودية وبلا أية صلاحية لعقد اتفاقيات مع دول أجنبية.
الفلسطينيون يلوحون بالانسحاب من اتفاقية أوسلو التي ترتب العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في حال تم اقرار خطة السلام الأميركية
وتقترح الخطة الأميركية إقامة ‘نفق’ بين غزة والضفة الغربية يكون بمثابة “ممر آمن”. وقالت ‘يديعوت’ إن الحديث يدور عن مسألة “حساسة للغاية لم يتم بحثها بعد على يد منظومة الأمن الإسرائيلية نظرا لإمكانية استخدام النفق المذكور في “نقل أسلحة أو مطلوبين”.
وتطالب صفقة القرن السلطة الفلسطينية بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وفق التقرير الإسرائيلي.
وتبقي الخطة الأميركية على 15 مستوطنة معزولة تحت السيادة الإسرائيلية رغم عدم وجود تواصل جغرافي لهذه المستوطنات مع إسرائيل. كما تطالب إسرائيل بإخلاء 60 موقعا غير قانوني يعيش فيها نحو 3 آلاف مستوطن.
ووفق الصحيفة، تنص خطة السلام الأميركية على الإبقاء على مدينة القدس المحتلة تحت سيادة إسرائيل بما في ذلك الحرم القدسي الشريف والأماكن المقدسة التي تدار بشكل مشترك بين إسرائيل والفلسطينيين.
ولا تنص الخطة على تقسيم القدس، لكن سيحصل الفلسطينيون على كل ما هو خارج حدود جدار الفصل المحيط بالمدينة المقدسة، بحسب المصدر ذاته. كما تنسف الخطة حل الدولتين من أساسه وحق عودة اللاجئين المهجرين والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
وتقترح الصفقة كذلك 50 مليار دولار لتمويل المشروعات في المناطق المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية.
وكان الرئيس الأميركي أعلن اعترافه بالقدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، في حين يرى الفلسطينيون في القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وأجزاء من هضبة الجولان السورية في الخامس من يونيو/حزيران 1967.
وضمت إسرائيل القدس الشرقية في خطوة لم تحظ باعتراف دولي وشرعت ببناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية التي يسكنها أكثر من 630 ألف مستوطن فيما ترى الأمم المتحدة وغالبية المجتمع الدولي تلك المستوطنات غير قانونية.
وقال نبيل أبوردينة المتحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيان “نؤكد مرة أخرى رفضنا القاطع للقرارات الأميركية التي جرى إعلانها حول القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل إلى جانب جملة القرارات الأميركية المخالفة للقانون الدولي”.
وأضاف “نجدد التأكيد على موقفنا الثابت الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وحذّر المسؤول الفلسطيني من أنّه “إذا تمّ الإعلان عن هذه الصفقة بهذه الصيغ المرفوضة، فستعلن القيادة عن سلسلة إجراءات نحافظ فيها على حقوقنا الشرعية وسنطالب إسرائيل بتحمّل مسؤولياتها كاملة كسلطة احتلال”.
وأُعلن عن مبادرة ترامب للسلام في العام 2017 وهو العام الذي تولى فيه السلطة ووعد خلاله بأن يحل السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من خلال الخطة التي وصفها بأنها “صفقة نهائية”.
وتم الكشف عن الجانب الاقتصادي منها في يونيو/حزيران من العام الماضي. ودعت الخطة الاقتصادية إلى استثمار 50 مليون دولار في الأراضي الفلسطينية والدول العربية المجاورة على مدار 10 سنوات.
ولطالما تباهى ترامب بأنه أكثر رؤساء الولايات المتحدة تأييدا لإسرائيل عبر التاريخ، بينما وصف نتانياهو الرئيس الأميركي في بيان السبت بأنه “أعظم صديق لإسرائيل”.
وعلى خطاه سار بيني غانتس الذي قال في مؤتمر صحافي “أود أن أشكر الرئيس ترامب على تفانيه وتصميمه في الدفاع عن المصالح الأمنية التي تتقاسمها إسرائيل والولايات المتحدة”.
ويأتي لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم تحالف ‘ازرق أبيض’ بسيّد البيت الأبيض قبل نحو خمسة أسابيع على الانتخابات العامة في إسرائيل التي تجري للمرة الثالثة خلال أقل من عام.
وتظهر استطلاعات الرأي تقارب النتائج بين زعيم حزب الليكود ومنافسه زعيم تحالف ‘أزرق أبيض’ اللذان وصلا إلى طريق مسدود في انتخابات أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول.
وتشير توقعات وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنه من شأن إعلان ترامب المرتقب أن يدعم نتانياهو في السباق الانتخابي المقبل.
ميدل إيست أونلاين