طهران تتوعّد التمادي الأوروبي: ننسحب من «الانتشار النووي»
تُكثّف طهران رسائلها المتحدّية التصعيدَ الأوروبي المتمثّل في تفعيل «آلية فض النزاع» في الاتفاق النووي. ولمجابهة قرار الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا)، الخاضع لضغط حثيث من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تُشهر الجمهورية الإسلامية أوراق ضغط مقابلة، أملاً لجم الأوروبيين وكفّهم عن الذهاب بعيداً في «آلية الزناد» نحو إعادة العقوبات الدولية، التي تهلّل لها إدارة واشنطن بغية توسيع حملة «الضغوط القصوى» وإعطائها زخماً أكبر.
وبعد تلويح البرلمان الإيراني بإعادة النظر في التعاون مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» (وهو ما يستبطن طرد المفتشين الدوليين كتصعيد خطير يعني إنهاء آخر نتائج الاتفاق النووي ورفع الرقابة الدولية عن الأنشطة النووية)، أخرج وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، ورقة الانسحاب من «معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» (NPT)، إذ قال أمام البرلمان أمس: «إذا واصل الأوروبيون سلوكهم غير اللائق أو أحالوا ملف إيران إلى مجلس الأمن، فسوف ننسحب من معاهدة منع الانتشار النووي». وأشار إلى خطوات أخرى قد تتخذها بلاده قبل الانسحاب من المعاهدة. ظريف، وعلى رغم اللهجة الحادّة التي تكلم بها، لم يغلق باب التفاوض تماماً، بل جدّد التأكيد أنه «إذا عاد الأوروبيون إلى التزاماتهم، فإن إيران ستوقف خفض التزاماتها». ورفض الاتهامات الأوروبية بخرق الاتفاق، في إشارة إلى «الخطوة الخامسة» والأخيرة من خطوات خفض الالتزامات النووية الإيرانية ردّاً على الانسحاب الأميركي، موضحاً أن بلاده اتخذت هذه الخطوات في إطار مسار «حلّ الخلاف» بشكل رسمي وقانوني.
وإذ تتمسّك إيران برفض انضمام بريطانيا وفرنسا إلى تأييد «اتفاق جديد» يدعو إليه ترامب، ينقسم الموقف في طهران في شأن استعجال الانسحاب من معاهدة «NPT» (الموقعون عليها 190 دولة)، على اعتبار أنه تهديد لا طائل منه أو سلبياته أكثر من إيجابياته إذا ما ذهبت المعركة إلى مجلس الأمن. فإن كان يضرّ الانسحابُ الاتفاق النووي المنبثق عن المعاهدة، إلا أنه سيضرّ أيضاً بالنظرة إلى سلمية البرنامج النووي، على رغم أن إيران تؤكد أنها لن تقدم على تطوير سلاح نووي.
وبانتظار المسار الأوروبي الذي لم يوضح حتى الآن إذا ما كان سيكتفي بانحناءته أمام تهديدات ترامب بفرض عقوبات على قطاع السيارات الأوروبي ومن ثم يعود إلى مناورة طهران بالتفاوض، أو أنه سيستمر بالتصعيد عبر «آلية الزناد»، فإن موقفاً تصعيدياً آخر برز أمس، تمثّل في إعلان سبع دول «الدعم السياسي» لتشكيل بعثة أوروبية للمراقبة البحرية في مضيق هرمز من مقرّ في الإمارات. والدول السبع هي: ألمانيا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا واليونان وإيطاليا وهولندا والبرتغال. ومع أن الموقف الأوروبي يبقي على رفض الانضمام إلى التحالف الأمني الأميركي البحري، إلا أن استعجال تفعيل المهمة المستقلة في الخليج في هذا التوقيت، يظهر مرة أخرى انخراطاً أوروبياً غير مباشر في الضغوط الأميركية، لا سيّما أنه يأتي عقب مطالبات ترامب بدور أوروبيّ أكبر في الشرق الأوسط.
صحيفة الأخبار اللبنانية