طهران تستبق زيارة ماس: لن نمدّد مهلة الشهرين
تستقبل طهران، اليوم، وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الذي يلتقي الرئيس حسن روحاني، في زيارة ينظر إليها المراقبون باهتمام، كما أُعدّ لها بزيارة قام بها مدير القسم السياسي في وزارة الخارجية الألمانية وأحد أهم مستشاري ماس، ينز بلوتنر، قبل أسبوعين. التحرّك الدبلوماسي الألماني، المنسّق مع كل من لندن وباريس، يأتي في وقت يتصاعد التوتّر بين طهران وواشنطن، بعد تشديد الأخيرة ضغوطها على إيران، فيما يردّ الإيرانيون بالتلويح بالخروج من الاتفاق النووي، منذ الإعلان عن تخفيف بعض القيود مع مهلة 60 يوماً بدأت قبل شهر.
الخروج من الاتفاق ليس وحده ما يملكه الإيرانيون من أوراق بوجه الأوروبيين الذين يريدون الاتفاق بوصفه ضمانة أمنية، لكنّهم يريدونه، بحسب ما تقول طهران، منحة مجانية بلا تنفيذ الالتزامات العملية الأساسية المقابلة، أي مفاعيل الاتفاق الاقتصادية والتجارية، خوفاً من تحدّي الولايات المتحدة. تلوّح طهران بأوراق لا تقلّ خطورة عن تحلّلها من الاتفاق، بينها التخلّي عن مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان الذين من المرشّح أن يتّخذوا أوروبا وجهة للجوئهم التالي، إضافة إلى التخفيف من إجراءاتها الأمنية المتعلّقة بمنع عمليات تهريب المخدرات من أفغانستان إلى أوروبا.
الولايات المتحدة، من جهتها، تواصل ضغوطها على أوروبا كي لا تتجاوز، في تطبيق آلية التبادل المالي، إلى الجوانب المشمولة بالحظر، وأن تبقى محصورة في تبادل الأدوية والمواد الغذائية. وقد بدت الزيارات الأوروبية الأخيرة لكل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووزير خارجيته مايك بومبيو، في سياق هذه المساعي، أملاً في تعزيز الحملة على إيران وتحقيق أعلى مستوى ممكن من الضغوط. إزاء ذلك، يعبّر الأوروبيون، وخصوصاً دول الترويكا بريطانيا وألمانيا وفرنسا، عن تمسّكهم بالاتفاق والسعي للحفاظ عليه، بينما يبدو التردّد جلياً عند بحث توسيع العمل بآلية التبادل «إنستكس»، في ترجمة للتناقض الذي يعيشه الأوروبيون بين رغبتهم في تطبيق الاتفاق والحرص على عدم إغضاب واشنطن.
من المنتظر أن تحمل زيارة ماس اليوم نتائج حاسمة على مستوى الملف، تتوقّف على طبيعة الرسالة التي يحملها وقدرة طهران على التجاوب معها، خصوصاً أن ضغوط طهران وواشنطن بلغت لدى أوروبا العالقة في المنتصف مبلغاً يتطلب حسم المواقف. ورسالة ماس تتضمّن بحسب ما يستشف من التصريحات الأوروبية الأخيرة تأكيداً على التمسك بالاتفاق النووي، ومحاولة لإثارة القضايا الخارجة عنه لغاية التخفيف من الضغوط الأميركية، والتي ترفض طهران التفاوض عليها مع الأميركيين: البرنامج الصاروخي والدور الإقليمي.
وستحمل جعبة ماس أكثر من رسالة، خصوصاً أن الزيارة شملت الأردن ثم العراق فالإمارات التي سمع من وزير خارجيتها، عبد الله بن زايد، أمس، طلباً لافتاً وهو أن «أي اتفاق مستقبلي مع إيران يجب أن يشمل دول المنطقة، بحيث تكون طرفاً فيه». وأعطى جدول الأعمال الموسّع ليشمل دولاً أخرى (ليس من بينها الرياض وهو ما يعود على الأرجح إلى سوء العلاقة مع برلين)، انطباعاً بمسعى للتهدئة في المنطقة، أكّد عليه الوزير الألماني أمس خلال الشقّ الإماراتي من جولته.
وفي طهران، استبق الإيرانيون الضيف الألماني بموقف متصلّب عبر تأكيد أمين «مجمع تشخيص مصلحة النظام»، محسن رضائي، أن المجلس الأعلى للأمن القومي لن يمدّد مهلة الشهرين الممنوحة لأطراف الاتفاق النووي.
من جهته، شدّد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على ضرورة أن يعمل الأوروبيون على «تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران، وعليهم أن يردوا على السؤال وهو: أي إجراءات قاموا بها لتطبيع هذه العلاقات؟». ورأى في سؤال حول زيارة ماس بالتزامن مع انتقادات أوروبية لطهران أن الأوروبيين «ليسوا في موقع يؤهّلهم لانتقاد إيران»، مضيفاً: «بعض الدول مثل ألمانيا أوقفت بيع الأسلحة للسعودية والتي تستخدم لقصف شعوب المنطقة، إلا أن بعض الدول الأخرى لم تفعل ذلك، وعلى العموم فإن الغرب سمح للأنظمة الاستبدادية في المنطقة بارتكاب الجرائم ومن الضروري طرح هذه القضايا». واستبعد ظريف أن ينقل الوزير الألماني رسالة خاصة إلى إيران، في إشارة إلى الجانب الأميركي، موضحاً أن «ألمانيا تتابع دور الترويكا الأوروبية».
في غضون ذلك، وبالتوازي مع الرسائل الدبلوماسية، أزاح الجيش الإيراني أمس النقاب عن منظومة «15 خرداد» للدفاع الجوي. وقال وزير الدفاع العميد أمير حاتمي، إن المنظومة يمكنها كشف أهداف كالمقاتلات والطائرات المسيرة على بعد 150 كلم ومتابعتها على بعد 120 كلم ومتابعة أهداف متخفية على بعد 85 كلم والاشتباك معها وتدميرها على بعد 45 كلم. وأفاد بأن «15 خرداد» لديها منصات إطلاق مستقلة تستخدم صواريخ «صياد 3»، ومزودة برادار قادر على كشف ومتابعة 6 أهداف في آن والاشتباك مع 5 أهداف أخرى، وتستغرق جاهزيتها أقل من 5 دقائق.
صحيفة الأخبار اللبنانية