بعد انقطاع ما لا يقل عن سنة عن كتابة المقالات لم أعد أعرف السبب أو بالأحرى اعرفه ولكني مللت من ذكره ( أنه الإستياء والقرف ) من واقع نعيشه منذ أكثر من 15 عاما وهو … الحرب .. الحرب التي دفعنا ثمنها هجرة وغربة وإحباطات متتالية يرافقها بصيص أمل يتصاعد لحظات ثم يهبط هبوطا حادا لأيام وشهور بناء على حالة عدم الاستقرار والدمار الاقتصادي والاجتماعي والإنساني. الجبهات التي كلما شعرنا بأنها قد بدأت تنتهي نجدها قد اشتعلت من جديد في أماكن أخرى لتفتح في أرواحنا جرحا جديدا يؤلمنا حتى التعود المؤلم بحد ذاته بأنه وصلنا لمرحلة كفى و نريد فقط أن نعيش.
أصابنا القرف من الحروب ، ومن الظلم، ومن الموت … أصبحنا بلا إحساس من كثرة الموت والدمار والخوف الذي عشناه ودفعنا ثمنها بمختلف الطرق..
نعم .. ابتعدت سنة كاملة من حرب غزة إلى اليوم حرب لبنان الجديدة وما زالت سوريا تدفع ثمن الحرب على طول الطريق والتي ما زالت آثارها تأكل البلد وتاكل القلوب..
عدت وقد أجبرت نفسي أن أعود برغبه لإن أترك أثرا ولو طفيفا على جدار الذاكرة قد يعني شيئا لعائلتي وأبنائي يوما ما ويتذكروني من خلال كلمة فكرة خاطرة حقيقية .. لأنه لا يبقى من ذكرى أي إنسان إلا كلمة، فكرة ، كتبها ، إنجاز تركه على جدران التاريخ والذي مع الوقت قد يزول ويختفي بسبب سرعة الحياة وكمية الآثار التي يتركها أناس مروا عبر التاريخ …
يا إلهي كم هو مؤلم وحقيقي هذا الكلام، ومع ذلك ما زال الأمل يدفعنا ويحركنا لكي نتمسك بالحياة و نقاتل لنحقق شيئا لذاتنا ونترك أثرا يفتخر به أبناؤنا ..
و اليوم في عصر الذكاء الاصطناعي و السوشل ميديا الذي اقتحم حياتنا بطريقة لم نعد نستطيع إلا أن نعيش ضمنه وفي فلكه..عدت بعد سنة من مشاهدة الأحداث المؤلمة التي تمر بها بلاد الشرق الاوسط عدت لاكتب بكلماتي وإحساسي وشهادتي للواقع …كلماتي التي أتمنى أن تكون صادقة قبل أن يشوهها الذكاء الاصطناعي الذي أصبح متاحا بدلا عنا ويفكر بدلا عنا ويقرر بدلا عنا و سيكتب بدلا عنا ما نشعر به ويرسم ما نريده ويصور ما يعتقده الصح…
الذكاء الاصطناعي الذي سيتحول إلى نحن، وسنتحول نحن إلى أدوات للذكاء الاصطناعي.
لن اتشاءم .. سأكتب بحروفي وكلماتي واحساسي، وسأتعلم كيف أستخدم هذا الذكاء بطريقة إيجابية تضيف إلى حياتنا تسهيلات وأدوات تمكننا من إيجاد الوقت لنستمتع بأنفسنا وعائلاتنا وحياتنا…
فتذكر يا صديقي كل شيء له وجهان سلبي وايجابي وانت صاحب القرار ماذا ترى وكيف تستخدم هذه التسهيلات وهذه الفرص وكيف تستفيد منها لنشر الوعي والقيم الأخلاقية الإيجابية والحقيقة قبل ان يتم التلاعب بها .
نعم سأواصل الكتابة حتى ولو بقي مجرد حرف يصل الى الآخر ..
بوابة الشرق الأوسط الجديدة