“عرسُ بدون العروسيْن”: تل أبيب تتهِّم واشنطن والمنامة بالخضوع للضغوطات الفلسطينيّة وعدم دعوة إسرائيل لحضور “منتدى البحرين”

 

بات جليًا وواضحًا للعيان أنّ ما يُطلَق عليها “ورشة البحرين” الاقتصاديّة تُوفّيت قبل أنْ تُولد: فكما هو معلوم، هناك إجماع فلسطينيّ شامل على مقاطعة الورشة، ودعة الدول لعربيّة المُشارِكة فيها إلى مُقاطعتها، ولكن التطوّر الأهّم الذي حصل، كما أكّدت المصادر السياسيّة في تل أبيب، يكمن في عدم توجيه البيت الأبيض دعوةً رسميّةً لإسرائيل لحضور الورشة المذكورة، والتي وفق المصادر الأمريكيّة، سيتّم فيها عرض الشقّ الاقتصاديّ من خطّة السلام الأمريكيّة، التي غدت تُسّمى إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، وبحسب المصادر الإسرائيليّة واسعة الاطلاع فإنّ عدم توجيه الدعوة لإسرائيل، مردّه أنّ واشنطن لا ترغب في إضفاء جوٍّ من السياسة على “ورشة البحرين”، وهو الادعاء الذي قوبل في كيان الاحتلال بالتشكيك الكبير، إذْ نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، عن محافل سياسيّةٍ واسعة الاطلاع قولها إنّ عدم دعوة إسرائيل يعود إلى ضغوطٍ عربيّةٍ وفلسطينيّةٍ بالتحديد، مورِست على منظمي الورشة للامتناع عن دعوة إسرائيل بشكلٍ رسميٍّ، على حدّ تعبيرها.

ولفتت المصادر عينها إلى أنّ إسرائيل لن تُرسِل ممثلين حكوميين منتخبين لـ”قمّة السلام” التي ستُعقد في البحرين في 25-26 حزيران (يونيو) الجاري، وبدلاً من ذلك، سيضُمّ الوفد الإسرائيليّ مواطنين من قطاع الأعمال والهايتك و الابتكار، بحسب المصادر المطلعة على الحدث.

وكان من المتوقع أنْ يحضر وزير المالية موشيه كحلون الورشة في المنامة، حيث ذكرت الأسبوع الماضي القناة 13 بالتلفزيون العبريّ أنّ منظمي المؤتمر الأمريكيين كانوا في انتظار الحصول على تأكيد عددٍ أكبرٍ من الدول العربية مشاركتها في المؤتمر قبل أنْ يُوجهوا دعوةً رسميّةً للدولة العبريّة لحضور المؤتمر، حيث تخطط إدارة ترامب بحسب المصادر في تل أبيب، للكشف عن الجزء الاقتصاديّ من الخطّة التي طال انتظارها لحل النزاع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ، على حدّ تعبير المصادر بتل أبيب. وأعلنت كلٌّ من مصر والمغرب والأردن والإمارات وقطر والسعودية حضورهم للمؤتمر.

ولكن، تابعت المصادر السياسيّة في تل أبيب، فإنّه بعد نقاشٍ بين مسؤولين أمريكيين وبحرينيين، خلص المنظمون إلى عدم توجيه دعوة للقادة الإسرائيليين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنّ كيان الاحتلال يُقاد حاليًا من حكومة تصريف أعمال في انتظار الانتخابات العامّة المُقررة في 17 أيلول (سبتمبر) القادم.

ولكنّ المصادر في تل أبيب أكّدت على أنّ واشنطن خشيت من حضورٍ إسرائيليٍّ رسميٍّ، وفي الوقت عينه مُقاطعة فلسطينيّة رسميّة، مؤكّدةً على أنّه عمليًا خضعت الولايات المُتحدّة للضغوط الفلسطينيّة، الأمر الذي دفع البحرين إلى مُطالبة واشنطن بأنْ تكون الورشة على مستوى رجال أعمال إسرائيليين وفلسطينيين، وعدم إقحام رجال السياسة في الورشة، كما قالت المصادر بتل أبيب.

وكانت مُراسِلة الشؤون السياسيّة في القناة 12 بالتلفزيون العبريّ، دانا فايس، نقلت أواخر الأسبوع الماضي، عن مصادرها في كلّ من واشنطن وتل أبيب، إنّ “صفقة القرن” تمّ وضعها في الثلاجّة، مؤكّدة على أنّه يجِب ألّا نكون مفاجئين من هذا الكشف، وأنّ الحديث حول الشقّ السياسيّ منها لن يبدأ قبل انتهاء الانتخابات الإسرائيليّة العامّة المُقرّرة في السابع عشر من شهر أيلول (سبتمبر) القادِم وتشكيل الحكومة الإسرائيليّة الجديدة، أيْ، بكلماتٍ أخرى، لفتت المصادر إلى أنّ الشقّ السياسيّ من الخطّة سيتّم عرضه في تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام الجاري، على حدّ تعبير المصادر الرفيعة في كلٍّ من تل أبيب وواشنطن.

وقال متحدثٌ بلسان وزير المالية كحلون إنّه ليس على دراية بالتقرير، لكنّه أكّد على أنّ وزير المالية لم يتلقَّ حتى الآن دعوةً لحضور المؤتمر، فيما رفضت وزارة الخارجية الإسرائيليّة التعليق على التقرير، وبالإضافة إلى ذلك، كشفت المصادر النقاب عن أنّ الإعلاميين الإسرائيليين الذين يسعون لتغطية المؤتمر لم يتمكّنوا حتى الآن من الحصول على تصريحٍ من المنظمين للحضور.

ومن الجدير بالذكر أنّ وزير الخارجية الإسرائيليّ بالوكالة، يسرائيل كاتس، قال أوّل من أمس، الأحد، إن الدولة العبريّة سوف تُشارِك في المؤتمر الذي ستستضيفه البحرين برعايةٍ أمريكيّةٍ، وأدلى كاتس بتصريحاته للصحافيين على هامش مؤتمر صحيفة “جيروزاليم بوست” في نيويورك، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ الولايات المتحدة، بدعمٍ من إسرائيل، تقود عملية تعاونٍ اقتصاديٍّ إقليميٍّ لصالح الشرق الأوسط بأسره، على حدّ تعبيره.

وتابع الوزير كاتس: يشمل ذلك تعزيز العلاقات مع الدول العربية البراغماتية في المنطقة، من خلال التعاون الأمنيّ والمبادرات الاقتصاديّة المشتركة، وأنّ جزءًا أساسيًا من هذه الجهود هو ورشة العمل الاقتصادية المزمع عقدها في البحرين تحت عنوان “السلام من أجل الازدهار”، لافتًا إلى أنّ لإسرائيل الدور الرئيسيّ الذي تلعبه في هذه العملية، مع خبرتها وقدراتها فإنّ الدولة العبريّة، أضاف، يُمكِنها المُشاركة في هذه الجهود والمساهمة في مجالات اهتمامٍ مُختلفةٍ، كما قال الوزير.

وشدّدّت المصادر السياسيّة في تل أبيب، كما أكّدت الصحيفة العبريّة، شدّدّت على أنّ الولايات المتحدة تُحاوِل حشد الدعم للمؤتمر، الذي تعرّض لانتقاداتٍ بسبب قيامه بوضع القضايا الاقتصاديّة، كما يبدو، قبل التوصّل إلى حلٍّ سياسيٍّ للنزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، وفقًا لأقوالها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى