تحليلات سياسيةسلايد

عملية رعنانا تؤكِّد غليان الضفّة..

زهير أندراوس

أعادت عملية رعنانا، في مركز إسرائيل، والتي نُفِّذت أمس الاثنيْن، وأسفرت عن مقتل امرأةٍ وإصابة أكثر من عشرين إسرائيليًا، أعادت إلى الواجهة قضية التنسيق الأمنيّ بين دولة الاحتلال والأجهزة الأمنيّة التابعة لسلطة رام الله، التي يقودها محمود عبّاس.

 

وقال مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، في تحليله إنّ العملية لا تُبشِّر خيرًا، وأنّ الضفّة الغربيّة على صفيحٍ ساخنٍ، ومن الممكن جدًا أنْ تنفجِر الأوضاع فيها بكلّ لحظةٍ لعدّة أسبابٍ أهمها أنّ الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة، على حدّ تعبيره، فقدوا الأمل في الحلّ السياسيّ لمشكلتهم، ناهيك عن أنّ حكومة بنيامين نتنياهو تمنع العمال الفلسطينيين من الدخول إلى مناطق الـ 48 للعمل فيها، الأمر الذي يزيد الوضع الاقتصاديّ بالضفّة صعوبةً، كما قال.

وأوضح المُحلِّل هارئيل، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ مطلعةٍ في تل أبيب، أنّه على الرغم ممّا يجري في غزّة، أيْ العدوان البربريّ والهمجيّ ضدّ الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزّة، وسقوط حوالي 24 ألف شهيد، نصفهم من الأطفال، فإنّ التنسيق الأمنيّ بين الأجهزة الأمنيّة التابِعة لسلطة رام الله وبين الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة تسير على أحسن حالٍ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الأجهزة الفلسطينيّة تقوم حتى اللحظة باعتقال ناشطين في حركتيْ حماس والجهاد الإسلاميّ، على حدّ قوله.

عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، تحوّل التنسيق الأمنيّ، حسب الأكاديميّ عقل صلاح، بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) عام 2007 على قطاع غزة إلى شراكةٍ حقيقيّةٍ بين السلطة وإسرائيل، بدافع الانتقام من حماس.

وتطوَّر من التنسيق لاعتقال المطاردين إلى إغلاق المؤسسات والجمعيات، ومراقبة الأرصدة بالبنوك، والتضييق على جميع حركات المقاومة، خاصة حماس.

ويذهب صلاح في حديثه لموقع (الجزيرة) إلى اعتبار الاتفاق ليس تنسيقًا لأنّ التنسيق كلمةً مضللةً، كون ما يجري تعاونًا من طرفٍ واحدٍ فقط، وهو الفلسطينيّ الملزَم بتقديم كلّ المعلومات للاحتلال من دون الحصول على مثلها أوْ أقل، بحسب تعبيره.

لكن التنسيق الأمنيّ تحوَّل، حسب الأكاديميّ، بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 2007 على قطاع غزة إلى شراكةٍ حقيقيّةٍ بين السلطة وإسرائيل، بدافع الانتقام من حماس. وتطوَّر من التنسيق لاعتقال المطاردين إلى إغلاق المؤسسات والجمعيات، ومراقبة الأرصدة بالبنوك، والتضييق على جميع حركات المقاومة، خاصة حماس.

وتكشف وثائق مسرّبة حول التنسيق الأمنيّ، كما يشير إليها صلاح، عن مدى تورط السلطة في القيام بالدور المنوط بها، بل واجتهادها في ذلك، مذكرًا بتصريح لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الراحل صائب عريقات قال فيه “لقد استثمرنا وقتًا وجهدًا وحتى قتلنا أبناء شعبنا، لأجل حفظ النظام وحكم القانون، نحن نجتهد للقيام بما علينا”.

كما يجدد رئيس سلطة رام الله، محمود عباس كلّ حين أنّه “ملتزم باستمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل بمعزل عن تمديد أو نجاح المفاوضات”، بحسب تعبيره.

ولم يخدم التنسيق الأمني إلّا المستوطنين، ولم يجنِ الفلسطينيون منه أية فائدة سوى فقدان الثقة في السلطة وأجهزتها الأمنية وبحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) المؤيدة لأوسلو، والتي دفعت قبل غيرها فاتورة التنسيق الأمنيّ باغتيال واعتقال كوادر منها.

ومن أوجه التنسيق الأمني اعتقال أمن السلطة مواطنين فلسطينيين ثم يطلق سراحهم ليعتقلهم الاحتلال بالتهمة نفسها، وهو ما بات يعرف بسياسة (الباب الدوار).

ومن مظاهره أيضًا تبليغ جيش الاحتلال عبر مخابراته الأمن الفلسطينيّ بنيته اقتحام مناطق بالضفة، فيتخذ الثاني إجراءاته بعدم إعاقته، وكذلك حماية المستوطنين الداخلين “خطأ” لمناطق السلطة و”العملاء” المتعاونين مع إسرائيل.

ورغم ذلك، تتعمد إسرائيل استخدام التنسيق الأمنيّ بوصفه أداةً لإذلال الفلسطينيين وتحطيم إرادتهم، بتأكيدها دومًا أنّ أيّ اغتيالٍ أوْ اعتقالٍ تقوم به يجري بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

واختم صلاح حديثه بالقول إنّ التنسيق الأمنيّ وبعد فشل الاتفاقيات بكلّ بنودها مع إسرائيل، ظلّ وحده قيد التطبيق لأنّه لا وجود لإسرائيل من دون أمن، طبقًا لأقواله.

وكان وزير المالية الإسرائيليّ بتسلئيل سموتريتش، أعلن رفضه مطالب أمريكية بتحويل أموال المقاصة كاملةً إلى السلطة الفلسطينية.

وقال زعيم (الصهيونية الدينية) اليمينيّ المتطرف، في تغريدة على منصة “إكس”: “نكن احترامًا كبيرًا للولايات المتحدة، أفضل حليف لنا في العالم، وللرئيس جو بايدن، وهو صديق حقيقيّ لإسرائيل، لكننا لن نترك مصيرنا أبدًا في أيدي الأجانب”، مُضيفًا أنّه ما دوام وزيرًا للمالية، لن يذهب شيكل واحد إلى غزة .

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى