فرص مصر لتنفيس أزمتها الاقتصادية تتضاءل بسبب الحذر في الإصلاحات
خبيرة تؤكد أن مصر واقعة في فخ حلقة مفرغة من أداء الاقتصاد المصري الضعيف، حيث تجري معالجة الأعراض على مستوى سطحي.
تتجه مصر فيما يبدو نحو التخلي عن الممارسات السابقة والسماح بتعويم عملتها تماشيا مع الإصلاحات المدعومة من صندوق النقد الدولي، لكن التغييرات الهيكلية التي يمكن أن تخرج البلاد من دوامة برامج الإنقاذ المالي تبدو أقل احتمالا.
وبعد عامين من نقص مزمن في العملة الأجنبية، حصلت مصر على تمويل غير متوقع منذ أواخر فبراير/شباط بما في ذلك 24 مليار دولار استثمارات إماراتية لتطوير مدينة على ساحل البحر المتوسط وأكثر من 15 مليار دولار من صندوق النقد والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وفي إطار اتفاق مع الصندوق في مارس/آذار، سمح البنك المركزي المصري للجنيه بالانخفاض بشدة، وهي خطوة اتخذها عدة مرات في السنوات السابقة لكنه كان يعود للسيطرة على سعر الصرف كلما تعرض الجنيه لضغوط.
وقال مصرفيون ومحللون إن هذه المرة قد تكون مختلفة لأن العملة يتم تداولها بحرية تقريبا على الرغم من بقاء بعض القيود.
وقال ثلاثة من كبار المصرفيين في بنوك تجارية ومصرفي استثماري إنه بعد التعويم، اختبر مستثمرون أجانب التزام البنك المركزي بسعر صرف مرن مرتين، في 25 مارس/آذار وفي 15 أبريل/نيسان، من خلال بيع ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من أذون الخزانة بالجنيه المصري وحولوا الأرباح إلى الخارج.
وقال المصرفيون إن البنك المركزي لم يتدخل في أي من المرتين، بل سمح للجنيه بالتراجع أمام الدولار، مما دفع المستثمرين إلى الاعتقاد بأن العملة معومة بالفعل.
ويرى مراقبون بوادر تغييرات أخرى. وقال مصرفيان وعدد من رجال الأعمال إن الحكومة تُبطئ الإنفاق على مشروعات البنية التحتية الكبيرة التي أدت إلى ارتفاع الدين الخارجي لمصر. وعبر دبلوماسي غربي عن اعتقاده أن الحكومة ستلتزم بخطط سداد المتأخرات المتراكمة مع الشركات الأجنبية.
لكن البعض يعتقد أن الأموال الجديدة قد تقلص أيضا الضغط من أجل إجراء تغييرات هيكلية يقول مقرضون متعددو الأطراف إنها ضرورية لإطلاق العنان للقدرات الكامنة في اقتصاد عززت الدولة والجيش سيطرتهما عليه في السنوات القليلة الماضية.
وفي ظل الحرب في غزة والمخاوف بشأن الهجرة لأوروبا، عزز تدفق التمويل الاعتقاد بأن الدول الغربية والخليجية تعتبر مصر أكبر من أن تُترك للانهيار، بغض النظر عن الإصلاح الاقتصادي أو السياسي.
وقال مصرفي “تم حل مشكلة التدفقات النقدية لدينا مؤقتا، لكننا بحاجة إلى إيجاد حلول جذرية”، مضيفا أن “الأمر مغر جدا جدا للجميع: لدينا المال الآن، فلنذهب وننفقه”.
وقالت عبلة عبداللطيف المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، وهو مركز بحثي في القاهرة، في ندوة عقدت مؤخرا إن الحكومة ترى أن أزمات مصر تعود لأسباب خارجية وتواصل التركيز على بناء المدن والبنية التحتية بدلا من الإصلاح والاستثمار في الصحة والتعليم.
وأضافت أن مصر واقعة في فخ حلقة مفرغة من أداء الاقتصاد المصري الضعيف، حيث تجري معالجة الأعراض على مستوى سطحي.
ولا تزال بعض الضوابط المفروضة على العملة الأجنبية قائمة، فيما قال مصرفيون إن المواطنين الذي يريدون شراء عملات أجنبية يجب عليهم تقديم ما يثبت أنهم بحاجة إليها للسفر، أو للعلاج أو للتعليم في الخارج.
ويواصل البنك المركزي وفقا لاثنين من المصرفيين منع البنوك من توفير العملة الأجنبية لاستيراد 13 سلعة، بينها السيارات كاملة الصنع، والهواتف المحمولة وكمالياتها والفواكه الطازجة والمجوهرات وأجهزة تلفزيون وأجهزة كهربائية والملابس الجاهزة.
ويشتري بعض المستوردين والمسافرين الدولار من السوق الموازية بينما تشن الشرطة حملات صارمة عليها رغم أن السعر الذي تعرضه لا يختلف كثيرا عن السعر الرسمي.
وشدد صندوق النقد مراقبته لسوق الصرف في مصر وربط شرائح القرض بمراجعات نصف سنوية لمرونة العملة وذكر أنه سيراقب تراكم طلبات تدبير النقد الأجنبي في البنوك والفارق بين أسعار الصرف في السوقين الرسمية والموازية وإجمالي قيمة التداول في سوق ما بين البنوك.
لكن عمرو عدلي الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية بالقاهرة قال إنه من غير الواضح هل يمكن أن يتفق مختلف الممولين لمصر على ضرورة تطبيق إصلاحات أوسع من شأنها تجنب الحاجة إلى عمليات إنقاذ مستقبلية، مضيفا “هذا ليس عملا سهلا… والأهم من ذلك، من سينفذه؟”
ميدل إيست أونلاين