في إنجاز علمي.. توقع العواصف الشمسية قبل وقوعها
توصل علماء الى ان العواصف التي من شأنها ان تسبب اضرارا واضطرابات كبيرة على كوكب الارض ولا سيما في مجال الاتصال والطاقة الكهربائية والملاحة، بات يمكن توقعها مسبقا اذ انها تكون مسبوقة بتشكل “طوق مغناطيسي” حول الشمس. وبحسب هؤلاء الباحثين الفرنسيين فان طاقة هذا الطوق المغناطيسي تزداد قوة مع اقتراب خروج الانبعاثات من جوف الشمس الى خارجها.
وهذه الانبعاثات هي التي تسبب العاصفة الشمسية. ويعتقد العلماء ان هذا الطوق المغناطيسي هو الذي يخرج الانبعاثات الشمسية هذه. وقال طاهر عمري عالم الفيزياء الفلكية “لقد حددنا مصدر ثوران شمسي قبل ان يتشكل على سطحها باربعة ايام”. واضاف “ستساعدنا هذه الابحاث على تحسين قدرتنا على توقع الانبعاثات الشمسية” المسببة للعواصف. وثوران الشمس هو ظاهرة تحصل في الغلاف الجوي للشمس، وتلقي في الفضاء وبسرعة هائلة انبعاثات من الاشعة والجزيئات وغاز البلازما. وتؤدي هذه الظاهرة الى تكون ما يعرف باسم العواصف الشمسية.
وفي حال ضربت هذه العواصف كوكب الارض، فانها قد تؤدي الى اضطرابات كبيرة تطال التيار الكهربائي والاقمار الاصطناعية وحركة الملاحة الجوية واجهزة تحديد المواقع الجغرافية، وبالتالي الى اضرار اقتصادية كبيرة جدا.
وعمل فريق الباحثين الفرنسيين على دراسة الثوران الشمسي الذي وقع في العام 2006، معتمدين على بيانات جمعها قمر اصطناعي ياباني. وتوصل العلماء الى ان “طوقا من الطاقة” حول الشمس يظهر تدريجا في الايام السابقة على ظهور الثوران الشمسي، ويكبر شيئا فشيئا الى حين وقوع الظاهرة. ونشرت خلاصات هذه الدراسة في مجلة نيتشر البريطانية. وقال طاهر عمري “يتشكل حقل مغناطيسي حول الشمس..اطرافه متصلة بالبقع الموجودة على سطحها”. والبقع الشمسية هي مناطق ابرد من غيرها في سطح الشمس واقل وهجا، وفيها تتركز حقول مغناطيسية. وفي بعض الأحيان تتصل هذه البقع في ما بينها وحينها يبدأ الثوران الشمسي بالتشكل.
وبحسب طاهر عمري، فان خلاصة هذه الابحاث تشير الى امكانية توقع العواصف الشمسية قبل حدوثها، من خلال مراقبة النشاط المغناطيسي على سطح الشمس. وقال “بالاستناد الى المعطيات المغناطيسية التي نحصل عليها مباشرة، وبالارتكاز على مجموعة من النماذج الرياضية المتخصصة، بات بالامكان توقع الاحوال الجوية الفضائية”.
وتصل العواصف الشمسية الى الارض في مدة تراوح بين ثماني دقائق، وهي المدة اللازمة لوصول الاشعاعات التي تسبح في الفضاء بسرعة الضوء، وثلاثين دقيقة، وهي المدة اللازمة لوصول الجزيئات الاخرى. اما البلازما، وهي اكثر ما يضر اجهزة الارض من العواصف الشمسية، فتتطلب ما بين يوم واحد واربعة. وتدخل انبعاثات البلازما هذه في الحقل المغناطيسي للارض فتؤدي الى عواصف مغناطيسية تسبب ما يعرف بالشفق القطبي. لكنها احيانا تكون ذات اثار مدمر.
ففي العام 1989، ضربت عاصفة مغناطيسية الارض فأسفرت عن قطع التيار الكهربائي عن خمسة ملايين شخص في كندا لساعات عدة، واحراق محول كهربائي في محطة نووية في الولايات المتحدة. وكانت الارض نجت في العام في 2012 من عاصفة شمسية هائلة كان من شأنها أن تسبب اضطرابات على نطاق واسع جدا في الكهرباء والاتصالات، وان “تعيد الحضارة البشرية الى القرن الثامن عشر” بحسب تعبير وكالة الفضاء الاميركية (ناسا). وكانت تلك العاصفة الشمسية الاقوى منذ 150 عاما. وشهدت الارض في العام 1859 اكبر عاصفة شمسية ، يقدر الخبراء انها لو وقعت في ايامنا التي يعتمد فيها البشر بشكل كبير على الكهرباء والاتصالات، لكلفت الاقتصاد العالمي الفي مليار دولار، ولتسببت باضرار لم يسبق لها مثيل.
ميدل ايست أونلاين