في كواليس «سما الفنّ»: هل دمّرت الحرب النصّ السوري؟

في واقع مأزوم لم تعد الحرب توفر فيه مساحات سرديّة مختلفة، إلى أيّ درجة يصحّ القول بأنّ الحرب دمّرت النصّ السوري؟ هل تصبح قصص الحياة اليومية في الدراما التلفزيونيّة غير مقنعة؟ ورشات سيناريو تشتغل على جيل جديد. كتاب مهمون سافروا، ومنهم من امتنع عن الكتابة. مثلاً، أمل حنا صاحبة «أحلام كبيرة» لم تكتب شيئاً منذ خمس سنوات. وبعد انقطاع منذ «الغفران» (2011)، يعود السيناريست حسن سامي يوسف اليوم بنصّ «الندم» إخراج الليث حجو وتنتجه «سما الفن».

تراهن الشركة على نصّ «الندم»، فـ «منذ فترة طويلة لم يمرّ نصّ جميل مثله»، بحسب تعبير رانيا الجبان المستشارة الدراميّة في «سما الفنّ» ورئيسة قسم الدراسات المسرحية في «المعهد العالي للفنون المسرحيّة». وتضيف: «تعاني الدراما السوريّة حالياً من أزمة نصّ حقيقيّة تنسحب على كلّ شركات الإنتاج منذ بداية الأزمة. معظم الكتاب المهمين هاجروا، ريم حنا، نجيب نصير، وآخرين. أغلبهم أصبح يعمل في مسلسلات الإنتاج العربي المشترك. يصبح الأمر خطيراً إذا استمر هذا الانتكاس وضياع الهوية فالصناعة الدرامية تشكّل واجهة البلد».

تحاول «سما الفن» أن تحافظ على الجودة ضمن معايير فكرية وفنية. تكتفي هذا الموسم بإنتاج ثلاثة أعمال، «الندم»، و «أحمر»، و «بقعة ضوء». تضيف الجبان: «فعليّاً يبقى استقبال النصوص قائماً على مدار العام بمعدّل نَصَّيْن كلّ شهر، هذا من دون حساب النصوص التي تُرفض. تصلنا نصوص من أشخاص ليس لهم علاقة بالمهنة. ملخص العمل والثلاث حلقات الأولى بإمكانها كشف السويّة. وإن كان قابلًا للقراءة بعدها تطلب عشر حلقات فإمّا أن تتمّ الموافقة أو الرفض».

أثّرت الأزمة على عدد الأعمال التي تنتجها الشركة، ففي العام 2011 أنتجت خمسة أعمال، ليقتصر الكمّ في الأعوام التي تلته على ثلاثة لكلّ موسم. حملت الأعوام ما بين 2012 و2014 أسوأ الظروف على الدراما في ظلّ الضغط والحصار الاقتصادي وأيضاَ محدودية أماكن التصوير وقيود التسويق. إلّا أنّ الأمور تحسّنت بدءاً من الموسم الماضي: «لدى الشركة خطّة جديدة لإنتاج أعمال تعرض خارج الموسم الرمضاني. وهذا ما يفرضه سوق المحطَّات العربيّة عمومًا والخليجيّة تحديداً والتي أصبحت تتبع برمجة مسلسلات على موسمين، رمضان وخارج رمضان».

تغامر «سما الفن» بنصوص الشباب وهو منهج رئيسي في عملها، ومنها مثلاً مسلسل «ياسمين عتيق» إخراج المثنى صبح (2013) كأوّل تجربة سيناريو لرضوان شبلي. تقول رانيا الجبان: «يوجد الكثير من الكتّاب الشباب الجيدين الذين ظهروا في الأزمة ولديهم مستقبل. وتبقى الكتابة عملية تراكمية تحتاج إلى نضوج فكري وفني وهي في النهاية صنعة من الممكن تعلّمها، لذلك مع نصوص الشباب نضطر إلى التعديل أما مع المحترفين فتقتصر التعديلات على تفاصيل تخصّ العملية الإخراجية. علماً أن النصّ يُقرأ من قبل المستشارة الدرامية ومدير الإنتاج ومدير التسويق والمدير المالي، كلٌ حسب تخصصه، وأي عمل لا يحقق الشرط التسويقي، حتى وإن كان مكتملاً فنياً، لا يُنجز على الإطلاق».

من جهة ثانية، يعدّ «بقعة ضوء» عملاً محليّاً شرطه غير ربحي على الإطلاق، ولكن تصرّ الشركة على إنتاجه لأنّه «هويتها ولأنّه بسمة السوريين». وفي الموسم الذي توقّف فيه كان هناك أزمة نصّ حقيقية بالنسبة لأفكار اللوحات. هذا الموسم تعتبر الجبان العمل تحديّاً خصوصاً أن الموسم الماضي افتقد إلى مشاركة نجوم فيه. هذا الموسم يضمّ نخبة من أبرز نجوم الدراما إضافة إلى وجود لوحات لممدوح حمادة وموفق مسعود، بجانب كتّاب شباب مثل ديانا فارس ومعن سقباني وجمال شقير وشادي الصفدي ومحمد زمزم ورضوان شبلي وزياد العامر. تقول الجبان: «يأخذ التحضير لنصوص بقعة ضوء حوالي سبعة أشهر وإنجاز اثني عشر جزءاً، يعني استنزاف كلّ الأفكار وهنا تكمن صعوبته».

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى