قراءة في الوجه الآخر لـ«صفقة القرن»
غداة تولّيه سدّة الرئاسة الأميركية، أعلن دونالد ترامب عزمه على التوصل إلى صفقة نهائية للصراع المزمن في الشرق الأوسط، وقال إنه سيحقّق ما فشل في تحقيقه الذين سبقوه، فكلّف صهره جاريد كوشنر لترؤّس فريق سلام، معلناً أنه إن لم يستطع هذا الأخير إنجاز ما سماه «صفقة القرن»، فلا أحد غيره يستطيع ذلك. رافق كوشنر في المهمة الممثّل الخاص للرئيس في المفاوضات الدولية جايسون غريمبلات، اليهودي الأرثوذكسي، والسفير الأميركي في إسرائيل دايفيد فريدمان، اليهودي الأرثوذكسي أيضاً.
فى إحدى إطلالاته الإعلامية النادرة، بدا كوشنر واثقاً، ووعد بوثيقة عملانية تفرض تنازلات من الجهتين وتؤّمن أرباحاً للفريقين. وأكد أنّ المقترحات الأميركية تشمل خطّة سياسية شديدة التفصيل، وتتناول في الحقيقة تعيين الحدود وحلّ قضايا الوضع النهائي، مشيراً إلى أنّ الخطة تتصدّى لمواضيع كثيرة بطريقة مفصّلة غير مسبوقة. كذلك، أوضح كوشنر أنّ الأسس الأربعة لهذه الصفقة، هي الحرية والكرامة والأمن والازدهار الاقتصادي، وقال: «آمل أن يظهر للناس أن هذا ممكن، وإن كان هناك من خلافات آمل أن تكون بشأن المضمون بالتفصيل، وليس بشأن المفاهيم العامّة، إنّ هذه المفاهيم المعروفة منذ سنين لم تسمح لحلّ هذا النزاع المبهم، والاقتراحات في الخطة الجديدة تهدف إلى تلبية اهتمامين ملحّين: أولاً، حاجات الأمن للإسرائيليين، وثانياً، حاجات التنمية الاقتصادية للفلسطينيين».
وقد أتت مصطلحات ترامب، أثناء إعلانه عن الصفقة، لتؤكد رغبة إدارته بالانقلاب على النهج الدبلوماسي القديم «غير المجدي»، حين قال إن «رؤيتي من أجل السلام مختلفة تماماً عن الخطط السابقة… يجب علينا أن نصحّح الأخطاء التي ارتكبت في السابق».
الصفقة وتعارضها مع القرارات الدولية
بتصفّحنا لبنود «صفقة القرن»، نجدها تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة الصادرة بشأن القضية الفلسطينية، ومن بينها قرارٌ حديثٌ لمجلس الأمن الرقم 2334، صدر في تاريخ 23 حزيران / يونيو 2016، والذي يحثّ على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلّة، ويطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وعدم شرعية إنشاء المستوطنات، منذ عام 1967، يعني من دون قيمة قانونية.
وهذا يجعل كلّ بناء للمستوطنات في الأراضي المحتلّة غير قانوني، ويستوجب انسحاب إسرائيل حتى حدود الهدنة، عام 1949، كما تتعارض مع القرار الأممي الرقم 194 بتاريخ 11 كانون الثاني / يناير 1948، والذي يمنح سكان فلسطين المهجرين قسراً، يعني اللاجئين، حقّ العودة إلى أراضيهم مع تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم. كذلك، تتناقض مع القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن، بتاريخ 22 تشرين التاني/ نوفمبر 1967، والذي يحثّ إسرائيل على الانسحاب الفوري من كلّ الأراضي المحتلّة، بما فيها فلسطين، وإنهاء كل حالات الحرب والمطالب المتعلّقة واحترام السيادة ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة، والاعتراف بها، بالإضافة إلى حقها بالعيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، من دون تهديدات أو استخدام للقوّة.
إضافة إلى ذلك، فإن المبادرة العربية للسلام المتخذة بالإجماع في الجامعة العربية، عام 2002، والمؤكد عليها آخر مرّة عام 2017، تنص على قرار عادل يرتكز على القرار 194، كما تتناقض «صفقة القرن» مع تأكيد مجلس الأمن على حلّ الدولتين بتأكيده على ثوابت اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، الذي طرحته الولايات المتحدة مع روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يعني رباعية الشرق الأوسط.
وقد سبقت إعلان الصفقة، سلسلة من القرارات والإجراءات من جانب الإدارة الأميركية وشملت:
1- الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
2- نقل السفارة الأميركية من تلّ أبيب الى القدس
3- إغلاق مكتب «منظمة التحرير» في واشنطن
4- تأييد تصنيف «منظمة التحرير» بـ«منظمة الإرهابية»
5- قطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، والتي تتعلق بحسم قيمة مخصصات الأسرى والشهداء والجرحى من المعونات المقدمة للفلسطينيين
6- العمل على إمرار مشروع يجرّم مقاطعة إسرائيل
7- قرار يتعلّق بقطع جميع المساعدات عن الفلسطينيين، ما لم يقبلوا العودة إلى المفاوضات بالشروط الأميركية
8- تقليص المساعدة عن «الأونروا»، والسعي إلى إلغائها وتغيير صفة اللاجئ، فضلاً عن عدم التمسك بحلّ الدولتين
تمثل الخطة تعبيراً واضحاً وامتداداً لأفكار طرحت في مبادرة إسرائيلية سابقة، وهناك إشارات تدلّ على أن «صفقة القرن» بُنيت على معطيات اتفاق أوسلو، وليس على تطبيقاته، فقد نصّ الاتفاق على تأجيل البحث في قضايا الصراع الجوهري في قضية القدس واللاجئين الفلسطينيين والحدود والمستوطنات والمياه، وهي أمور ارتكزت عليها الخطة، إضافة إلى خطة ألون 1967، وخطة الحكم الذاتي للفلسطينيين السكان من دون الأرض، وخطة الليكود عام 1967، وعلى خطة موفاز عام 2009، التي دعت إلى تأسيس دولة فلسطينية بحدود مؤقتة على 60 في المئة من الضفة الغربية. لقد تجاهلت إدارة ترامب أهم بندين من بنود الحل النهائي، وهما قضيتا القدس واللاجئين الفلسطينيين، وقد كانتا في صلب المفاوضات الرسمية وغير الرسمية، التي قام بها الجانبان منذ عام 1967.
وقد ظهر هذا التجاهل أولاً عبر قرار اعتبار القدس عاصمة أبدية وموحّدة لإسرائيل، بينما تعتبر القدس كياناً منفصلاً عن الدولتين العربية واليهودية، بموجب القرار 181 للجمعية العامة بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، والذي قسّم فلسطين ودوّل القدس، ولا يجوز ضمّها وفق القانون الدولي، فالقرارات واضحة في هذا الشأن. ومنذ عام 1949، وضعت إسرائيل حكومتها وبرلمانها في القدس، وقد اصطدم قرارها بعدم اعتراف المجتمع الدولي، الأمر الذي استمر بعد حرب عام 1967، حين استولت إسرائيل على الضفة الغربية، بما في ذلك الجزء الشرقي من القدس، وبعد 17 يوماً صوّت الكنيست على ضمّ القسم الشرقي من المدينة.
وقد أكد مجلس الأمن في مناسبتين، عبر القرارين 476 و478، أن تصويت البرلمان الإسرائيلي يشكّل خرقاً للقانون الدولي، داعياً الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس، إلى سحب هذه البعثات. ومنذ ذلك الحين، لم تُؤخذ هذه القرارات، بينما لا يعترف المجتمع الدولي بالإجماع، بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وحتى الثمانينيات، كانت الولايات المتحدة تعتبر أن الوضع النهائي للقدس لا ينبغي أن يقرّر من جانب واحد، وإنما بالتشاور بين جميع الأطراف المعنية. وبالمقابل، صوّت الكونغرس عام 1995 على قانون بشأن السفارة في القدس، يطالب فيه باعتراف أميركي بالمدينة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، وقد أكدت عمليات تصويت عدّة جرت في الكونغرس على ذلك، بينما كانت الإدارات الأميركية ترفض دائماً هذا الأمر.
وقد أدان مجلس الأمن في 27 أيار/ مايو 1968 هذا الضمّ، بمعنى أن جميع الإجراءات والتدابير التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، والتي تهدف إلى تغيير الوضع القانوني للقدس، هي قرارات باطلة، وستُصادق الولايات المتحدة على هذا القرار، ولن تغيّر هذا الموقف مطلقاً. وعندما قام الكنيست في 30 تموز/ يوليو 1980، عبر القوانين الأساسية والقوانين الدستورية لدولة إسرائيل، بالتصديق على أنّ القدس الموحّدة هي العاصمة الأبدية وغير القابلة للتقسيم لإسرائيل، فإنّ هذا الإجراء لم يمر في القانون الدولي لأنه ينقض القرارات والاتفاقات الدولية المعنية بهذا الأمر. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المطلوب عبر تبني الموقف الإسرائيلي هو أن يدفع العرب تعويضات إلى اليهود الذين غادروا الدول العربية إلى إسرائيل، بعد عام 1948. بالتالي، لا تذهب «صفقة القرن» بعيداً عن مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي تقوم فكرته الأساسية على إعادة بناء المنطقة على أسس جديدة، يتمّ خلالها تطبيع وجود إسرائيل والقبول بها مركّباً طبيعياً في المنطقة. وقد كان شيمون بيريز قد اجترح ذلك أثناء زيارته للولايات المتحدة الأميركية في نيسان/ أبريل 1986، داعياً إلى اندماج إسرائيل في المنطقة والهيمنة عليها. وأجريت مفاوضات غير رسمية، إحداها في طابا في كانون الثاني/ يناير 2001، والأخرى قادت إلى «اتفاق جنيف» في كانون الأوّل/ ديسمبر 2003، أحرزت تقدماً بشأن القدس، والتي أفضت الى اتفاق لتقاسم السيادة على المدينة.
إن قرار وقف دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وتوقيف التمويل الأميركي للوكالة كلياً، يؤدي إلى خطر التوطين عبر ارتباطه بمشروع قرار تقدّم به عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، ويقضي باعتبار الفلسطينيين الذين لا يزالون أحياء ممّن خرجوا من فلسطين المحتلّة فقط، هم من اللاجئين وعددهم 40 ألفاً فقط من أصل 5 ملايين و200 ألف فلسطيني. أمّا الجيل الثاني والثالث، فسيتمّ توطينهم حيث هم أو في بلد ثالث.
في الخلاصات
أولاً: إنّ أي صفقة لا تنسجم مع مرجعيات عملية السلام في الشرق الأوسط مرفوضة، ولن يكتب لها النجاح. هذا من بيان الجامعة العربية الختامي في الدورة العادية الوزارية، ومرجعيات عملية السلام مع إسرائيل تتمثلّ في القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة. ويتطابق موقف الجامعة العربية مع الموقف الروسي، الذي أعلنه وزير الخارجية سيرغي لافروف، قبل الإعلان عن «صفقة القرن»، قائلاً إن «العناصر الدولية لصفقة القرن الأميركية بشأن تسوية الشرق الأوسط تتناقض مع قرارات مجلس الأمن». أمّا الموقف الأميركي، فيتجسد في موقف وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي كان قد أعلن سابقاً أن ثوابت «صفقة القرن» لن تكون نفسها التي كانت في قلب المحاولات السابقة للحلّ، أي الحدود والاعتراف المتبادل والقدس والمستوطنات الإسرائيلية واللاجئين الفلسطينيين، «لأنّ هذه الثوابت أوصلتنا إلى حيث نحن اليوم من دون حل، إننا نأمل أن نوسّع النقاش». تعارضت إدارة ترامب مع الدبلوماسية التقليدية الأميركية والتوافق القانوني الدولي بشأن عدد من المسائل الشائكة، كالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان والسكوت المتمادي على الاستيطان. إضافة إلى ذلك، يؤكد غريمبلات أن هذا الصراع لن ينتهي على قاعدة التوافق الدولي، ولا يمكن حلّه على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمرجعيات الدولية لحلّ النزاع، بل إن المرجعيات الأميركية هي التي تصلح لكلّ ذلك. وتجدر الملاحظة هنا، أن الذي يشجّع على المضيّ في هذا الطريق المسدود في النهاية، حالة التفكك العربي والفلسطيني.
ثانياً: إنّ خطة ترامب الاقتصادية للسلام في الشرق الأوسط شكلت صدمة ممزوجة بالإهانة، لأنها رصدت 50 مليار دولار موزعة على 10 سنوات وأغلبها قروض ميسرة، تدفعها دول الخليج. وفي ذلك إهانة موصوفة، إضافة إلى أنّ هذه الوعود المالية الغامضة لن تنجح كونها إقراراً تاماً بالهزيمة، وإعلاناً فاضحاً لسقوط مشروع الدولة الفلسطينية وحق العودة وتثبيت مشروع التوطين في دول الشتات.
ثالثاً: منذ سنوات عدّة، كان خلق دولة فلسطينية تتعايش بسلام مع إسرائيل يمثلّ الحلّ الدولي لأقدم نزاع على الكرة الأرضية من خلال حلّ الدولتين: واحدة إسرائيلية وأخرى فلسطينية، تتعايشان جنباً إلى جنب بسلام، يعني خلق دولة فلسطين في الحدود الموروثة من النزاع العربي ــــ الإسرائيلي، لعام 1967. عام 1988، كشف ياسر عرفات، بتصريح لأول مرّة، عن دولتين لشعبين. أما حركة «حماس» فلم تعترف بإسرائيل، وعارضت حلّ الدولتين، وهي ترغب بدولة فلسطينية على كامل فلسطين التاريخية. ومنذ عام 1947، الدولتان كانتا ضمن مشروع تقسيم فلسطين، الذي صوّتت عليه الأمم المتحدة، بينما القدس تكون الكيان الثالث تحت إشراف دولي، والمبادرة العربية للسلام عام 2002 اقترحت خلق دولة فلسطينية، في مقابل الإعتراف بإسرائيل من جانب الدول العربية.
رابعاً: تدور شكوك كبيرة حول قدرة إدارة ترامب على إقناع الأطراف الأساسية بالصفقة التي بدت بنودها واضحة في ما يتعلق بالأمور الإقليمية. إنّ المشروع الأميركي سيكون موجّهاً ضد إيران، وفي خصوص الصراع الإسرائيلي ــــ الفلسطيني يبدو الأمر معقّداً بسبب غياب عنصرين يجب توفرهما في حال أرادت واشنطن إنجاح الصفقة:
1- العنصر الأساسي والضروري لإنجاح الصفقة، هو وجود أطراف دولية مشاركة فيها، فلا يُعقل أن تنفرد الولايات المتحدة بـ«صفقة القرن» من دون أي شريك دولي، أوروبي أو روسي أو غيره: في الممارسة، فشلت جميع المفاوضات السابقة على مدار 70 عاماً، بسبب استبعاد أحد أطراف النزاع، والمؤتمر الوحيد الذي خرج بنتيجة كان في مدريد عام 1991، لأنه جرى بتنظيم مشترك بين واشنطن وموسكو. لكنّ مسار العملية توقّف في نهاية ولاية جورج بوش الأب، وانتخاب بيل كلينتون رئيساً للولايات المتحدة.
2- أمّا الأمر الثاني، فهو المشاركة الفلسطينية، ولا سيما أن القيادة الفلسطينية قررت مقاطعة المسؤولين الأميركيين، منذ كانون الأول/ ديسمبر 2018، في ظلّ ضغوط اقتصادية تتعرّض لها السلطة الفلسطينية.
خامساً: تتداخل الخطوط وتتشابك في إعلان «صفقة القرن»، وما يرافقها منذ بدء التنفيذ يؤشر إلى تصفية القضية الفلسطينية، من خلال مجموعة نقاط على رأسها:
1- إعلان ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، كخطوة لإغلاق موضوع القدس وتثبيتها عاصمة لإسرائيل
2- إعلان هضبة الجولان منطقة إسرائيلية خاضعة لسيادتها. وكانت إسرائيل قد احتلت هضبة الجولان عام 1967، ثمّ ضمّتها إليها عام 1981، غير أنّ هذا الضمّ لم تعترف به يوماً المجموعة الدولية
3- إعلان قانون القومية العنصرية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، والذي يشرّع بحسب النظام السياسي الإسرائيلي يهودية الدولة وقوميتها، مستهدفاً بذلك الوجود العربي الفلسطيني
4- إجراءات التضييق على الأونروا
5- ازدياد وتيرة التطبيع العربي مع إسرائيل بشكل علني وصريح، مع موافقة بعض الدول على الصفقة والضغط باتجاه تطبيقها
سادساً: إن مقاربة تتمحور حول الحقوق الإنسانية، يجب أن ترتكز على احترام القانون الدولي ضمناً، والقانون الإنساني وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. إنّ مقاربة كهذه يمكن أن تضمّ الاعتراف بالمبادئ الآتية:
1- حق الفلسطينيين في أن يكون لهم دولتهم الخاصة، ويفترض أن يشار إلى هذا الحق في كل اقتراح سلام، ولا يجب أن يرتبط بأي شرط، وأيضاً يُطلب من الفلسطينيين الاعتراف بدولة إسرائيل
2- مبدأ عدم امتلاك أراضٍ بالقوّة، وينتج من هذا المبدأ أنّ على إسرائيل أن تنسحب كلياً من كل الأراضي المحتلة عام 1967، وهذا يستوجب:
أ- أن تنسحب إسرائيل من المستوطنات التي أقامتها في الأراضي المحتلة، منتهكة القانون الدولي الإنساني، لأنّ هذا الاحتلال يستمر ضد إرادة السكان الأصليين، ويُطبق بوسائل قسرية وتأديبية عنيفة
ب- أن يتم التفاوض بشكل خاص على المدينة القديمة أي القدس
إذا كانت المفاوضات ستستأنف على أساس أنّ واشنطن تعتبرها ملائمة لمصالحها الاستراتيجية، فإنّ سلاماً دائماً هو في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة الأميركية. وقد أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين هو في المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل. على ما يبدو، فإنّ المفاوضات من دون نهاية مع الفلسطينيين، هي المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل، وليس السلام. وما يكمل هذه النظرية هو أن الفلسطينيين أثبتوا على مدى خمسة عقود، أي منذ هزيمة عام 1967، أنّهم مستعدون للانتظار والتضحية في سبيل تحقيق ما يرضيهم.
ويبقى ما هو مؤكّد في شكل ومضمون إعلان الصفقة، أنّهما يندرجان في إطار حاجة ترامب ونتنياهو المشتركة إلى جرعات دعم انتخابية، وخصوصاً مع عدم الالتزام بالتوقيت المقرّر سابقاً، أي بعيد تشكيل الحكومة الإسرائيلية. فلا الحكومة الإسرائيلية الجديدة كانت حاضرة، ولا السلطة الفلسطينية كانت حاضرة. وحدها إيران حضرت بين سطور خطابَي الرئيسين.
*الأمين العام للمركز اللبناني للدراسات الاستراتيجية
صحيفة الأخبار اللبنانية