قطع رأس الأسعد.. قطع لرأس الحضارة السورية القديمة
يقول مأمون عبدالكريم مدير الآثار والمتاحف في سوريا: “إن داعش أعدمت أحد أهم الخبراء في عالم الآثار.” ويضيف: “خالد كان يتحدث ويقرأ اللغة التدمرية القديمة وكنا نستعين به لدى استعادة التماثيل المسروقة، لمعرفة ما اذا كانت أصلية أم مزورة.”
الشيء المريب هو أن من يتباكون على مدينة تدمر لم يفعلوا شيئاً عندما سيطرت داعش على آثار المدينة التي تُعرف باسم “لؤلؤة الصحراء” وتشتهر بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها التي ترجع إلى 2000 سنة وهي مدرجة ضمن قائمة منظمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي وقد ازدهرت كمحطة للقوافل التجارية على طريق الحرير.
الشيء الآخر هو خطورة استمرار وجود “هؤلاء المجرمين” في هذه المدينة، ما يُشكل لعنة ونذير شؤم لمدينة تدمر وكل القطع الأثرية الموجودة فيها والتي بدأت داعش بتدميرها كمعبد بعل شمين.. الخ.
استشهاد الأسعد قد يكون رغم المأساة قد نبه العالم إلى خطورة ما يحدث في سوريا فقد نكست متاحف إيطاليا جميعها الأعلام حداداً على استشهاد العالم الكبير الذي ربما لا يعرفه الكثير في العالم العربي! حتى أن وزير الثقافة والسياحة الايطالي داريو فرانشيسكيني أشاد بتغريدة له على تويتر بخطوة بييرو فاسينو عمدة تورينو الذي اتخذ مبادرة تنكيس الأعلام في بلديته وأمر هذا الوزير بتنكيس الأعلام في كل المتاحف والمراكز الثقافية التابعة للدولة الإيطالية تكريما لخالد الأسعد.
أما رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي فقد جعل من احتفالات حزبه الديموقراطي في ذلك اليوم تكريماً لخالد الأسعد، داعياً إلى عدم “الاستسلام إلى الهمجية أبداً”.
الكل ادّعى الاهتمام لكن إدانات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “يونيسكو” وباريس وواشنطن، لإعدام “داعش” للأسعد، لم تكن إلا إدانات بروتوكولية.
إقدام عصابات داعش الإرهابية على قطع رأس العالم الجليل خالد الأسعد (82 عاما) المدير السابق للآثار والمتاحف منذ عام 1963 حتى عام 2003، في ساحة في تدمر أمام عشرات الأشخاص هو قطع لرأس الحضارة السورية القديمة الممتدة لآلاف السنين!
الفعل الشنيع هذا يحمل أمرين لا ثالث لهما:
الأول: أن هذه العصابات مكلفة بمهمة القضاء على الحضارة السورية القديمة كما حضارة العراق!
الثاني: أن الإسلام كدين أصبح بنظر العالم أجمع دين القتل والإجرام والدم كما يشتهي الغرب حيث وضع المجرمون لوحة تحت الجثة تتهم المغدور بأنه “المرتد خالد محمد الاسعد”.
كم كانت كلمات الشهيد خالد الأسعد مؤثرة عندما نُقل عنه أنه رفض الخروج من تدمر عند احتلالها من قبل عصابات داعش قائلاً: “أنا من تدمر وسأبقى فيها حتى لو قتلوني”.
رحم الله الأسعد وأعطى أولاده الصحة والعافية الذين قرروا إكمال دربه وعزاؤنا لسوريا والعالم أن للأسعد تلامذة سيمشون على خطاه!
ميدل ايست أونلاين