“قمة أمنية” كانت “صامتة” وكشفتها “الجزيرة والسلطة”: ما الذي أثار حفيظة رام الله وعمان خلف الستارة؟…
أعلنت قناة “الجزيرة” القطرية بناء على بيان صدر عن الرئاسة الفلسطينية عن لقاء قمة أمنية كما سمته المحطة التلفزيونية يفترض ان يعقد قريبا بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والاردن ورغم ان سبب الاعلان من جهة السلطة الفلسطينية عن هذه القمة التي كانت صامتة واصبحت الان علنية و تداعيات الاحداث بعد اغتيال اسرائيل للشهداء في مدينة نابلس في الوقت الذي لاحظ فيه المراقبين بان الجانب الاردني اصلا لم يعلن عن إنخراطه باي ترتيبات أمنية الطابع لها علاقة بخطة تهدئة الامريكية التي تتحدث عنها وسائل الاعلام.
ومن المرجح ان الاعلان عن قمة أمنية بمعنى ان عدة بروتوكولات وإجتماعات ومشاورات تم التوافق عليها في اطار ما سمى الشهر الماضي بمبادرة تهدئة مصرية أردنية الا ان الحكومة الاردنية لم تعلن رسميا عن انخراطها في جهد من هذا النوع في الوقت الذي كانت قد صدرت فيه عدة بيانات في الوسط السياسي الاردني تحذر وبشدة من الإنخراط في اي تفاهمات أمنية او اقتصادية يمكن ان تربك وتخلط الاعتبارات بصورة تؤذي المصالح العليا الاردنية .
وهو ما يبدو ان الجانب الاردني يتجاهله تحت ضغط الأمر الواقع الموضوعي وتحت ضغط الادارة الامريكية خصوصا وان الاردن كان طوال الوقت في اطار التفاهمات السياسية جزء من المنظومة الاقليمية العامه ومن الصعب رؤيته خارج اي حوار امني الطابع تتحدث عنه الاطراف المتنازعة بين الحين والاخر.
بكل حال لم يعرف الكثير عن تلك القمة التي صرحت السلطة الفلسطينية بانها تهدد بمقاطعتها بسبب جرائم العدو الاسرائيلي في مدينة نابلس وإحباطه جراء العنف المبالغ فيه ترتيبات وتفاهمات تم الاتفاق عليها خلف ستائر وأبواب مجلس الامن الأسبوع الماضي.
بكل حال صمتت العواصم التي يفترض انها جزء من هذا الترتيب الأمني بما في ذلك القاهرة وعمان وأبوظبي.
وأغلب التقدير ان هذا الصمت لن يطول فقد تداولت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الاردنية الإلكترونية على نطاق واسع ما سمي بخطة الجنرال الامريكي فينزل لإستعادة الهدوء والتهدئة الامنية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وهي خطة ثمة من يعتقد في المستوى السياسي الاردني والفلسطيني اليوم ان من يحاول إعاقتها في الواقع العملي واللوجستي هو اليمين الاسرائيلي المتطرف وليس اي جهة عربية او فلسطينية.
خطة الإدارة الأمريكية الأمنية تم الاعلان عمليا لكن بصفة غير رسمية عن بعض بنودها وأهمها ما ورد في تقارير سابقة عن تدريب قوة خاصة أمنية فلسطينية تتولى ادارة المناطق الساخنة في كل من جنين ونابلس على ان تؤسس مسافة اأنية بعيدا عن الجيش والقوات الامنية الاسرائيلية في هذه المناطق المحتلة ويتولى الأمريكيون تمويل هذه الخطة فيما يفترض ان تجري عملية التدريب لقوة قوامها 5000 عسكري او شرطي فلسطيني في الساحة الاردنية.
الهدف ايضا توسيع مظلة مبتكرة للتنسيق الأمني تشمل منظومات أردنية ومصرية هذه المرة لتخفيف الإحتكاك اضافة لغرفة عمليات وشاشات مراقبة مشتركة.
وهو أمر في غاية الحساسية و بالغ الخطورة خصوصا وان الرأي العام الاردني يتابع الان تفاصيل التفاصيل في كل تداعيات وتدحرجات السلطات الفلسطينية.
وسبق للأردن ان كان له دور بارز في تدريب وتأهيل قوات الأمن الفلسطينية.
لكن مراكز القرار السياسي في كل من رام الله و عمان لديها شبه إنطباع اليوم بان ما يعيق اي خطة من من اي صنف وبصرف النظر عن عدم شعبيتها وعدم قبولها لا من جهة الشعب الفلسطيني ولا من جهة الشعب الاردني هو حصرا التعنت عند اليمين الاسرائيلي وتوفر آليات لإعاقة اي ترتيب او تفاهم مهما كانت شعبيته.
بكل حال الإعتقاد راسخ اليوم بان الإفصاح عن ترتيبات أمنية كانت خلف الستارة او ان لم تكن سرية فهي غير علىنية يعني ان إسرائيل خذلت السلطة في التفاهمات التي جرت مؤخرا عبر خطة الثنائي الأمريكي أنتوني بلينكن وجاك سوليفان.
والفرصة هنا متاحة لإستعراض الخيارات والسيناريوهات بدلا من الاسترسال في سيناريو الانفجار الكبير كما سمته جلسة أعمال مغلقة في البحر الميت مؤخرا وهي تحاول البحث عن سيناريو مخرج أردني في حالة حصول الانفجار الكبير.
وأحداث مدينة نابلس قرعت كل أجراس الإنذار الأمنية والسياسية سواء في عمان او حتى في القاهرة ورام الله والسبب ان عدد الشهداء والمصابين كبير. وعدد الشهداء ايضا كبير.
وبالتالي حكومة اليمين الاسرائيلي خلطت الأوراق مجددا وفوتت الفرصة امام امكانية تمرير شعبية لتفاهمات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وذات بعد ومسار أمني.
لكن عمان على الاقل لم تعلن عن اي خطة لها علاقة بتأهيل وتدريب فلسطينيين في المملكة لأغراض أمنية والخشية اليوم من وجود مقترحات في العنوان بوجود مراقبين على خطوط التماس في جنين ونابلس أجانب وأمريكيون يتولون مع الاسرائيليين إدارة غرفة عمليات أمنية مشتركة.
وهو واقع يبدو ان الجانب الأمريكي حرص على أخذ كل الحسابات والحساسيات الامنية لجميع الاطراف اثناء رسمه كسيناريو.
ويعتقد الخبراء الأمنيون انها قد لا تكون خطة قابلة للصمود في أرض الواقع لان المطلوب لإستعادة الهدوء والإستقرار العام في الاراضي الفلسطينية المحتلة اكثر م نخطة أمنية وجنرالات وتحديد نقاط وبؤر ساخنة وعشرات واشراك دول مثل الاردن ومصر.
المطلوب حلول سياسية وتفاوضية وآفاق سياسية للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني خلافا للحلول الاقتصادية وان كانت المهمة الأصعب اليوم على الاطلاق هي كبح جماح وضبط إعدادات اليمين الاسرائيلي.