كم يدعم التاريخ الصين لإنجاز السلام في أوكرانيا؟!
منذ بداية الأسبوع الثاني للحرب الاوكرانية طرحت في هذا المكان مدى أهلية الصين للعب دور الوساطة في إيجاد مخرج لهذه الحرب. ومن خلال متابعة المواقف الصينية المتفهمة للهواجس الروسية والرافضة لإعتماد الحرب والمدينة للأطلس في استثارته لموسكو لاحظنا أن بكين تحضر للعب دور الوسيط، وجاءت بعض المعلومات الأوروبية لتؤكد أن الصين تشق طريقها لتكون صانعة السلام ومنتجة الخير للعالم كله عبر توسطها بين روسيا وأوكرانيا، ولكنها كعادتها الحكيمة تنتظر الوقت المناسب لإطلاق فعاليتها التوسعية بشكل نشط وكامل وعلني، فهل تتيح الوقائع الجيوسياسية و الميدانية مثل هذه الوساطة؟؟ وكم يدعم التاريخ نجاحها؟؟
بعد إعادة القوات الروسية لتموضعها وانسحابها من كييف والشمال والوسط واكتفائها بالتركيز على دونبأس، وبعد إعلان زيلنسكي استعداد بلاده لتقديم تنازلات في إطار المطالب الروسية. بعدهذبن التطورين باتت الوقائع الجيوسياسية مناسبة لدخول الوساطة الصينية، وصار متاحاً لبكين تنشيط دورها لصناعة سلام ينهي الكارثة رغم أن شياطين كثيرة تسكن في التفاصيل. ثم ماذا عن دعم التاريخ لمثل هذه التسوية؟؟
في مطلع القرن العشرين احتدمت الحرب بين روسيا واليابان وبعد سقوط 100,000 قتيل روسي وياباني تدخل تيودور روزفلت في العام ١٩٠٥ وارسل دعوة لكل من القيصر الروسي والإمبراطور الياباني لحضور طاولة المفاوضات برعايته. وبسبب الإرهاق الذي أصابهما جراء الحرب ولوزن أمريكا الطالعة استجاب الطرفان و استطاع تيودور روزفلت تحقيق السلام بين روسيا واليابان وإنهاء الحرب بينهما. وعلى أرضية التطورات في أوكرانيا إلتقط أستاذ هارفرد جراهام أليسون والخبير فريد هو الحادثة التاريخية ووجدا أن إمكانيات الصين اليوم لإنجاز وساطتها بين روسيا وأوكرانيا أكبر من إمكانيات أمريكا مطلع القرن العشرين. حيث أنها ذات علاقات كثيفة اقتصادية وسياسية مع كل من روسيا وأوكرانيا، وكلاهما سيلبي الدعوة إن قام الرئيس تشي بدعوتهما. وكل ذلك يتعزز بحقيقة أن السلام يفيد الصين و مشاريعها كما يفيد العالم. ويرى غراهام و هو أنه من الممكن إشراك الولايات المتحدة في هذه الوساطة. رغم إني أرى أن الادارة الأمريكية حتى الآن لا تسعى لتسوية، بل هي أحد أهم الشياطين المبثوثة في تفاصيل أي مسعى لإنهاء الحرب.
العالم وليس الحرب الاوكرانية فقط يتطلع إلى بكين مترقبين حلول الوقت المناسب. لتعلن الصين ما حضرته وفعلته في إطار إنجاز السلام في أوكرانيا لتصبح وساطتها نشيطة وفعالة بشكلها العلني كي تكون بكين بالفعل (صانعة الخير) للعالم من جديد.