كوبولا يصحح ما فاته في ( العراب 3 ) بعد ثلاثين عاما” !!
بعد ثلاثين عاماً على إنتاج فيلم العراب3 يعيد المخرج فرانسيس كوبولا مونتاجه بعملية واسعة يمكن إعتبارها إعادة إخراج لهذا الفيلم، فلماذا يقوم كوبولا بهذه العملية بعد مرور كل هذه السنين على عرض الفيلم ؟؟ هل أراد تصحيح خطأ ما ؟؟ أم قصد ترميم ثغرة في الفيلم ؟؟ أم أن هناك ما فاته و يريد أن يؤكده ؟
أهمية هذا الفيلم أنه يقوم على ملاحقة مسار مايكل كورليوني، من دوره النبيل في الحرب حيث كرم كبطل وطني إلى إنخراطه، بعد الحرب، بأعمال والده في المافيا حتى أصبح زعيمها … من بطل وطني إلى زعيم عصابة إجرام … لذلك كان رأي كوبولا، مع الؤلف ماريو بوزو، عند إنتاج الفيلم أن يكون عنوانه ( موت كورليوني ) .. لكن الشركة المنتجة وجدت أن هذا العنوان يضر بعائدات الفيلم ويحبط الجمهور قبل أن يحضره ، وأصر المنتج على أن يكون العنوان ( العراب 3 ) لاستكمال الإستثمار في شهرة ونجاح الجزئين الأوليين. ويعود اليوم كوبولا ليعيد مونتاج الفيلم وإعطائه عنوان ( العراب3 : موت مايكل كورليوني .. كودا ) المؤكد لمعنى موت كورليوني الذي أراده منذ البداية، والذي يجسد معاني الرواية كلها والأفلام الثلاثة التي أرادها . أما إضافة ( كودا ) فقد جاءت لتعميق معنى ما قام به كوبولا في إعادة صياغة الفيلم بإعادة مونتاجه . حيث أن ( كودا ) هي كلمة إيطالية تعني ( الذيل ) و تستعمل في الموسيقى للدلالة على المقطع الذي يشكل ( خاتمة الأغنية ) . و هكذا يصبح معنى عنوان كوبولا، موت كورليوني ، هو معنى ما جرى . وهذه خاتمة أغنيته السينمائية عن تحول بطل وطني إلى زعيم مافيا . مما يحتم موته. الإصرار على المعنى إحدى أهم سمات المبدعين وهذا ما فعله وأكده كوبولا بعد ثلاثين عاما ، فهل هي غريزة المبدع ؟
هل موت كورليوني، من وجهة نظرالمؤلف والمخرج، هو موت زعيم مافيا يحاول تجريد عائلته من الإمبراطورية الإجرامية التي استولى عليها في الجزئين الأولين ؟ ؟ و هل الموت يطال الزعيم الذي يحاول تبرئة عائلته وإبعادها عن الإجرام والمافيا ؟؟ هل هو موت ( موت فعل التوبة ) ؟ أم هو موت زعيم حكم بالإجرام والقتل والسرقة والقمار والدين ؟؟ عنوان الفيلم الجديد يقول ( موت كورليوني ) و لا يقول موت العراب ( زعيم العصابة) أو موت المافيا، خاصة و أن كثيرين , يرون في المافيا رمزاً للدولة العميقة ، التي تحكم بكل الطرق، ولا تتوانى عن اعتماد الإجرام والسرقة والتدمير، وكل الأعمال القذرة . . . لذلك فهي لم تمت، بل أصبحت أكثر وجوداً و تحكماً و إجراماً. من مات هو كورليوني الذي حاول التبروء مع عائلته من المافيا التي ورثها و أدارها . موت كورليوني فقط هو ما أراده كوبولا ، و ليس موت المافيا ..
يبدو أن كوبولا، في عملية إعادة المونتاج ، أجرى عملاً عميقاً و واسعاً على الفيلم . ألم يقل (سترون فيلماً له بداية ونهاية مختلفتين. لقد غيرنا موضع العديد من المشاهد بالكامل. كما أعطيت الصورة على ما أعتقد حياة جديدة ). . . وأستغرق العمل على إعادة المونتاج أكثر من ثلاثة شهور طويلة تمت فيها إعادة صياغة مشاهد كثيرة، وبعضها تمت إعادة صياغته بالكامل، وهناك مشاهد، أو لقطات، أهملت في النسخة الأولى أعيد إستخدامها مع إجراء معالجة تقنية حديثة على الصورة والصوت، مما أعطاهما جودة فائقة و جديدة . . . و الواضح أن ما فعله كوبولا يؤكد أن المبدع يستمر في مراجعة و تجويد إبداعه حتى لو بعد ثلاثين سنة. و لأن إعادة المونتاج هي إعادة إخراج ، فإن كوبولا اعتبر أن ما قام به سيعطي الفيلم ( حياة جديدة ) . إنه الإبداع الذي يعطي نفسه حياة جديدة ولو بعد ثلاثين عاما.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة