كورونا جمّد التصوير حتى إشعار آخر: مسلسلات رمضان… في الحجر الصحّي
كأنه كُتب على الموسم الدرامي الذي سيعرض في شهر رمضان 2020، أن يلقى كل أشكال العثرات التي يواجهها للمرة الأولى في تاريخه. الموسم الذي جابه الأزمة المالية التي عصفت بشركات الإنتاج اللبنانية منذ أشهر، ها هو يغرق في كارثة تكاد أن تقضي عليه. إثر انتشار فيروس كورونا في لبنان والعالم العربي، جمّدت غالبية شركات الإنتاج أعمالها وأجّلت التصوير إلى موعد لم يُعلن عنه بعد.
في المقابل، تابعت شركات أخرى عملها مجبرةً ـــ لكن بشكل خجول ـــ بحكم عقودها الموقعة مع القنوات والممثلين، خوفاً من أن يداهمها الوقت، خصوصاً أننا قاب قوسين من رمضان. وإثر التطورات، أصدرت النقابات الفنية في لبنان، بياناً تمنّت فيه على شركات الإنتاج اتّخاذ التدابير اللازمة في هذا الخصوص، وحضّت على «التوقّف عن العمل لمدّة أسبوعين على جميع الأراضي اللبنانية مع متابعة التطوّرات حفاظاً على صحّة الفنانين والعاملين».
رغم أن تصوير المسلسلات انطلق متأخراً عن الأعوام السابقة بسبب المشاكل الإنتاجية، إلّا أنّ الظروف أجبرته على التوقف مجدّداً بسبب كورونا، فالأمر يتعلّق بسلامة فريق التصوير من فنيين وممثلين، وقد طال الدراما العربية والخليجية عموماً. فمن المعروف أن كواليس تصوير المسلسلات تشهد تجمّعات عمّال وممثلين وتقنيين. وهذا الأمر قد يعرّض صنّاع العمل للإصابة بالفيروس. فكيف اتخذت شركات الإنتاج خططاً لمواجهة كورونا وفي الوقت نفسه الحضور في رمضان؟ وهل من مسلسلات ستنسحب من السباق في شهر الصوم؟
ما يجمع شركات الإنتاج اليوم هو حالة الضياع التي تعيشها في ظلّ انتشار كورونا والقرارات التي بدأت الدولة باتّخاذها قبل انتشار الفيروس في لبنان. وتلك القرارات تتعلق بالإقفال التام لغالبية المؤسسات، ناهيك بقرارات نقابة الفنانين بوقف التصوير. هذا الأمر انعكس سلباً على حركة عمل الشركات، خاصة أنها في صراع مع الوقت للانتهاء من التصوير قبل شهر رمضان الذي يصادف نهاية شهر نيسان (أبريل) المقبل. جاءت مشكلة الفيروس في وقت حساس، وعرقلت التصوير الذي انطلق قبل أسابيع قليلة. لكن لا يمكن لشركات الإنتاج التراجع كلياً عن التصوير، بعدما دارت كاميراتها وأنجزت قرابة 20% (أقل أو أكثر) من مشاهد الأعمال.
من هذا المنطلق، قرّر المنتج مروان حداد صاحب شركة «مروى غروب» تجميد تصوير مسلسل «عشيق أمي» (كتابة رازي وردي، إخراج كنان اسكندراني) الذي يجمع ورد الخال والنجم السوري خالد القيش ويخوض فيه المنتج السباق الرمضاني. وكان العمل قد تعرّض لمطبات عدة أدت إلى وقف تصويره مراراً. فقد تم تعليق التصوير مع انطلاق التظاهرات في تشرين الأول (أكتوبر)، ثم استؤنف في شهر شباط (فبراير) الماضي، ليعود ويتوقف أخيراً مع انتشار كورونا. ويلفت حداد في اتّصال مع «الأخبار» إلى أنّ تصوير «عشيق أمي» توقف هذه الفترة، قائلاً: «حالياً نحن في استراحة، وأعتقد أن الوضع سيبقى على حاله حتى نهاية شهر آذار الحالي. ولاحقاً، سيتم اتّخاذ قرار بشأن الخارطة الدرامية في رمضان».
ليست «مروى غروب» وحدها التي اتخذت قرار وقف التصوير، كذلك الحال بالنسبة إلى «إيغل فيلمز» التي يديرها جمال سنان. قبل أيام قليلة، أعلنت الشركة عن تدابير وقائية منعاً للإصابة بفيروس كورونا من بينها التعقيم والاحتياطات الاحترازية. ولاحقاً، قررت تجميد تصوير مسلسلَي «أولاد أدم» (رامي كوسا والليث حجو) الذي يجمع مكسيم خليل وماغي بو غصن ودانييلا رحمة وقيس الشيخ نجيب، و«دانتيل» (مأخوذ عن فورما أجنبي ويخرجه المثنى صبح) الذي يجمع سيرين عبد النور ومحمود نصر.
من جانبه، يصف المنتج إيلي معلوف قضية انتشار فيروس كورونا بأنها ليست مزحة ويجب عدم التعامل معها باستهتار. ويكشف المنتج أنه اتخذ قرار وقف تصوير الأعمال منذ الأربعاء الماضي، مستبقاً بخطوته قرارات الدولة التي أوقفت الإدارات والمؤسسات. ويقول معلوف: «الأمر ليس مزحة، ولم أحدد بعد موعد العودة إلى التصوير». وكانت مسلسلات معلوف قد تعرضت للعرقلة مرات عدة بسبب التطورات السياسية الأخيرة، ليعود ويستأنف أخيراً تصوير مسلسل «رصيف الغربا» (كتابة طوني شمعون وإخراج إيلي معلوف)، و«موجة غضب» (كتابة زينة عبد الرازق وإنتاج وإخراج إيلي معلوف).
كغيرها من الشركات، التزمت شركة «آي سي ميديا» بقرار وقف تصوير المسلسلات وجمدت جميع مشاريعها قبل أربعة أيام تقريباً. في جعبة الشركة التي يديرها إياد الخزوز نحو سبعة أعمال تخوض (بغالبيتها) المنافسة الرمضانية. واللافت أن تصوير تلك المشاريع يتوزّع على عواصم عربية وخليجية من بينها الأردن ومصر وأبو ظبي والسعودية وبيروت… كلّها توقفت لثلاثة أيام لحين اتخاذ قرار استئناف التصوير. تلفت مصادر من الشركة إلى أن الأخيرة ستعمد إلى تعقيم مواقع التصوير والالتزام بكافة الإجراءات الطبية التي تتعلق بالفيروس منعاً لانتشاره.
على أن تكون مواقع التصوير جاهزة عند استئناف العمل. وفي جعبة الشركة أكثر من مسلسل على رأسها «الساحر» (كتابة سلام كسيري وإخراج عامر فهد) الذي يجمع عابد فهد وستيفاني صليبا وغيرهما، ومسلسل «النحات» (كتابة بثينة عوض وإخراج مجدي السميري) لكل من باسل خياط وأمل بشوشة وآخرين.
كانت شركة «صبّاح إخوان» تصرّ على مواصلة تصوير مسلسلاتها الثلاثة في لبنان والتي ستخوض فيها السباق الرمضاني. لكن في اللحظات الاخيرة تبدّلت تلك المعادلة مع تشديد الحكومة اللبنانية على تعليق التصوير بشكل نهائي. فقد تدخلت عناصر من الدرك أول من أمس لإلغاء التصوير، مع العلم أن الشركة كانت قد عقّمت أماكن التصوير بشكل مكثف وطبّقت كل الاحتياطات الطبية، ليخرج في النهاية قرار التجميد.
مع العلم أن الشركة كغيرها من الشركات، تجد نفسها في حالة ضياع بعد توقيعها عقوداً مع القنوات العربية والخليجية لبثّ المسلسلات التي بدأت بتصويرها. وكانت الصبّاح قد بدأت تصوير «الهيبة 4» (لفؤاد حميرة وسامر البرقاوي) الذي يجمع عبده شاهين وتيم حسن وديمة قندلفت وعادل كرم وآخرين، إلى جانب مسلسل «20 20» (لنادين جابر وبلال شحادات وإخراج فيليب أسمر) الذي يضم على قائمته نادين نجيم وقصي خولي، و«من الآخر» (لإياد أبو الشامات وشارل شلالا) الذي يجمع معتصم النهار وسينتيا صاموئيل وريتا حايك.
باختصار، مع تعليق المسلسلات بسبب انتشار فيروس كورونا، يتعرّض الموسم الرمضاني لضربة لم تكن في الحسبان. تأتي العرقلة هذه المرة خارج إرادة الشركات التي تقف حائرة: هل نكمل التصوير؟ وماذا عن العقود الموقعة مع القنوات والممثلين؟
صحيفة الاخبار اللبنانية