كيف ستنتقم إسرائيل الآن؟.. وكيف خدع الرئيس الأوكراني نتنياهو في كواليس التصويت؟..
بعد الضربة القاسية التي تلقتها على رأسها من الجمعية العامة للأمم المتحدة والقرار “الجريء” الذي أُتخذ لصالح فلسطين رغم كل الضغوطات والإبتزازات التي مورست على الدول الأعضاء من قبل اللوبي الصهيوني وأمريكا وحتى الحلفاء، بدأت إسرائيل تتجهز الآن لتوجيه ضربتها “القاسية والانتقامية”.
الجميع كان يترقب رده الفعل الإسرائيلية بعد هذا القرار الذي وصف من قبل بعض المراقبين بـ”القنبلة المدوية”، فكانت كلها في إطار الإدانة والاستنكار والغضب وحتى التهديد، لكن اللافت كان تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة بنيامين نتنياهو، الذي هاجم بشدة الأمم المتحدة ووصف قرارها بـ”الحقير”.
هذا التوجه الإسرائيلي، عكس تمامًا مدى النهج المتوقع من قبل حكومة الاحتلال التي فاحت منها رائحة التطرف والعنصرية والقتل، فقد يكون قرار الأمم المتحدة “الصادم” بالنسبة لنتنياهو وحكومته بمثابة شرارة انتقام وردات فعل عنيفة تجاه الفلسطينيين لا أحد يعلم مدى تأثيرها وخطورتها.
وهاجم نتنياهو، تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن ماهية الاحتلال الإسرائيلي والتبعات القانونية لاحتلال الأراضي الفلسطينية، وقال في شريط مصور نشره مكتبه: “القرار الحقير الذي صدر اليوم لن يكون ملزما للحكومة الإسرائيلية”.
انتقام إسرائيلي
وأضاف: “الشعب اليهودي ليس محتلًا لأرضه ولا لعاصمته الأبدية القدس، ولن يشوه أي قرار صادر عن الأمم المتحدة هذه الحقيقة التاريخية”، مدعيًا أنه أجرى خلال الأيام القليلة الماضية محادثات مع زعماء عدد من دول العالم، وعلى إثرها “عدلت هذه الدول عن التصويت لصالح القرار الصادر في الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وتخشى إسرائيل من أن تؤدي فتوى محكمة العدل الدولية إلى زيادة مبادرات المقاطعة ضدها في أرجاء العالم، بما في ذلك من خلال سحب الاستثمارات.
واستولت إسرائيل على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية -وهي المناطق التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها- في حرب عام 1967، وانسحبت من غزة في عام 2005، لكنها تفرض حصاراً على القطاع، بينما تشدد مصر الإجراءات على الحدود.
وكانت آخر مرة تناولت فيها محكمة العدل الدولية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 2004، عندما قررت أن الجدار الإسرائيلي العازل غير قانوني. ورفضت إسرائيل هذا الحكم، واتهمت المحكمة بأن لها دوافع سياسية.
وذكرت صحيفة “معاريف” العبرية، أن الخطوة المطلوبة للإعلان عن وجود إسرائيل في الضفة الغربية أنّه “احتلال غير قانوني”، هي سبيل السلطة الفلسطينية إلى تحويل الصراع إلى دولي شامل بما يمكّن الفلسطينيين من التملص من مسؤولية معالجة المشاكل الداخلية الكثيرة للسلطة.
وأشارت المصادر إلى أنّ “الفلسطينيين يُحاولون الدفع إلى تحديد أنّ نفس الوجود الأمني لإسرائيل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) هو غير قانوني.
ووفق معاريف، إسرائيل لن تُوافق على أن تقرر هيئاتٍ دولية مستقبل الأرض ومكانتها، فلا يمكن تجاهل توقيت هذا القرار وهو قبل تولّي حكومة إسرائيلة جديدة.
والسبت، صوت لصالح القرار الذي تقدمت به فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أغلبية بـ87 دولة، فيما صوتت إسرائيل والولايات المتحدة و24 عضوا آخرين ضد القرار، بينما امتنع 53 عن التصويت.
وقالت الجمعية العامة للأمم المتحدة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إنها تبنت قرارا يقضي بالطلب إلى محكمة العدل الدولية أن تصدر فتوى “بشأن الآثار المترتبة على انتهاكات إسرائيل المستمرة لحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير”.
وسائل إعلام إسرائيلية أخرى رسمت خطة الانتقام وذكرت أن السلطة الفلسطينية تستعد لرد إسرائيلي عقابا على التصويت في الأمم المتحدة، وتهدد برد فعل مضاد، وبحسب قناة “كان” العبرية فان السلطة الفلسطينية تهدد بـ”وقف التنسيق الأمني” .
ووفق القناة قال مسؤول كبير في رام الله: “أبو مازن ليس لديه خيار آخر”.
وأضاف المسؤول: إذا جمدت إسرائيل تحويل أموال الضرائب الفلسطينية مرة أخرى كعقوبة، فسنضطر بجدية في إنهاء التنسيق الأمني معها.
ضربة الرئيس الأوكراني
وقضية أخرى أزعجت إسرائيل بجان قرار الامم المتحدة، ما فجره صحفي إسرائيلي من مفاجأة مدوية حين كشف في تدوينة نشرها على “تويتر” السبت، عن شرط الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، مقابل تصويت كييف ضد قرار خاص بفلسطين في الأمم المتحدة.
وقال الصحفي باراك رافيد، إن زيلينسكي اشترط الحصول على مساعدة عسكرية إسرائيلية مقابل تصويت أوكرانيا ضد قرار خاص بفلسطين في الأمم المتحدة.
وأضاف: “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اتصل ليلة الجمعة بالرئيس الأوكراني زيلينسكي، وطلب منه أن تصوت كييف ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإحالة قضية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية إلى محكمة العدل الدولية.
وتابع قائلا: “أخبرني مسؤول إسرائيلي كبير أن نتنياهو اتصل بزيلينسكي كجزء من سلسلة مكالمات هاتفية مع قادة دول، حيث تريد إسرائيل تغيير التصويت ومعارضة القرار أو على الأقل الامتناع عن التصويت”، مشيرًأ إلى أن مسؤولا أوكرانيا أفاد بأن زيلينسكي أخبر نتنياهو أنه في مقابل التصويت ضد أو الامتناع عن التصويت، فإنه يريد أن يسمع كيف ستغير الحكومة الإسرائيلية الجديدة سياستها وتزود أوكرانيا بأنظمة دفاعية ضد هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية”.
وصرح المسؤول الأوكراني بأن نتنياهو لم يلتزم بأي شيء خلال المكالمة، وقال إن التصويت يقترب وأنه مستعد لمناقشة طلبات زيلينسكي في المستقبل.
وبحسب المسؤول الأوكراني، فإن زيلينسكي لم يعجبه رد نتنياهو ولم يوافق على التصويت ضد القرار أو الامتناع عن التصويت، وبدلا من ذلك أصدر تعليماته للسفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة بعدم حضور التصويت.
وأضاف باراك رافيد “في التصويت السابق في لجنة تابعة للأمم المتحدة قبل عدة أسابيع، صوتت أوكرانيا لصالح القرار الذي قدمه الفلسطينيون، بغض النظر عن الطلبات الإسرائيلية بعدم القيام بذلك”.
وقال مسؤولون أوكرانيون إنهم صوتوا لصالح هذا القرار كرد فعل على رفض إسرائيل تقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، واستشاط مسؤولو وزارة الخارجية الإسرائيلية غضبا واستدعوا السفير الأوكراني لإجراء محادثة صعبة.
وتعليقا على القرار الأممي، رحبت فلسطين بالتصويت، واعتبر الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أن “هذا التصويت دليل على وقوف العالم أجمع إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف”.
ووصفت وزارة الخارجية الفلسطينية الحدث بأنه “انتصار وإنجاز دبلوماسي، وقانوني فلسطيني ودولي”.
في المقابل، هاجم السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة غلعاد إردان، تصويت الجمعية العامة على القرار، قائلا “ما من محكمة أو هيئة دولية يمكنها أن تقرر أن إسرائيل تحتل أرضها أو تحكم بأن تواجدها في القدس والضفة الغربية مخالف لأحكام القانون” بحسب ما أوردت الإذاعة العبرية العامة.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة، وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية