كيف نتوقف عن إرضاء الناس على حساب أنفسنا؟… في ظل محاولاتنا التي لا تنتهي للحفاظ على أواصر المحبة والقبول والتقبل لدى الآخرين، نجد أنفسنا نرزح تحت وطأة الحاجة الدائمة لإرضائهم، والشعور بتقديرهم وموافقتهم، والذي قد يدفعنا في كثير من الأحيان للإقدام على أفعال لا نرضى عنها، حتى أننا قد نشعر بالندم والرفض جراء ذلك، بالسياق التالي نعرفك كيفية التوقف عن إرضاء الآخرين على حساب أنفسنا؟
أغلب الباحثين عن إرضاء الناس من النساء
تقول نبيلة إبراهيم استشاري التنمية البشرية وخبيرة العلاقات الأسرية والإنسانية لسيدتي: الحاجة الدائمة إلى إرضاء الآخرين تعود في الأصل لعدم الثقة بالنفس، وعلى الرغم من أننا جميعاً قد نكون في حالة بحث متصل عن المصادقة والقبول، وهو أمر متأصل في الطبيعة البشرية، لكن بالنسبة للبعض، يمكن أن يصبح هذا الموقف معيقاً، خاصة عندما يكون مبنياً على الخوف من حكم الآخرين، فنكون دائماً في مرمى نيران أعينهم، وتحت أتون رأيهم فيما نفعله أو نقوله.
تقول نبيلة: إن عيش حياة توافقية أصيلة هو في متناول الجميع، ولا يتطلب الأمر سوى القليل من الممارسة والمزيد من الثقة بالنفس، وقد استخدم مصطلح “إرضاء الأشخاص” للإشارة إلى حقيقة محاولة إرضاء الآخرين من الأصدقاء، للزملاء، وصولاً للعائلة، وغيرهم، على أن اللافت أن أغلب هؤلاء من الساعين لرضا الآخرين يكونون من النساء، وهو ما تدفعنا إليه تنشئتنا الاجتماعية؛ حيث يتوقع من النساء أن تكنّ تصالحيات، ومتعاطفات، ومفيدات، وما إلى ذلك.
إرضاء الناس لتطمئن نفسك
تؤكد نبيلة أن البشر بطبيعتهم كائنات اجتماعية لا تتحمل الرفض، والرفض يعني الإقصاء، ويفضي للشعور بالوحدة والعزلة، وبالنسبة للعقل، فهذا الشعور لا يطيقه الكثيرون، فنحن مهيئون اجتماعياً للعيش في مجموعات منذ ولادتنا، فالطفل خاصة لو كان أنثى غير قادر على الدفاع عن نفسه، سواء من حيث الاحتياجات الفسيولوجية أو النفسية، ومن ثمّ فهو يسعى، بوعي أو بغير وعي، إلى إرضاء الآخرين، وعندما يكبر ويصله الشعور برضا الآخرين فإن هذا الشعور يكون دليلاً من وجهة نظره على قيمته، وأنه أكثر فاعلية ونجاحاً وتوافقاً.
تقول نبيلة: وبما أننا دائماً ما نبحث عن أنفسنا وصورتنا في عيون الآخرين. فإن دماغنا يستنتج أننا نستحق أن نكون محبوبين، فنطلب (أو نسعى لتحقيق هذا الطلب)، من الآباء أو الأسرة أو الزملاء أو المدير أو حتى شريك الحياة أن يقدر مشاعرنا وعملنا أو تضحياتنا أيضا. ولذلك فنحن نعطي لهم الأفضلية في تقييمنا كما لو كان لدى الآخرين تقييم أفضل لما نستحقه. وهنا لا بد من التوقف وإعادة تقييم الأمور أيضا. فهل نحن فعلاً ننتظر من الآخرين أن يقيمونا، وهل نخشى من تقييمهم فنظل في ديلما لا تنتهي من محاولة إرضائهم بدون تفكير؟
كيف أعرف أنني أسعى إرضاء الناس بشكل مرضٍ؟
تقول نبيلة: إذا نظرت بصدق إلى الطريقة التي تقرر بها من أنت وماذا تريد من الآخرين، وهل كنت تتصرف بدافع الخوف من آرائهم والخشية من رفضهم، فأنت تمتثل لما تعتقد أن الآخرين يفكرون فيه بك، ويريدونك أن تفعله أيضا. كما وتفعل أشياء لتجنب العواقب التي تبدو سلبية بالنسبة لك حسب وجهة نظرهم. بطريقة ما، أنت تنكر هويتك وتخضع لتحكم الآخرين في مشاعرك وللتأكد من أنهم يحسنون الظن بك.
عواقب الرغبة في إرضاء الآخرين أكثر من اللازم
- نحن نقول نعم لكل شيء، حتى عندما لا نريد ذلك على الإطلاق.
- نحن لا نقول لا أبداً، بل نكذب حتى نتجنب الإحباط.
- نحن نتخذ خيارات ليست لنا، بشكل افتراضي.
- نحن نحاول السيطرة على مشاعر الآخرين من خلال القيام بكل شيء لجعلهم يحبوننا.
- نحن قد نصل لمرحلة ألا نقول ما نفكر فيه، أو من نحن.
- الرغبة في إرضاء الجميع أمر مرهق؛ لأنه على الرغم من كل ما نقوم به، وكل الحيل، ليس لدينا أي ضمان للنجاح.
- قد نصل لفقد تام لثقتنا بأنفسنا حتى أننا قد نصل لمرحلة محو الذات؛ لكي نرضي الآخرين.
كيف تتوقف عن محاولةإرضاء الناس؟
- كن واعياً واسأل نفسك، فأول شيء هو أن تصبح على علم بذلك، وأن تتعمق في الموضوع وتلاحظ نفسك وردود أفعالك.
- راقب نفسك بشكل يومي، دون الحكم على سلوكك. حاول تحليل ما يحدث، فما الذي تفكر فيه في تلك اللحظات عندما تركز على الآخرين؟ وما هي المشاعر التي تشعر بها؟
- تقبل الشعور بعدم الراحة، فعدم إرضاء الآخرين سيفضي إلى العديد من المشاعر السلبية والتي يجب أن تواجهها وتتخطاها.
- إن الخروج من الحاجة إلى إرضاء الجميع والخوف من نظرة الآخرين إليك يتطلب الشجاعة، والقوة لمواجهة الأمر.
- حاول أن تتقبل الانزعاج من الخوف والشك وخيبة الأمل.
- ركز على نفسك، وأوجِدْ الشجاعة لتحمل المسؤولية عن آرائك.
- يجب أن تتعلم أن تقول لا.
- يجب أن نتعلم قبول أنفسنا بشكل كامل قبل أن نطلب من الآخرين القيام بذلك.
- اسعَ لتطوير الموافقة الذاتية، واعمل على تكريس وتطوير استحسانك لذاتك.
- ثق بنفسك، خاصة إذا كنت ترغب في تطوير قدراتك القيادية.
- أحب نفسك أولاً وقبل كل شيء. مثل كل البشر، تقبل أن هذا هو الحال مهما فعلت، وقبل كل شيء مهما كان رأي الآخرين.
وبالنهاية اعلم أنه عندما نحاول إرضاء الجميع، فإننا لا نعيش الحياة التي نريدها.
مجلة سيدتي