لا تستهينوا بعاداتكم ( 1 )
خاص بموقع ( بوابـة الشـرق الأوسـط الجديـدة )
على إحدى الهضاب كانت تقف شجرة عملاقة راسخة الجذور ممتدة الأغصان والفروع ؛ كبرت وترعرت حتى صارت كالجبل الأشم الراسخ الذي لا يزعزعه شيء ؛ لقد صمدت أمام العواصف والحرائق والفيضانات ومواسم الجفاف والقحط.
نعم لقد صمدت لمئات السنين إلى أن جاء يوم و بدأت خنفساء صغيرة جداً تكاد لا تُرى بالعين المجرّدة بناء جحر لها في لحاء تلك الشجرة وأخذت بوضع بيوضها التي أنتجت مئات الخنافس ومن ثم تكاثرت بسرعة وتوغّلت نحو الجذع والساق إلى أن وصلت إلى اللب والذي هو مكمن قوة وصمود وصلابة شجرتنا العملاقة.
وفي أحد الأيام لمع البرق و هطلت الأمطار وهبّت الرياح وتهاوت شجرتنا ساقطةً على الأرض بلا حراك؛ والسبب ليس عوامل الجّو الخارجية فقد صمدت لقرون بوجهها.
ولكن أصابها ضعف ووهن شديد سببه تآكلها من الداخل !!
باختصار هذه هي قصة عاداتنا السيئة وما تفعله بنا فهي سلوكيات تبدأ صغيرة وتتراكم إلى أن تكبر وتفعل بنا فعل الخنافس بتلك الشجرة العملاقة !!
يقول المدرب العالمي زيج زيجلار :
” إن العادة تشبه حبلاً نقوم نحن بنسجه خيطاً وراء خيط كل يوم إلى أن يصبح أكثر قوة من أن يمكننا تمزيقه وبعدها تأخذنا قوة حبل العادة إما إلى القمة أو تقيّدنا في القاع ويتوقف ذلك على طبيعة العادات وما إذا كانت عادة جيدة أم سيئة !! ” .
إذن فجميع العادات وأخصُّ هنا السيئة منها تبدأ ببطء وبشكل تدريجي وقبل أن ننتبه للأمر تكون قد استحوذت علينا.
والطامّة الكبرى أننا لا نعلم أنه يمكن لعادة ما لا نأبه لها أن تدمر حياتنا بأكملها تماماً كعود ثقاب صغير باستطاعته أن يتسبب بحرائق تلتهم غابات بأكملها ومجرد صدع صغير في سد كبير يجعله ينهار.
إذن فلا تستخفّوا بها !! إنّها العادات الخبيثة المحسوسة منها وغير المحسوسة ؛ تبدأ ببطء وهدوء إلى أن تسيطر على حياتنا وفي معظم الأحيان تكون عواقبها كارثيّة !!
من تعاطي المخدرات إلى تناول الكحوليات والتدخين وتناول الطعام غير الصحي وخاصة الوجبات الجاهزة منه إلى الكسل والنوم الكثير وقتل الوقت وعدم الالتزام بالمواعيد وبأوقات الدوام ؛ إلى إدمان وسائل التواصل الاجتماعية والاستهتاربشكل عام ؛ وحب التسوق بدون حاجة والتواكل والتشاؤم وووو إلخ ؛ وربما إذا جلسنا نحصيها فلن تنتهي فكم من مرة وقعنا في مصيدتها.
ففي إحصائيات عالميّة قاموا بها مؤخراً وجدوا مثلاً أن الكحوليات هي رابع أكبر مسببات الموت بعد أمراض القلب والسرطان والسكتات الدماغية وهي السبب المباشر في نصف حالات الطلاق والقتل والانتحار والحوادث.
نعم فالانسان أسير عاداته إذ أن معظم تصرفاتنا هي سلوكيات نقوم بها دون أي وعي منّا وهذا ما نسميه العادات ؛ وعليه فإن نسبة كبيرة من نجاحنا أو فشلنا ؛ سعادتنا أو تعاستنا على كل أصعدة الحياة ؛ الروحية منها ، الزوجية والاجتماعية ، الصحية ، الفكرية ، والمهنية وو إلخ ؛ رهينة بنوعيّة عاداتنا أهي عادات سلبية أم ايجابية ؟؟ جيدة أم سيئة ؟؟
ولكن ألا يوجد طرق للتغلب على عاداتنا السيئة ؟؟
بالطبع يوجد ولكي نتعرف على هذه الطرق علينا أن نعرف أولاً
ماهي العادات ؟؟ وكيف تتشكل ؟؟ ولماذا نقوم بها ؟؟
وهذا ما سنتكلم عنه بإذن الله تعالى في المقال القادم
تسعدني متابعتكم
لكم مني أجمل التحيات
* مدربة تنمية بشرية
www.facebook.com/Lena.Mhd.Matteet