لبنان : هل وصلت السكين لرقبة القضاء ؟!
صار المحقق العدلي في قضية المرفأ، القاضي فادي صوان ، مركز الأحداث بعدما استدعى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب و ثلاثة وزراء سابقين، علي حسن خليل، غازي زعيتر ، و يوسف فينيانوس . البعض اعتبر هذا الإستدعاء تسييساً من قبل جهة سياسية تجاه الجهات الأخرى . و البعض الآخر وجدها خارجة عن الدستور . وهناك من عدّها إستدعاءات مجتزأة و ناقصة . فهل بدأت معركة السياسيين ضد النظام القضائي اللبناني؟ و هل المطلوب إسقاط هذا النظام باعتباره آخر قلعة صامدة نسبياً في الدولة اللبنانية ؟!
هناك من يرى أن بقاء النظام القضائي واستمرار قضاة شجعان لا يأبهون لمناصب السياسيين، و يعملون على تطبيق القانون على الجميع بما يشمل أصحاب المناصب، و ذوي الوجاهات الاجتماعية أو الطائفية أو الحزبية. إن إستمرار مثل هذا القضاء، بمثل هؤلاء القضاة ، ربما يكون المدخل لمحاربة الفساد وإصلاح النظام، بدءاً من محاسبة المسؤلين عن ما حدث في المرفأ ، للحفاظ على لبنان كدولة ديمقراطية تتميز نسبياً عن باقي الدول العربية التي لا يختلف إثنان عن مدى تهافت القضاء فيها، ومدى تبعيته للسلطة الحاكمة. فهل المراد إسقاط القضاء اللبناني ليصبح لبنان كباقي الدول العربية المصادرة فيها العدالة والقضاء لصالح الحكام و أصحاب النفوذ ؟؟
الآن جرى تجميد أو تعليق التحقيق، أي جمد عمل القاضي صوان لمدة عشرة أيام ، فهل سيكون هذا التجميد مقدمة لإبعاده عن التحقيق ؟ أم سيصار إلى إحراجه لإخراجه باستقالة أو ما يشبهها ؟ و إن جرى ذلك، ومهما كانت الآراء حول الإستدعاءات فإنه سيشكل بداية هدم النظام القضائي، بعدما جرى هلهلته طيلة عشرات السنين الماضية ، دون أن يلغي وجود قضاة مهنيين و شجعان وقادرين .
الفضيحة أن الساسة في لبنان يجادلون القاضي صوان على وسائل الإعلام . و البعض يهدده بشكل مبطن و آخرين يهددونه بشكل واضح . وهناك من يقترح عليه ما يجب أن يعمله . كما أن هناك من ينصحه بالتنحي عن الملف . . . كل ذلك إن لم يكن خطوات على طريق تدمير النظام القضائي فإنها مراحل تسعى لتبرير استحضار التحقيق الدولي . و بما أن هذا التحقيق الدولي مرفوض ، ومسدود الطريق أمامه، فنحن أمام مصيبتين: تدمير النظام القضائي و إبعاد القضاة الشجعان، ومنع التحقيق الدولي . و النتيجة اغتيال العدالة بدءاً من تمييع قضية تفجير المرفأ مروراً بتجهيل الفاسدين الذين سرقوا ودائع الناس وليس إنتهاء بطمس المسؤلية عمن ضيع لبنان كدولة ومجتمع ، و كل ذلك يحول الدولة إلى جثة بقتل روح العدالة فيها .
بوابة الشرق الأوسط الجديدة