لماذا فَشِلَت الغارة الإسرائيليّة الأخيرة على ريف دِمشق في تحقيق أهدافها؟ ولماذا أعلنت القِيادة الروسيّة للمَرّة الأولى “السِّر” وراء هذا الفشل رسميًّا؟ وهل بات الضّوء الأخضر لاستِخدام صواريخ “إس 300” للتّصدّي للغارات القادمة وشيكًا؟
يبدو أنّ زمن الغارات الإسرائيليّة الصاروخيّة لضرب أهداف عسكريّة ومدنيّة في العُمق السّوري يقترب من نهايته، إذا صحّت الأخبار الذي نسبتها وكالة أنباء “نوفوستي” الرسميّة لمصدر عسكري روسي قال فيها “إنّ منظومات صواريخ “بانتسير-إس” و”بو إم 2″ تصدّت بفاعليّة للضّربات الجويّة الإسرائيليّة التي استهدفت مواقع جنوب العاصمة السوريّة مساء أمس الأحد، ممّا حال دُون وقوع خسائر في الأفراد والمَعدّات بين عناصر الجيش السوري”.
وما يُرجّح مصداقيّة هذه الفرضيّة وفقًا لما تَسرّب من أنباء شحيحة حولها عدّة مُؤشّرات:
الأوّل: أنّها المرّة الأولى تقريبًا التي تُسارع فيها المصادر الروسيّة الرسميّة إلى إصدار بيان عبر وكالة “نوفوستي” الرسميّة، تُؤكّد فيها نجاح هذا النّوع من الصّواريخ في التّصدّي لهذه الغارات بفاعليّة ونجاعة، بالنّظر إلى غاراتٍ سابقة كانت تنجح في إصابة أهدافها وإيقاع خسائر بشريّة، وأكّد المرصد السّوري لحُقوق الإنسان، الذي يتّخذ من لندن مقرًّا له ويحظى بدعم السّلطات البريطانيّة، هذه الحقيقة دون مُواربة.
الثّاني: من الواضِح أنّ القِيادة الروسيّة زوّدت حليفها السّوري بأنواع مُتطوّرة من هذا النّوع من المنظومات الصاروخيّة الدفاعيّة بعد تَزايُد الانتِقادات لها في بعض منصّات إعلام “محور المُقاومة” التي تتّهمها “بصمت الرّضا” على هذه الغارات الإسرائيليّة المُتزايدة، بحُكم عُلاقات الصّداقة بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نِتنياهو.
الثّالث: حُدوث تغيير “مُحتَمل” في موقف القِيادة الروسيّة في المِلف السوري مع مقدم إدارة أمريكيّة جديدة برئاسة جو بايدن تتبنّى سياسات تصعيديّة، دشّنتها بشن غارات على أهدافٍ عسكريّة لفصائل مُوالية لمحور المُقاومة شرق دير الزور داخِل الجانب السّوري من الحُدود مع العِراق.
البيان الرسمي السوري حول غارات مساء الأحد الإسرائيليّة على مُحيط العاصمة لم يُعطِ الكثير من التّفصيلات، واكتفى بالتّأكيد على إسقاط مُعظم الصّواريخ التي انطلقت من أجواء الجُولان السّوري المُحتل، وربّما جاء ذلك باتّفاقٍ مع القِيادة الروسيّة من حيث تُرِكَ الأمر لها (أيّ الروسية) للكشف عن وجود هذا النّوع المُتطوّر من الصّواريخ لدى الجيش السوري.
إنّها رسالة “روسيّة” واضحة لنِتنياهو قد يكون لمضمونها “الصّاروخي” وقع الصّدمة عليه، تُحذّره دون لبس من الاستِمرار في هذه الغارات، خاصّةً بعد تَزايُد أعدادها بشَكلٍ ملحوظ واستِهدافها العاصمة السوريّة في الفترةِ الأخيرة.
لا نُريد المُبالغة في التّفاؤل، واستِخلاص نتائج ما زال من المُبكر تبنّي صحّتها، خاصّةً أنّ هذا التطوّر الملموس هو الأوّل من نوعه، مُنذ مُفاجأة إسقاط الدّفاعات الصاروخيّة الجويّة السوريّة طائرة إسرائيليّة من طِراز “إف 16” اخترقت الأجواء في شباط (فبراير) عام 2018، ولم تجرؤ الطّائرات الإسرائيليّة على اختِراق الأجواء السوريّة بعدها، ووجّهت صواريخها من خارج الحُدود السوريّة.
لا نَستبعِد في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أن تكون الخُطوة الروسيّة المُقبلة إعطاء الضّوء الأخضر للقِيادة الجويّة السوريّة باستِخدام صواريخ “إس 300″ لضرب الطّائرات الإسرائيليّة المُغيرة فور إطلاقها لصواريخ فوق الجولان أو أيّ مكانٍ آخَر، وما علينا إلا التّريّث وانتِظار الغارة الإسرائيليّة القادمة وكيفيّة التّصدّي لها، و”تفاءلوا خيرًا تجدوه”.. واللُه أعلم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية