لماذا لا تفلح الدبلوماسية الأمريكية مع إيران؟
بدا الرئيس الامريكي، جو بايدن، صارما يوم الأحد في الأسبوع الماضي، بينما كان يرفض مطالب إيران برفع العقوبات الأمريكية حتى تمتثل طهران مجددا للاتفاق النووي المبرم عام 2015، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أن هذا هو مجرد “نزاع تكتيكي”، بحسب ما يقوله مايكل ماكوفسكي، المسؤول السابق في البنتاجون.
وقال ماكوفسكي في تقرير له نشرته مجلة “ذا ناشونال إنتريست” الامريكية، إن “القصة الحقيقية هي أنه من خلال تقديم تنازلات أحادية الجانب بالفعل، وتجاهل إسرائيل، وتخفيف حدة خطابه، فإن بايدن لن يكون أمامه سوى القليل من النفوذ لإصلاح عيوب /خطة العمل الشاملة المشتركة/، بحسب ما وعد، وتمكين إيران من التسلح النووي، وهو ما كان قد تعهد بمنعه”.
وكان بايدن أعلن في أيلول/سبتمبر الماضي، “التزامه الثابت بمنع إيران من حيازة سلاح نووي”، مجددا بذلك تعهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، الانتخابي القوي في عام 2008، والذي كان أكده في وقت مبكر من فترة رئاسته، بـ “استخدام كل عناصر القوة الأمريكية، للضغط على إيران. سأقوم بكل ما في وسعي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي “.
ويرى ماكوفسكي أن أوباما لم يفِ بهذا التعهد. ويقول إن “/خطة العمل الشاملة المشتركة/ لم تمنع تسلح إيران النووي، بحسب ما أقر به أوباما، ولكنها أدت إلى تأخيره فقط، بينما تم تجاهل سلوك إيراني آخرخطير، مثل تطوير الصواريخ الباليستية”.
وأضاف: “في الوقت نفسه، سعى أوباما بصورة نشطة، من خلال المحادثات والتسريبات، إلى وقف الشيء الوحيد – الذي يفوق قوة الولايات المتحدة – الذي كان من الممكن أن يمنع تسلح إيران النووي: وهو التدخل العسكري الإسرائيلي.”
وتشير الدلائل الأولية إلى أن بايدن لن يفى أيضا بـ “التزامه الذي لا يتزعزع”، بحسب ماكوفسكي، وهو رئيس “المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي”، ومديره التنفيذي.
وقال: “في الواقع، فقد تراجعت إدارته (بايدن) بالفعل عن لغته الصارمة”، مضيفا: “قال وزير الخارجية الامريكي، توني بلينكن، مؤخرا لأعضاء مجلس الشيوخ إن بايدن /ملتزم بمقترح أن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا./ وهناك فجوة كبيرة بين التزام بمقترح ما والتزام لا يتزعزع بالعمل. وتبدو السياسة الآن هي أن منع تسلح إيران النووي هو طموح مهم، ولكنه غير قابل للتحقيق بالضرورة”.
ويرى ماكوفسكي في تقريره الذي نشرته مجلة “ذا ناشونال إنتريست” إن خطة بايدن “غير متماسكة وبها خطأ فادح”، مشيرا إلى أن بايدن عازم على العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة – التي تفاوض عليها أوباما وانسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب – حتى مع بدء انتهاء القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني.
ويضيف: “ثم في اعتراف ضمني بعيوبها، يرغب (بايدن) في إجراء مفاوضات… تعمل على تعزيز وتمديد أحكام الاتفاق النووي، وتعالج أيضا القضايا الأخرى ذات الاهتمام”.
ويقول ماكوفسكي: “من المؤكد أن تلك المحادثات سوف تفشل. حتى إذا تمسك بايدن، بحسب ما وعد به يوم الأحد، برفض تخفيف العقوبات الأمريكية حتى تعود إيران من جديد إلى /خطة العمل الشاملة المشتركة/”، مضيفا: “سوف يترك ذلك بايدن للتفاوض بعد أن أهدر النفوذ الاقتصادي الأمريكي الحاسم”.
كما يبدو أن بايدن مستعد أيضا لتجنب صورة أخرى من صور الضغط، وهو في الواقع، النوع الوحيد الذي تهتم به إيران بالفعل، وهو خطر استخدام القوة. ومع ذلك، فإن انتقاده اللاذع لاغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، في العام الماضي، يشير إلى أنه سوف يتجنب الرد على إيران.
ومع عدم وجود أي ضغط اقتصادي أو عسكري منسق، لا يبدو واضحا سبب موافقة طهران على القيود الإضافية التي يسعى بايدن إليها.
ولن تؤدي التنازلات الأحادية الجانب الأخيرة إلا إلى ترسيخ تعنت إيران.
وفي الوقت نفسه، يُظهر أهم المسؤولين في إدارة بايدن القليل من التزامه بتحسين “خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وبسبب عدم رغبته في اللجوء للضغط الاقتصادي أو العسكري، فمن المرجح أن يحقق بايدن أكثر قليلا من مجرد العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، مما سيمكن تسليح إيران النووي الذي كان قد تعهد بمنعه.
ويرى ماكوفسكي أنه ربما يكمن أفضل أمل بالنسبة لبايدن في إسرائيل.
وقد أصدر مؤخرا رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، إعلانا غير معتاد، جاء فيه أن عودة الولايات المتحدة إلى “خطة العمل الشاملة المشتركة”، سيكون أمرا “سيئا”، و”أصدر تعليماته للجيش بإعداد عدد من الخطط التنفيذية” لمواجهة التهديد النووي الإيراني، “بالإضافة إلى تلك الموجودة بالفعل”.
ويتركز الموقف الحالي للإدارة الامريكية من الاتفاق النووي على أنه يجب على الإيرانيين، الذين انتهكوا منذ فترة طويلة القواعد الخاصة بحدود تخصيب اليورانيوم التي فرضها الاتفاق، أن يعودوا إلى الامتثال للشروط التي وافق عليها أوباما قبل أن تسمح الولايات المتحدة بأي تخفيف للعقوبات التي فرضها ترامب.
من جانبها، تصر طهران على رفع العقوبات أولاً ، وتحاول تجميع بعض أوراق الضغط أو النفوذ لإجبار بايدن على ذلك. وقامت بتكثيف تخصيب اليورانيوم وبدأت في انتاج معدن اليورانيوم الذي يستخدم في صنع القنابل الذرية.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية