لماذا نشعر أننا رأينا هذا المكان من قبل؟
لماذا نشعر أننا رأينا هذا المكان من قبل؟ ألم يتسلل إليكَ من قبل شعور بارد اقشعر له بدنك وندهش له ذهنك بأن اللحظة التي أنت فيها قد تكررت من قبل.. بحذافيرها !لا بدّ أنك كالجميع قد اختبرت هذا الموقف سابقًا، تكون في مكان ما وتشعر وكأنك قد وجدت فيه سابقًا،.و انك وأنت جالس مع أصدقائك .. أو حين تمر في مكان معين تشعر بأن هذا الموقف قد حدث لك من قبل، وأنك قد شاهدت هذا المكان او الشخص وهذا الموقف من قبل لكن أين .. ؟ وكيف .. ؟
إنها ظاهرة الديجافو أو ما يعرف بألفة الأمور. وعمل العلماء كثيرًا على تحليلها وإيجاد أسباب وجيهة لها. الشعور لا يدوم طويلاً .. إنما هو فقط يومض بقوة مرة واحدة ويتلاشى في جزءٍ من الثانية.. مخلفاً وراءه سحباً من الإبهام والغموض تعيقك عن اللحاق به لفهمه بشكل أفضل وأعمق ..وبانقشاع تلك السحب يكون هو قد اختفى وتكون أنت قد نسيت الأمر برمته !
لماذا نشعر أننا رأينا هذا المكان من قبل؟
لعل أغلبنا قد مر بتلك التجربة أو هذه الظاهرة.. والجميع يتساءل عن كيفية وسبب حدث هذا الأمر .. هذه الحيرة أيضاً كانت تلازم علماء النفس والطبيعة والفلاسفة. الذين انشغلوا كثيراً للإجابة على سبب وكيفية حدوث هذه الظاهرة، الذين أطلقوا عليها ظاهرة الـ (ديجافو).
وفي الوقت الذي تكثر فيه الإحتمالات التي تتراوح بين الإضطرابات النفسية ومرض الصرع وغيرها من المسبّبات لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية، تمّ تحليل هذه الظاهرة لدى الناس الطبيعيين والذين لا يعانون أي اضطراب. لكي يتوصل الباحثون الى فرضيتين. واحدة تبنّاها المحلّلون النفسيون والأخرى الأطباء. فالمحلّلون النفسيون يرون في هذه الظاهرة تعبيرًا عن رغبة الشخص القوية لتكرار تجربة ماضية. أما من جهتهم، فيفسّر الأطباء هذه الظاهرة على أنها تحدث جراء عدم تطابق يحصل في دماغ الإنسان، يجعل هذا الأخير يخلط بين الإحساس بالحاضر والماضي. والتفسير العلمي الأكثر دقة لها. هي أنّ ذاكرة الإنسان تعطي مشاعر خاطئة للدماغ . تجعله يعتقد أنه سبق وعاش هذا الموقف من قبل لكنه لا يستطيع تذكر تفاصيلها. ويمكن تفسيرها أيضًا بشكل عام بقول إن هناك عدم توافق زمني في تسجيل الأحداث في نصفي الدماغ الأيمن والأيسر.
أما علماء ما وراء الطبيعة فهم يعتقدون أن الديجافو يتعلق بخبرة حياتية ماضية عشناها قبل قدومنا إلى الدنيا في ذواتنا الحالية! و تلك ظاهرة أخرى تعرف ب تجربة ما قبل الولادة. وعلى الرغم من التقدم العلمي على جميع الأصعدة الطبية إلا أن الغموض لا زال يكتنف ظاهرة ديجافوو رغم الفرضيات والتخمينات التي حاولت تعليلها إلا أنّ أياً منها لا يمكن البت به بشكل قاطع. والمثير أكثر أنّ هناك ظاهرة معاكسة للديجافو ! وهي الإحساس بأن (المألوف) غريب وجديد وكأنه يُصادف لأول مرة! وأيضاً لا يدوم هذا الإحساس إلا لجزء من الثانية .كأن تجلس مع أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك ولوهلة تشعر وكأنك لم تره من قبل! كأنه شخص غريب !
لماذا نشعر أننا رأينا هذا المكان من قبل؟
البحث العلمي
التفسير العلمي الأكثر دقة لهذه الظاهرة ربما يرجع إلى شذوذ الذاكرة حينما تعطي مشاعر خاطئة تقول للمخ بأننا عشنا هذا الموقف من قبل. لكننا لا نستطيع تذكر تفاصيل الموقف “السابق” (أين, متى, كيف). عندما يمر الوقت, الشخص يستطيع استرجاع بعض التفاصيل المشوّشة في الحادثة الجديدة. ولكن من المستحيل استرجاع تفاصيل الحالة الأولى (والتي كانت في بالهم عندما كانوا في الحادثة الجديدة!) وهذا عادة ما يكون بسبب تشابك في الأعصاب المسؤولة عن الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى. الأحداث تتخزن في الذاكرة قبل أن تذهب إلى قسم الوعي في المخ البشري وتعالج هناك.
هناك أيضا تفسير علمي آخر لظاهرة (دَيْ چاڤو) . وهذا التفسير يتعلق بحاسة النظر. النظرية تقول بأن إحدى العينان تسجل الحادثة أسرع قليلاً عن العين الأخرى, فبعد لحظات قصيرة عندما تقع الحادثة, يُخيل لنا بأننا رأينا هذا الموقف من قبل! لكن من عيوب هذه النظرية أنها لا تقدم تفسير لتداخل الحواس الأخرى في الحادثة, كالسمع واللمس (كأن نشعر بأن أحداً من قبل ضرب يدنا اليسرى). وأيضا من عيوب هذه النظرية بأن الــ(دَيْ چاڤو) حدث عند أُناس لا يرون إلا بعين واحدة على كل حال هذه الظاهرة يمكن تفسيرها بشكل عام بقول أن هناك عدم توافق زمني في تسجيل الأحداث في نصفي الدماغ الأيمن والأيسر.
اضطرابات نفسية
بعض العلماء حاول إيجاد رابط بين ظاهرة (دي جافو) وبين بعض الأمراض النفسية كانفصام الشخصية والقلق ولكنهم فشلوا. ليس هناك أي علاقة بين هذه الظاهرة وبين هذه الأمراض. العلاقة الأقوى وُجِدَت بين (دي جافو) و مرض صرع الفص الصدغي في المخ. وهذه العلاقة قادت بعض العلماء للتأكيد بأن هذه الظاهرة هي نتاج لخلل في عملية تفريغ الشحنات الكهربائية في المخ. الكثير من الناس يشعر ب”رعشة” سريعة في بعض الحالات (قبيل النوم بلحظات), وهذه الرعشة يرجّح بأنها تحدث أثناء الـ(دي جافو) مما تسبب شعور خاطئ في الذاكرة. الذين يشعرون بهذه الرعشات على الدوام, يعانون من تكرار حالة (دي جافو) ولكن أغلبها يكون صوتي, حيث يُخيّل له بأنه سمع هذا الصوت من قبل.
تأثير بعض الأدوية
بعض الأدوية ترفع نسبة حدوث الـ(دي جافو). في عام ٢٠٠٢, تمكن عالمان من دراسة رجل ظهرت عليه علامات الـ(دي جافو) عندما تناول دواء الـ (أمانتادين) و (فَنيلبروبانولامين) لعلاج أعراض انفلونزا حلّت به. في الحقيقة, هذا الرجل أحبّ هذا الشعور وأكمل الدراسة وبدأ يزور طبيبه النفسي لتسجيل ما يشعر به. هذان العالمان وصلا لنظرية بأن الـ (دي جافو) هو نتيجة تأثير المعدلات العالية من مادة الـ(دوبامين)أحد الموصلات العصبيى للمخ على بعض الخلايا في الفص الصدغي للمخ.
لماذا نشعر أننا رأينا هذا المكان من قبل؟
تفسيرات تعتمد على الذاكرة
الشبه بين المقدمات التي تحفّز ظاهرة الـ(دي جافو) وبين تلك التي تحفّز بعض الذكريات في المخ هي تفسير آخر. أي أن بعض المشاعر الحالية تجلب لنا تفاصيل حوادث سابقة في الماضي فهنا تحدث ظاهرة الـ(دي جافو). هذا التفسير يتيح للعلماء تطوير العديد من الأبحاث التي من شأنها أن تخلق حالات (دي جافو) حسب الطلب لدراستها تحت ظروف علمية. بعض العلماء يعتقد بأن الـ(دي جافو) تتعلق بوظيفة الإدراك المألوف في الذاكرة. وأيضا هناك تفسير آخر يقول بأن الـ(دي جافو) ما هي إلا نتيجة معلومات قد تعلمناها من قبل ولكن نسيناها والآن استطعنا استرجاعها فيُخيّل لنا بأننا نعيش الموقف مرتين(المخ البشري لا يمسح أي معلومة سجلها وإن نسيناها).