تسعى إسرائيل بخطى حثيثةٍ للتغلغل أكثر فأكثر في القارّة السمراء، على حساب الذّل والهوان العربيين، وعمليًا بدأت إسرائيل في جني ثمار الغياب العربيّ والإسلاميّ عن القارّة الإفريقيّة، وكشفت صحيفة (يسرائيل هيوم) العبريّة، النقاب عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع خطّةً لإقامة تحالف بين إسرائيل ودول في إفريقيا يضم دول (إثيوبيا – أوغندا – كينيا – رواندا)، بالإضافة إلى دولٍ أخرى لم يُسمِّها.
وكان لافتًا أنّ كلّ ما يجري هذه الأيّام في إريتريا تمّ وضعه تحت مقّص الرقابة العسكريّة، التي ألزمت وسائل الإعلام بنشر التقارير شريطة تشديدها على أنّ المصادر هي أجنبية، ويُشار إلى أنّ دولة الاحتلال تُقيم علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ رسميّةٍ منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وذلك بعد استقلال الأخيرة، حيث تولى أفورقي منصب الرئيس الذي لا يزال يشغله حتى اليوم، بيد أنّ القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ أكّدت وجود علاقاتٍ سريّةٍ في المجال الأمنيّ بين الدولتيْن، وأنّ السواد الأعظم من المعلومات المتوفرّة تستند إلى تقارير تُنشر في خارج البلاد، ومدى مصداقيتها ليس واضحًا، وفق ما أكّدته.
ووفق التلفزيون العبريّ فقد حوّل أفورقي إريتريا إلى إحدى الدولة المغلقة والأكثر استبدادية في العالم، لكنّ إسرائيل استمرت في إقامة علاقات دبلوماسية وأمنية معها. وفي موازاة ذلك، لجأ آلاف الإريتريين إلى إسرائيل بهدف التهرب من تجنيدهم عنوة لجيش النظام.
وكشفت طال شنايدر من موقع (زمن يسرائيل) العبريّ، النقاب عن أنّ “دولة الاحتلال تخفي المنتجات والفئات وبلدان المقصد التي يُسمح لها بالتصدير العسكريّ، بزعم أنّ سرّيتها تحفظ أمن الدولة، مع أنّه كلّما كانت المعلومات مخفية زاد الخوف من الفساد والرشوة والوساطة المشكوك فيها، بعكس المعمول به في الدول الأجنبية التي تكشف كلّ شيءٍ، ورغم ذلك فقد حصلتُ على قائمةٍ جزئيةٍ من هذه الصفقات، يمكن أنْ تُفسِّر القفزة الكبيرة في الصادرات العسكرية الإسرائيليّة”.
من ناحيته، كشف المحلل الأمنيّ البارز في صحيفة (هآرتس) العبريّة، يوسي ملمان النقاب عن أنّ “إسرائيل تُفضّل إبرام صفقات بيع السلاح لدولٍ كثيرةٍ في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بشكلٍ غيرُ مباشرٍ وبواسطة شركاتٍ خاصّةٍ تبلغ نحو 220 شركة في محاولةٍ لإعفاء ذاتها من مسؤولية استخدام هذا السلاح في جرائم ضد البشرية”، على حدّ تعبيره.
وأضاف أنّ “طلب الرقابة من وسائل الإعلام في إسرائيل أنْ تستخدم شعار (حسب منشوراتٍ أجنبيّةٍ)، تحولّ إلى نكتة لدى الجمهور، وهذا يدُلّ على الافتراض الذي يُوجِّه الرقابة والذي يقول إنّ الصحافيين الإسرائيليين يتحدثون باسم جهاز الأمن، وبذلك تحولهم إلى (شركاء في السر)، حيث إنها تقوم بضرب استقلاليتهم”.
وأكّد أنّ “الرقابة الإسرائيلية وعبر سلوكها، تساعد تجار السلاح في إسرائيل وتساهم بشكل مباشر في إفساد معايير الأخلاق والفساد وحتى في تجاوز القانون، حيث إنّه لا توجد أيّ صفقة سلاح مع ديكتاتور أوْ مع حكومة إشكالية بدون أنْ تكتنفها الرشوة”، على حدّ تعبيره.
أمّا أهداف إسرائيل في أفريقيا، بحسب المصادر الرفيعة في تل أبيب فهي كالتالي: تأمين الجالية اليهوديّة المتواجدة بالقارة، ورغم أنّ أرقام الجالية اليهودية في أفريقيا ليست كبيرةً، إلّا أنّها تُمثل مركزًا للقوّة والنفوذ، خاصّةً وأنّ الدول الأفريقية تتسّم بهشاشة البنيان المؤسسيّ والاجتماعيّ، وتمثل الجالية اليهودية أحد القنوات الهامة التي تعتمد عليها إسرائيل في التغلغل في القارة، تطويق الوطن العربيّ، وتهديد أمنه القوميّ عن طريق السيطرة على المنافذ الجنوبيّة للبحر الأحمر، ونزع الصفة العربيّة، ضمان التفوق العسكريّ والاستراتيجيّ الإسرائيليّ المطلق عبر التحكم في النقاط الإستراتيجيّة الهامّة التي تحيط بالوطن العربيّ، وذلك لجعل دوله تحت رحمة التهديد بالحصار والعدوان.
بالإضافة لذلك، توظيف التغلغل الإسرائيليّ في القارّة لصالح التكامل مع الخطط الأمريكيّة، وإفهام واشنطن أنّ رأس حربتها الإستراتيجية في أفريقيا هي إسرائيل، وأيضًا، الحصول على المواد الخام الإستراتيجية مثل اليورانيوم (الذي تستخدمه إسرائيل، بحسب المصادر الأجنبيّة، في صنع القنابل النوويّة الإسرائيليّة) والكوبالت والذهب والألماس وتمثل هذه المواد جزءً هامًا من التجارة الإسرائيلية.
والهدف الإسرائيليّ الأخير من التغلغل بإفريقيا هو منع انتشار الإسلام في القارّة السمراء وإجهاض الحركات والأنظمة ذات التوجه الإسلاميّ، وكان النظام السياسيّ السودانيّ السابِق مصدر خطر على النفوذ الإسرائيليّ والأمريكيّ في القارة، إذ ترى إسرائيل أنّ وجود نظام ذي توجه إسلاميّ في السودان يعني تهديد خطوط الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية