ماذا عن الخريف !!
خاص بموقع ( بوابـة الشـرق الأوسـط الجديـدة )
” الخريف هو ربيع ثانٍ حين تكون كل ورقة زهرة ” ألبير كامو
الخريف !! ذلك الفصل الوسطي الذي يحمل معه من الصيف آخره ومن الشتاء أوله ؛ ذلك الفصل الذي تعلوه سمة الهدوء بعد صيف صاخب ؛ هدوء وسكون شبهه البعض بمرحلة موت في الطبيعة ، لكني أقول هو هدوء نعم لكنه هدوء من يأخذ نفسٌ عميق ليعيد الرونق إلى حياته … !!
هدوء الأنفاس الأخيرة التي تأذن بولادة جديدة ، هدوء الغيوم القاتمة قبل نزول الغيث الوفير .
اِنظر و تأمّل وتعلّم وستجد أن الله عزوجل خلق لنا أمثلة كثيرة لكي نحذو حذوها ؛ وهاهو أحدها قد أطل علينا ؛ إنّه الخريف وفيه يتخلى الشجر عن كل أوراقه الصفراء اليابسة ليس عن عبث وليس تهوراً لا أبداً بل على العكس فعندما تسقط تلك الأوراق فإن مسام الشجر يتفتح ويتهيأ لنمو براعم جديدة خضراء ومثمرة فيما بعد ..
آما آن الآوان لكي تتخلى عن أوراقك الصفراء التي أثقلت كاهلك ؟؟
ستسألني مثل ماذا وهاك الجواب ….
إنّها عادات سيئة تقوم بممارستها ومازلت تتمسك بها ؛ إنّها أفكار بالية سلبية مازلت مسجون داخلها ؛ إنّهم أشخاص عبثيون يرافقونك ويحيلون حياتك إلى لهو وعبث ومازلت معهم !! إنّه جهل مدقع ومازلت تقبع في غياباته.
إنها تجارب فاشلة ما زلت محصور في ماضيها و آلامها !! إنها إنها …إلخ
ومهما عدّدنا فسوف نجد الكثير من الأوراق الصفراء اليابسة في حياتنا والتي آن الآوان أن نتخلى عنها.
ولكن هل نلقيها في سلة المهملات جميعها ثم نمضي ؟؟
بالتأكيد لا ؛ حتى الشجر عندما يلقي بأوراقه اليابسة تلك يجعل منها وقوداً وسماداً لدورة حياة جديدة.
أحد مبادئي الرائعة والذي أغنى حياتي بالكثير هو : ( من لم يتجدد يتبدد ).
نعم يتبدد ؛ وتنتهي دورة حياته ولو كان على قيد الحياة فهو كالميت سريرياً شهيق وزفير لكنه لايعي كل ماحوله !!!
الآن ودون أي تأجيل تخلّى عن كل ما يثقل كاهلك ويمنعك من التحرك والتقدم نحو الأمام .. تخلّى عن كل تلك القيود التي تقيّد وتشل حركتك.
حدد ما هي أوراقك الصفراء اليابسة ثم قرر التخلي عنها بحيث تكون وقوداً لانطلاقة نحو حياة جديدة !!
اِنظر إلى تلك الأشجار لم تخشَ صقيع الشتاء عندما تخلت عن أوراقها الصفراء اليابسة بل بيقين أن الربيع قادم لامحالة تجرأت وألقت كل مايبس وجف.
قلقلك ، مخاوفك ،عاداتك السيئة ، تعلقاتك وذكرياتك المؤلمة ،… إلخ أنت أحلتها إلى حقائق فنمت كما تنمو الطفيليات التي تقتل الحيوية وتمنعنا من التجدد والتقدم ؛ تمنعنا من استقبال ربيع زاهر مثمر وهو ماندعوه : ( المستقبل ) .
وختاماً أقول لك :
ألق عن ظهرك أحمالك الثقيلة وامضِ ؛ فليست حركة عقارب الساعة هي التي تجدد الحياة بل هي الحركة في عقلك ..
هي أوراق صفراء تسد مسامات العقل ؛ أزلها واسمح لعقلك أن يُولد من جديد !!
يقول هارولد ويلسون : ” كل من يتوقف عن التجدد مآله الإضمحلال والمؤسسات البشرية الوحيدة التي ترفض التطور والتجدد هي المقابر”.
كن على يقين أنه مامن ورقة يابسة صفراء ستتخلى عنها إلا وسينبت بدلاً عنها براعم خضراء ومن ثم ثمر في ربيع قادم لامحالة.
لكم مني أطيب الأماني.
* مدربة تنمية بشرية
www.facebook.com/Lena.Mhd.Matteet