ماذا وراء التحرّك العسكري السوري حول «M4»؟
ماذا وراء التحرّك العسكري السوري حول «M4»؟… بينما يشكّل الانسحاب التركي من الأراضي السورية «المدخل الوحيد»، بالنسبة لدمشق، لعودة العلاقات مع أنقرة، وهو ما أعادت الأولى تأكيده، اليوم، على هامش اجتماعات الجولة العشرين لمسار «أستانا»، أقرنت الحكومة المسار الديبلوماسي بتحرك عسكري، عبر استقدام تعزيزات كبيرة إلى المحاور الشمالية. وتوجّه القسم الأكبر من تلك التعزيزات إلى محاور ريف حلب، التي شهدت خلال الأسبوعين الماضيين تصعيداً لافتاً من قِبَل فصائل «الجيش الوطني» التابع لأنقرة شمالاً، ومن تنظيم «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) على المحور الغربي.
وفي حين تباينت تقديرات المتابعين والمحللين العسكريين حول أسباب التعزيزات الجديدة، يوضح مصدر أمني سوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن هدفها الرئيس يتمحور حول التحضير لبدء عملية استعادة السيطرة على طريق حلب ـــ اللاذقية الدولي «M4»، وإعادة فتحه وتأمينه عبر عمل عسكري مباشر ينطلق من مدينة سراقب الواقعة على طريق عام حلب ـــ دمشق الدولي، مروراً بسهل الغاب، ووصولاً إلى جبال اللاذقية. ويضيف المصدر أن هذا التحرّك يأتي في ظلّ استمرار مماطلة تركيا في تطبيق مخرجات اتفاق «أستانا»، التي تُلزمها بإبعاد الفصائل المتشدّدة المتمركزة في ريف إدلب عن جانبَي الطريق بمسافة أمان تبلغ 6 كيلومترات.
ووفق معلومات «الأخبار»، فإن التعزيزات العسكرية شملت قوات «اللواء 105» التابعة للحرس الجمهوري، والتي تضمّ جنوداً مدربين على مختلف «التكتيكات» العسكرية، بما فيها حرب الشوارع وتنفيذ عمليات الاقتحام الدقيقة، إضافة إلى المهام الدفاعية المتعلقة بمنع عمليات التسلل وصد الهجمات. كما تضمّنت التعزيزات، التي وُزّعت على مختلف محاور وخطوط التماس في ريفَي حلب وإدلب، عدداً كبيراً من الدبابات والآليات الحربية المتطورة، وكميات كبيرة من الأسلحة والعتاد، والذخائر الحربية المتنوعة.
من جهتها، توضح مصادر ميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «أيّ عمل عسكري ينفّذه الجيش في اتجاه الفصائل المتشددة المتمركزة على طريق (M4)، سيتوازى مع تصعيد عنيف من قِبل هيئة تحرير الشام»، بهدف «فتح جبهات إشغال واسعة النطاق، وتشتيت قوات الجيش السوري ما بين الهجوم في إدلب، والدفاع في حلب، بحيث تكون خاصرة حلب الغربية المتداخلة مع ريف إدلب، المحور الرئيس لهجمات الهيئة، التي ستسعى بكل ما تمتلكه من زخم عسكري إلى التقدم مجدداً نحو مدينة حلب»، التي هدّد زعيم «تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، قبل نحو ثلاثة أسابيع، بأنه «لم يبقَ سوى القليل على وصول تنظيمه إلى حلب»؛ ومن هنا، تَبرز أهمّية تأمين جبهات حلب، الغربية منها على وجه التحديد، بالنسبة للجيش السوري. وعلى المحور الشمالي أيضاً، تشير المصادر إلى أن التعزيزات تهدف كذلك إلى كبح «الهجمات المحتمل تنفيذها من قبل فصائل الوطني نحو مناطق انتشار الجيش السوري»، والتي «تندرج ضمن قائمة التوقعات، على رغم ضآلة احتمال حدوثها»، مضيفةً أن لـ«مسألة ضبط الجبهات وتثبيت خطوط النار في مثلث عفرين – أعزاز – تل رفعت، وعلى جبهات ريف منطقة منبج التي تُسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، نصيبٌ من الأهداف الاستراتيجية للجيش السوري، وخاصة بعد التصعيد التركي العنيف الذي شهدته تلك المحاور في الآونة الأخيرة».
إلى ذلك، أفادت مصادر «الأخبار» بحصيلة التصعيد الأخير الذي شهدته مناطق شمال حلب، مشيرة إلى أن 9 مدنيين أصيبوا بجروح بليغة، واحترق ما يزيد عن 40 هكتاراً من الأراضي الزراعية، إضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بمنازل وممتلكات المدنيين، جراء القذائف والصواريخ التي أطلقتها القوات التركية في الأسبوعين الماضيين نحو المناطق المجاورة لمناطق سيطرتها في ريف حلب الشمالي، وخاصة نحو مدينة تل رفعت والقرى المجاورة لها. وفي المقابل، تعرّضت قاعدتان عسكريتان تركيتان، هما «كلجبرين» و«البحوث»، لقصف صاروخي نفّذته «قسد»، أفضى بالنتيجة إلى أضرار مادية لحقت بأجزاء واسعة من القاعدتين.